دشَّن مجلس الوزراء السعودي اليوم قرارًا في غاية الأهمية؛ وذلك بموافقته على (السياسة الوطنية لبرنامج الطاقة الذرية).
وهو القرار الذي يجب أن ينال ما يليق به إيجابًا وتعزيزًا للجانب السلمي الكبير فيه، خاصة أن المملكة العربية السعودية أكدت من خلال إقرار هيئة تنظيم الرقابة النووية بشكل موازٍ التزامها بالقرارات الدولية في ذلك. وكذلك لكون القرار المهم تحقيقًا لمسار متميز، وعدت به رؤية السعودية 2030م؛ وهو ما يعني أن السعودية تسير بخطى واثقة، ومن خلال أقوى الملفات لتعزيز مستقبل أجيالها، في ظل مهددات الطاقة التقليدية.
الطموح السعودي المشروع نحو الطاقة النووية المتجددة السلمية مرَّ بمحطات عديدة قبل أن تنجح الرؤية السعودية 2030 على يد مهندسها ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، في بلورته في صورته الحالية، ووضع خطط تقدم تنفيذه؛ لتبرز ملامحها الأكبر بنهاية 2018م.
حراك
ومن أبرز المحطات:
في التسعينيات كان للسعودية تفاهمات سلمية وودية حول هذا الملف مع شركاء، مثل باكستان والصين؛ لتطوير واستخدام الطاقة الذرية للأغراض السلمية.
توقيع مذكرة تفاهم بين السعودية وأمريكا في (2008م)؛ لبناء برنامج نووي مدني سلمي.
في عام 2009 صدر مرسوم ملكي سعودي، جاء فيه أن "تطوير الطاقة الذرية يعد أمرًا أساسيًّا لتلبية المتطلبات المتزايدة للمملكة للحصول على الطاقة اللازمة لتوليد الكهرباء، وإنتاج المياه المحلاة، وتقليل الاعتماد على استهلاك الموارد الهيدروكربونية".
وفي عام 2011 تم إعلان خطط لإنشاء ستة عشر مفاعلاً للطاقة النووية على مدى العشرين عامًا المقبلة بتكلفة تبلغ أكثر من 80 مليار دولار. وستقوم هذه المفاعلات بتوليد ما يقرب من 20 في المائة من الكهرباء في السعودية، بينما كانت ستخصص المفاعلات الأخرى الأصغر حجمًا وطاقة لتحلية المياه.
في 2015م وقَّعت السعودية وكوريا الجنوبية في الرياض اتفاقية لبناء مفاعلَين نوويَّين للأغراض السلمية بقيمة مليارَيْن، ومدتها عشرون سنة، تشمل التدريب. جاء ذلك بعد جهود قادتها مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والطاقة المتجددة، واستمرت أكثر من أربع سنوات؛ إذ كانت البداية في العام 2011 عندما وُقّعت اتفاقية مشتركة بين البلدَين في مجال تطوير وتطبيق الطاقة النووية، ثم التوقيع في العام 2013 على مذكرة تفاهم مع معهد الأبحاث الكوري للطاقة الذرية للتعاون في المجالات البحثية، وما يتطلب للسعودية من بنية تحتية للمفاعلات البحثية، إلى أن جاءت اتفاقية 3 مارس 2015؛ لتكون تتويجًا ونجاحًا لهذه الجهود.
في 2015 أيضًا قام وزير الدفاع السعودي ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، بزيارة فلاديمير بوتين رئيس جمهورية روسيا، وتم الاتفاق على بناء 16 مفاعلاً نوويًّا للأغراض السلمية، وسيكون لروسيا الدور الأبرز في تشغيل تلك المفاعلات. وقامت السعودية وروسيا بتوقيع اتفاقية تعاون في مجال الاستخدام السلمي للطاقة النووية.
وخلال الفترة من 2015 إلى الآن كان للمملكة تحركات، سواء من خلال مدينة الملك عبدالله للطاقة المتجددة، أو مسارات أخرى؛ لتعزيز هذا الجانب، خاصة مع تزايد أهمية ذلك في ظل الإصلاحات الكبيرة، والعمل على تفادي انخفاض الطاقة التقليدية.
مصدر مهم
في سبتمبر 2017 أكد رئيس (مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة)، الدكتور هاشم يماني، أن رؤية المملكة العربية السعودية 2030 تعد الطاقة الذرية مصدرًا مهمًّا لدعم الاستقرار والنمو المستدام في أنحاء العالم كافة.
وبيّن خلال رئاسته وفد السعودية في الدورة الـ61 للمؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية المنعقد بالعاصمة النمساوية فيينا أن رؤية السعودية 2030 تنظر فيها إلى العديد من التطبيقات السلمية التي تساعد المجتمعات في التنمية والتطور في مجالات مختلفة، مشيرًا إلى أن السعودية تحرص دومًا على اتخاذ خطوات مدروسة لضمان نجاح البرنامج الوطني للطاقة الذرية، وفق أفضل المعايير الدولية.
هذا، فيما ذكر تقرير لـ"رويترز" أن السعودية تقدمت بطلب للوكالة الدولية للطاقة الذرية لإجراء مراجعة للبنية التحتية النووية للمملكة في الربع الثاني من 2018؛ وهو ما سيسمح للوكالة بتقييم الجهود لإعداد البنية التحتية السعودية لبدء توليد الطاقة النووية للأغراض السلمية.
وعلى خط مواز، كانت السعودية – وما زالت - شفافة دومًا في خيارها؛ إذ سبق أن كشفت عن سعيها إلى تطوير برامج متقدمة، تهدف إلى إدخال الطاقة النووية السلمية في مزيج الطاقة عبر برنامج وطني شامل لاستخدام الطاقة النووية في مجال توليد الكهرباء وتحلية المياه ومجالات طبية، وذلك باتباع أعلى المعايير في الأمان والشفافية للتعاون على المستوى الدولي. لافتًا إلى "اعتماد إنشاء مشروع وطني باسم المشروع الوطني للطاقة الذرية في السعودية، يتكون من مكونات وعناصر تسهم في تحقيق التنمية المستدامة المنشودة".