كشف الدكتور علي عشقي أستاذ علم البيئة عن مسببات هطول الأمطار الغزيرة على سلطنة عُمان والإمارات العربية، وقال: إن العالم يرى تغيرًا واضحًا، لا أقول تغيرًا في المناخ، فالتغير في المناخ موجود في كوكبنا الأزرق منذ خلق الله الأرض وما عليها، ولكن الأصح في القول هو التغير في نمطية المناخ، فالتغير في نمطية المناخ يحدث وفق دورات ثابتة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالتغيرات التي تحدث على سطح الشمس.
وأضاف: أعني بذلك الاختلاف في أنشطة الشمس، أي حجم الانفجارات التي تحدث على سطح الشمس والتي يستدل عليها بعدد بقع الشمس التي تظهر من فترة إلى أخرى والتي اكتشفها العالم الإيطالي جاليليو في القرن السادس عشر، والبقع الشمسية في دورات منتظمة كل 11 عامًا تقريبًا، زيادة عدد البقع الشمسية يعني بالضرورة نشاطًا ملحوظًا على سطح الشمس يطلق عليه اسم Solar Maximum ( دورة شمسية حارة) وعبارة عن انفجارات الكترومغنطيسية Electromagnetic wave ينتج عنها الرياح الشمسية Solar Winds التي تصل سرعتها لنحو تسعمائة كيلو متر في الثانية (900 km/s) ودرجة حرارتها يصل إلى مليون درجة مئوية وتكون هذه الرياح الشمسية من جسيمات تحت ذرية مل البوتونات والالكتونات وأشعة ألفا وجاما.
وقال: نشكر الله عز وجل الذي خلق الدرع المغناطيسي للأرض الذي يحميها من هذه الرياح الحارقة، ومن جهة أخرى انخفاض عدد البقع الشمسي على سطح الشمس يعني بالضرورة انخفاض واضح في الشمس يطلق عليه Solar Minimum ( دورة شمسية باردة) التناوب بين الدورات الشمسية الباردة والحارة يستقر نحو 11 عامًا وقد تمتد فترات هذه الدورات لأكثر من 30 عامًا مثل الدورة الشمسية الباردة الحالية التي يمر بها كوكبنا الآن.
وأشار إلى أنه في الدورات الشمسية الباردة تنخفض درجات الحرارة في الدائرة القطبية الشمالية، وهذا الانخفاض في درجة الحرارة يرفع من قيم اختلاف الضغط شمال وجنوب التيار النفاث Jet Stream وتيار الرياح النفاثة يعرف على أنه تيار من الرياح النفاثة يتجه من الغرب إلى الشرق وتبلغ سرعته نحو 500 كيلو متر في الساعة ويوجد أسفل الدائرة القطبية.
وذكر أن ارتفاع الضغط في الدائرة القطبية بسبب انخفاض درجة الحرارة (هذه من الأمور التي تميز الدورات الباردة) يضغط على التيار النفاث، الأمر الذي يجعل التيار النفاث يتجه جنوبًا في خط متعرج Meandering يتكون من مجموعة من التقعرات والتحدبات وذلك لتفاوت درجات الضغط الجوي على جانبي التيار النفاث التقعرات عادة ما تعمل على شحب الهواء البارد من الشمال وهي رياح جافة وغير ممطرة، بعكس التحدبات التي عادة ما تسحب الهواء الدافئ المحمل ببخار الماء من المناطق الاستوائية وتحت الاستوائية، وهذا هو السبب في هطول الأمطار الغزيرة على الإمارات وسلطنة عمان.
وبيّن "عشقي" أن من العوامل المساعدة أيضًا التي ساعدت في غزارة هطول الأمطار هو ما يعرف بمؤشر Idex وهو وصف لدرجات حرارة المياه السطحية على طول خط الاستواء في حوض المحيط الهندي، تتراوح قيمة هذا المؤشر ما بين سالب 1.5- إلى موجب + 2 وقيمة الصفر قيمة متعادلة، فإذا كانت هذه القيمة موجبة فهذا يعنى ارتفاع درجة حرارة المياه السطحية في غرب حوض المحيط الهندي وبحر العرب وهذا الأمر ساعد في درجة التبخر وزيادة كمية بخار الماء في الجو فساعد ذلك في زيادة هطول الأمطار على الإمارات العربية وسلطنة عمان.
وأوضح أنه من العوامل المساعدة في هطول الأمطار الغزيرة على الإمارات وسلطنة عمان وهو التقدم الفصلي للشريط الاستوائي المطير Intertropical Convergence Zone (INTCZ) شمالي حتى شمال بحر العرب وجنوب جزيرة العرب، هذا الأمر تسبب في زيادة بخار الماء في الجو وأسهم بلا شك في شدة هطول الأمطار على الإمارات وسلطنة عمان.
وأضاف أنه من العوامل أيضًا المساعدة في غزارة هطول الأمطار شدة رياح الشمال التي بتصادمها مع الرياح الجنوبية المحملة ببخار الماء القادمة من بحر العرب أدى إلى تسارع واضح وسريع في ارتفاع الرياح الدافئة إلى الصعود بسرعة كبيرة في طبقة التروبو سفير Troposphere الذي ترتفع إلى أكثر من عشرة كيلو مترات (عشرة آلاف متر) سرعة صعود إلى طبقات الجو العليا تسبب في أمرين، الأمر الأول هو خلق منطقة ضغط منخفض في كل من الإمارات والرياح الذي تسبب في سرعة قوية للريح قد تصل لمستوى الأعصار Tornado أما الأمر الآخر هو الهطول الشديد والسريع للأمطار.
وأضاف أن الدورة الشمسية الباردة رقم 25 ستظل معنا لفترات زمنية طويلة لا تقل عن 20 عامًا، فهل أعددنا العدة للتغير النمطي للمناخ فوق جزيرة العرب؟