
أعلن كبار منتجي "أوبك+" الأحد الماضي (2 إبريل 2023م) خفضًا طوعيًّا في إنتاج النفط بأكثر من 1.65 مليون برميل يوميًّا، بدءًا من مطلع مايو القادم إلى نهاية 2023م؛ إذ أعلنت المملكة العربية السعودية وكبار منتجي النفط في تحالف "أوبك+"، مثل روسيا والعراق والإمارات والكويت وكازاخستان والجزائر وسلطنة عمان، إضافة إلى الغابون، تخفيضًا طوعيًّا في إنتاج النفط بواقع إجمالي 1.657 مليون برميل يوميًّا بداية من مطلع شهر مايو المقبل إلى نهاية 2023. وبلغت حصة السعودية وروسيا من الخفض الطوعي 500 ألف برميل يوميًّا لكل منهما.
معطيات فنية
وتعليقًا على أبعاد ذلك القرار قال الكاتب الاقتصادي، د. بندر الجعيد، لـ"سبق": "هذا القرار لدول أوبك بلس يحفِّز استمرار الإمداد لأسواق الطاقة. القرار الطوعي للدول الأعضاء في أوبك بلس بخفض الإنتاج بمجموع ١.٦ مليون برميل يوميًّا بدءًا من الأول من مايو ٢٠٢٣م قرارٌ احترازي، ومبنيٌّ على المعطيات الفنية لأسواق الطاقة العالمية، ومدى تأثرها بالظروف الاقتصادية العالمية. وعلى الرغم من وجود توقعات لبعض المحللين والخبراء بضرورة تدخُّل أوبك بلس إلا أن التدخل لم يكن متوقعًا بهذه السرعة والاستباقية، وبشكل مفاجئ".
وأضاف د. الجعيد: "وحول الدوافع هناك عوامل وأسباب عدة، يمكن تصنيفها كدوافع لاتخاذ القرار. أولاً استمرار حالة عدم اليقين التي يعيشها الاقتصاد العالمي مدعومة بمستويات التضخم في أمريكا وأوروبا ودول عدة، وكذلك استمرار الأزمة الروسية-الأوكرانية، وآثارها، وخصوصًا في مجال العقوبات الأمريكية والأوروبية المفروضة على جمهورية روسيا".
مخاوف في محلها
واعتبر د. الجعيد أن من الدوافع أيضًا النظر بالاعتبار للمخاوف من حدوث ركود اقتصادي في الولايات المتحدة بداية من الربع الثالث لعام ٢٠٢٣م. وهذه المخاوف ارتفعت مع حدوث المشكلات في البنوك الأمريكية المحلية والإقليمية، وامتداد آثارها لبعض البنوك خارج الولايات المتحدة. كما يمكن أيضًا النظر بأهمية بالغة إلى أن الرفع المتسارع لسعر الفائدة من قِبل البنك الفيدرالي، والآثار المتوقعة له في سوق العمل الأمريكي، وارتفاع تكلفة التمويل، محفِّز آخر لاتجاه أمريكا نحو ركود إذا لم تتغير الآليات، ويتم إعادة النظر في استراتيجية البنك الفيدرالي الأمريكي للتعامل مع التضخم ومستهدفات الخفض المحددة سلفًا.
استقرار الأسواق
وأشار الكاتب المتخصص إلى أنه "يجب علينا ألا نغفل دور تحالف أوبك بلس منذ ٢٠١٦م في استقرار أسواق الطاقة، واستمرار إمداد العالم بالاحتياجات الضرورية، والحذر من أي تقلبات اقتصادية في الأسواق. وهناك لجان عدة في أوبك تعمل على مراقبة السوق فنيًّا".
ورأى د. الجعيد أنه يجب مراجعة دور السحب من المخزون الاستراتيجي النفطي الأمريكي خلال الفترة الماضية، وزيادة المعروض في أسواق الطاقة؛ الأمر الذي يحتاج لإعادة نظر من قِبلهم للمحافظة على استقرار الأسواق والأسعار، وتخفيف وطأة التقلبات السعرية الحادة، ومراعاة الموازنة بين مصالح المنتجين والمستهلكين للطاقة.
إجراء احترازي
وفي خلفيات الحدث فقد سبق أن صرح مصدر مسؤول في وزارة الطاقة السعودية في وقت سابق -وفقًا لـ(واس)- بأن ذلك يأتي في إطار التعاون بين أعضاء المنظمة، ويضاف إلى تخفيض الإنتاج الذي اتُّفق عليه في الاجتماع الوزاري الثالث والثلاثين للدول الأعضاء في منظمة أوبك والدول المنتجة من خارجها (أوبك+)، الذي عُقد في الخامس من أكتوبر 2022م. مشيرًا إلى أن تلك الخطوة تأتي في إطار إجراء احترازي، يهدف إلى دعم استقرار أسواق البترول.
تعليق أمريكي وارتفاع للأسعار دوليًّا
من جانبه، علق المتحدث باسم البيت الأبيض حول ذلك قائلاً: "نعتقد أن الخفض الطوعي في إنتاج النفط الذي أعلنه عدد من أوبك بلس الأحد غير مستحسن حاليًا بسبب حالة عدم اليقين في الأسواق. نحن نركز على أسعار المستهلكين الأمريكيين، وليس البراميل. سنواصل العمل مع جميع المنتجين والمستهلكين لضمان دعم أسواق الطاقة للنمو الاقتصادي، وانخفاض الأسعار للمستهلكين الأمريكيين".
هذا، فيما نقلت وكالة رويترز أن القرار أعقبه ارتفاع في الأسعار مسجلاً يوم الاثنين أعلى معدل ارتفاع يومي منذ عام. وذكرت تقارير اقتصادية أن سياسة الإنتاج الحالية لأوبك بلس، التي بدأ تطبيقها في نوفمبر، تتمثل في خفض سقف إنتاج النفط بـمليونَي برميل يوميًّا، وهذا يأتي إضافة للخفض الناتج من الخفض الطوعي الجديد.