عكست تهنئة خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده، للرئيس الأمريكي الجديد جوزيف بايدن، العلاقات الصلبة بين الرياض وواشنطن رغم تعاقب الرؤساء واختلاف مواقفهم تجاه قضايا الشرق الأوسط والمنطقة العربية؛ حيث المصالح العليا التي تجمع الحليفين أكبر بكثير مما يُروج له بعض الأعداء الواهمين، فالشواهد التاريخية تثبت أن الإدارات الأمريكية السابقة تدرك وتعي دور الرياض كلاعب رئيس في المنطقة التي تعصف بها الاضطرابات والتحديات وحالة عدم الاستقرار مع مد إيراني موغل بالدماء وتهور تركي قائم على أطماع نفطية وتوسعية؛ وسط صداقة استراتيجية للبلدين مر عليها ٧٥ عاماً تفتر مرات وتشتد مرات أخرى؛ لكن جوهرها ليس من سيفوز الحزب الجمهوري أو الديموقراطي؛ بل عمقها وقاعدتها تقوم على الشراكة المصيرية.
الحليف الأمريكي يعرف أهمية السعودية كركيزة أساسية للوطن العربي وقبلة المسلمين ولها خبرات طويلة في مواجهة جماعات التطرف داخل الجغرافيا السعودية وامتدت الجهود لإحباط مشاريع تخريبية في دول أخرى، فالعمل بين الجانبين في ملفات الإرهاب ووكلاء إيران وأذرعها العسكرية قائم ومشاهد لأنها أعمال تقلق الشريكين.
وعند العودة للوراء تقرأ ما يدحض كل ما يردده إعلام الإخوان ومن يسبح في ذات الفلك ظانين أن علاقات الحليفين التاريخية قائمة على المصالح التجارية والبترول وهذا لا شك تحليل سطحي يفتقد الموضوعية؛ بل هي شاملة وعامة استخباراتياً وعسكرياً، حتى إن عمل بعض الرؤساء الأمريكيين ضد مصالح المملكة فتبقى الخطوط العريضة بينهما متقاربة، كما بمقدور السعودية حماية مصالحها والعمل مع أي رئيس جديد وصياغة تفاهمات وتقريب وجهات النظر.
فلا يمكن لأي إدارة أمريكية العمل دون مشاركة سعودية والأخيرة بالمثل، فالتقاطعات كثيرة ومناطق الاتفاق أكثر من الاختلاف وإن تغير المناخ الجيوسياسي واللاعبون على الأرض.
والرئيس الجديد هو ابن هذا الميدان، وهو السياسي المخضرم من أمضى نصف عمره في دهاليز السياسة الخارجية الأمريكية ويعرف الأخطار، فسيكون قادراً على حلحلة الملفات بالغة التعقيد بالعمل مع الشركاء استناداً للعلاقة الوثيقة.