في إطار خططها الطموحة والواعدة لتحديث هياكل الدولة، وفي واحدة من مشاريعها العملاقة، التي أطلقتها في السنوات الأخيرة انطلاقاً من "رؤية 2030"، وضعت الحكومة السعودية اللبنة الأولى لإنشاء مشروع المدينة الإعلامية، الذي يتسع لأكثر من ألف منشأة، والذي وقع الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود وزير الثقافة، اليوم الثلاثاء، ثلاث اتفاقيات ومذكرة تفاهم في المجالات الثقافية والإعلامية والتقنية؛ للانطلاق في تشييده.
والمشروع بحجمه وإمكاناته يعد المعادل الإعلامي لما تتمتع به المملكة من ثقل سياسي واقتصادي وديني في العالم، كما يشكل ولتلك الاعتبارات واحداً من التحديات التي استجابت لها المملكة؛ لاستكمال أدوارها التأثيرية وقواها الناعمة في المنطقة والعالم.
وتحقيقاً لضرورة أن يعبر مشروع المدينة الإعلامية عن ثقل المملكة ومكانتها، فقد روعي في تخطيطه أن يشمل كل المجالات، التي تؤثر بشكل مباشر على صناعة الإعلام حالياً ومستقبلاً، وبناء عليه سيوفر المشروع كل الأدوات والوسائل المطلوبة لتلك الصناعة على مستويات النشر والبودكاست والأفلام، ووسائل التواصل الاجتماعي، والإعلان الرقمي والتعليم الرقمي والواقع المعزّز وتطوير المحتوى، والتصوير والتصميم والأزياء والصحف والمجلات والإذاعات والمحطات التلفزيونية، بما يجعل من المشروع وجهة متميزة عالمياً تليق بمكانة السعودية.
ومن الضروري الإشارة إلى أن المدينة الإعلامية لن تكون وجهة مميزة فحسب، بل وجهة إبداعية تبعث على الإبداع وتوفر إمكاناته للراغبين على مستوى العالم؛ إذ إنها ستتأسس بناءً على معايير تتيح الانفتاح اللغوي والثقافي على العالم بإتاحتها العمل بعدة لغات، كما ستوفر إمكانات تقنية تجعلها مركزاً ريادياً في العالم، وبذلك تكون المدينة الإعلامية قد حققت في مكوناتها ومعطياتها الإعلامية ما يجعلها جديرة بأن تصبح واجهة مميزة في التعبير عن السعودية، وتجسيداً خلاقاً لتجاوب السعودية للتحدي الذي كان مفروضاً عليها بإنشاء صرح إعلامي يتوازى مع ثقلها وإمكاناتها الاستراتيجية المتنوعة.
ورغم كفاية السبب السابق بالنسبة للسعودية للمضي قدماً في إنشاء هذا المشروع العملاق، فإن هناك سبباً حيوياً آخر يدعوها لتشييده، يتمثل في استثمار الإمكانات المتوفرة لديها في تعزيز مصادر قوتها، فكما أوضح وزير الثقافة فإن السعوديين يعدون من أكبر المستهلكين للمنصات الإعلامية الرقمية، ويشكل السعوديون وحدهم أكثر من 40 في المائة من مستخدمي "تويتر" في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كما يسجل موقع "يوتيوب" مشاهدات مرتفعة جداً في المملكة، وتعد السعودية من أكبر الأسواق العالمية لـتطبيق "سناب شات"، ومن الطبيعي الاستفادة من هذه الإمكانات، وتوفير مجال لممارستها إبداعياً، وهذا ما يوفره مشروع المدينة الإعلامية.