عَقِبَ ذلك تجوّل خادم الحرمين الشريفين في مستشفى الملك عبدالله التخصصي للأطفال والتقى -حفظه الله- الأطفال المنومين في وحدة العناية الخاصة؛ مطمئناً على صحتهم والرعاية الطبية المقدمة لهم.
كما اطلع -رعاه الله- على قسم الطوارئ، والتقى الاستشاريين في المستشفى.
عَقِبَ ذلك، توجه خادم الحرمين الشريفين إلى مبنى جامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية، وبعد أن أخذ -أيده الله- مكانه في المنصة الرئيسة، بُدِئَ الحفل المُعَدّ بهذه المناسبة، بتلاوة آيات من الذكر الحكيم.
ثم ألقى الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز -وزير الحرس الوطني- كلمة رحّب فيها بخادم الحرمين الشريفين، وأصحاب السمو الأمراء، وأصحاب الفضيلة والمعالي. وقال: "إنه لَيوم من أيامنا المجيدة المشهودة، وإنها لسعادة كبيرة وفرحة غامرة أن نتشرف بوجودكم بيننا في هذه المناسبة الغالية.. ويشرفني باسمي ونيابة عن إخواني وزملائي منسوبي وزارة الحرس الوطني، أن أرحّب بمَقْدَمكم الميمون.. فأهلاً وسهلاً ومرحباً بكم يا سيدي بين أبنائكم".
وعَدّ الوزير رعاية خادم الحرمين الشريفين لافتتاح المشروعات الطبية الجديدة بالشؤون الصحية بالحرس الوطني، امتداداً لاهتمامه -حفظه الله- بصحة المواطن وتنمية القطاع الصحي، وحرصه على الارتقاء بالخدمات الطبية في بلادنا الغالية، وهو تأكيد لما توليه حكومتنا الرشيدة -أيدها الله- من عناية بهذا الجانب الحيوي المهم، ودعم مستمر لكل ما يُعنى بصحة الإنسان وسلامته.
وقال: "قبل ما يربو على نصف قرن من الزمان، كان هذا المكان عبارة عن صحراء قاحلة لا وجود لمقومات الحياة فيها؛ لكن أخاكم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- بما حباه المولى عز وجل من نظرة ثاقبة ورؤية صائبة وعزيمة نافذة، رأى أن هذه الصحراء وهذه البقعة البعيدة آنذاك عن مدينة الرياض ستشهد ارتباطاً وعلاقة ثنائية فريدة من نوعها بين المكان والإنسان، عنوانها "الحرس الوطني"، وكان له بفضل الله وتوفيقه ما سعى إليه، وها نحن نرى هذه الصحراء القاحلة وقد تحولت إلى قوات عسكرية متكاملة بكافة منشآتها ومرافقها، ومُدن طبية، ومستشفيات، وجامعة، ومدن سكنية، وكليات، وها أنتم يا سيدي في ذات المكان تُكملون المسيرة المباركة التي يقودها سلمان الحزم والعزم والوفاء والعمل المخلص لرفعة الوطن وتقدمه ونمائه، تلك المسيرة التي قامت في أساسها على بناء الإنسان السعودي؛ كونه مرتكز التنمية ومحركها وباعث الحياة فيها".
وأكد وزير الحرس الوطني أن توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- بإنشاء عدد من المشاريع الصحية المتخصصة والمتميزة على مستوى المنطقة، جاءت لتقف هذه المشاريع المباركة المتمثلة في "مستشفى الملك عبدالله التخصصي للأطفال"، و"مركز الملك عبدالله العالمي للأبحاث الطبية" و"المختبر المركزي"، شواهد حِرصه -رحمه الله- على التنمية والتطوير والتقدم في المجالات الصحية؛ سائلاً الله أن يجعلها في موازين أعماله وحسناته.
وقال وزير الحرس: "وها أنتم اليوم يا سيدي، وعلى ذات النهج، تتلمسون احتياجات الوطن التنموية، واحتياجات المواطن الصحية على وجه الخصوص، وليسمح لي سيدي بالحديث عن كل مشروع بإيجاز؛ أولاً مستشفى الملك عبدالله التخصصي للأطفال الذي يُقَدّم خدمات صحية متخصصة وبالغة الدقة لفئة غالية علينا وهم الأطفال، اللبنة الأولى لمستقبل الوطن، وحجر الأساس، في صناعة الثروات الوطنية ونهضة الأمة، وتبلغ مساحة مستشفى الملك عبدالله التخصصي للأطفال بالرياض مائة واثنين وتسعين ألف متر مربع، بسعة استيعابية تصل إلى ستمائة سرير، ويتألف المستشفى من ثلاثة أبراج بارتفاع أحد عشر طابقاً، ويتميز المستشفى بتطبيق نظام معلوماتي صحي آلي متكامل بمعايير عالمية لتقديم حلول معلوماتية ترفع من مستوى الخدمات الصحية وتحقق سلامة المرضى بمستوى تقني عالي الكفاءة".
وأضاف قائلاً: "ثانياً مركز الملك عبدالله العالمي للأبحاث الطبية، الذي يهدف إلى أن يكون مرجعاً عالمياً للأبحاث الطبية التطبيقية في تخصصات العلوم الصحية، وسيتم من خلاله تطوير ودعم ونشر الأبحاث العلمية اللازمة لفهم واستيعاب المشكلات الصحية، وإيجاد حلول لها؛ عبر تطبيق الأبحاث الأساسية المتميزة على المستويات كافة، وأخيراً المختبر المركزي الذي يقع في مدينة الملك عبدالعزيز الطبية في الرياض، ويُعَدّ أحد أكبر مباني المختبرات القائمة بذاتها؛ حيث تم بناؤه على مساحة تبلغ عشرين ألف متر مربع، وبأحدث المواصفات والتقنيات العالمية".
وأكد أن هذه الإنجازات ما كانت لتتحقق إلا من خلال النظرة التطويرية الشمولية التي تنتهجها حكومتنا الرشيدة في الرؤية والتخطيط الاستراتيجي للمجال الصحي، وتبنتها الشؤون الصحية بوزارة الحرس الوطني منهاجاً لها في مواكبة التطورات الكبيرة والسريعة الحاصلة في الرعاية الصحية، ليس على مستوى الوطن فحسب؛ بل على مستوى العالم أجمع.
وأشار الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز إلى العديد من المشاريع الطبية المستقبلية المماثلة؛ منها مستشفى النساء والولادة بالرياض، ومركز طب وجراحة الأعصاب في كل من الرياض وجدة، ومستشفى الملك عبدالله التخصصي للأطفال بجدة، ومستشفى الملك عبدالله التخصصي بالقصيم، والمستشفى التخصصي بالطائف.
واستأذن الأمير متعب، خادم الحرمين الشريفين قائلاً: "يشرفني يا سيدي بهذه المناسبة أن أستأذن مقامكم الكريم بإطلاق اسمكم -حفظكم الله- على هذا المشروع؛ ليصبح "مستشفى الملك سلمان بن عبدالعزيز التخصصي للحرس الوطني بالطائف".
وأعرب الوزير باسمه ونيابة عن زملائه في الحرس الوطني كافة، عن أصدق عبارات الشكر والامتنان والثناء والعرفان لخادم الحرمين الشريفين، على ما غمره به برعايته حفل افتتاح هذه المشاريع الطبية؛ سائلاً الله عز وجل أن يحفظه، ويسدد على طريق الخير خطاه، وأن يُديم على بلادنا نعمة الأمن والاستقرار والرخاء؛ في ظل قيادته الرشيدة.
بعد ذلك شاهد خادم الحرمين الشريفين والحضور عرضاً مرئياً عن المشاريع الطبية.
ثم دشّن خادم الحرمين الشريفين، المشاريع الطبية؛ وهي: مستشفى الملك عبدالله التخصصي للأطفال، ومركز الملك عبدالله العالمي للأبحاث الطبية، والمختبر المركزي.
كما استلم خادم الحرمين الشريفين هدية عبارة عن مجسم للمشروعات.
وفي ختام الحفل عَزَف السلام الملكي، ثم غادر خادم الحرمين الشريفين مقر الحفل مُوَدّعاً بمثل ما استُقبل به من حفاوة وترحيب.
يُذكر أن مستشفى الملك عبدالله التخصصي للأطفال هو أول مستشفى متخصص في طب الأطفال في المملكة، بسعة استيعابية تصل إلى 552 سريراً، على مساحة 192.000 متراً مربعاً. ويتألف المستشفى من ثلاثة أبراج بارتفاع 11 طابقاً، تم تخصيص البرج الأول والثاني للأطفال؛ ليقدم رعاية طبية فائقة ومتميزة بأجنحة تنويم بسعة 364 سريراً بغُرَف مفردة؛ موزعة إلى: 40 سرير لغرف العناية المركزة، و48 سريراً لمرضى الأورام وزراعة نخاع العظم، و8 أسرّة للطب النفسي للأطفال، و4 أسرّة لحالات الحروق، والبرج الثالث للبالغين؛ حيث يضم مركز علاج الأورام بسعة 100 سرير بغرف مفردة، ومركز جراحة وزراعة الأعضاء بسعة 78 سريراً بغرف مفردة.
وتشترك الأبراج الثلاثة في المستشفى مع بعضها في الأدوار السفلية؛ لتضم عدة أقسام حيوية ووحدات علاجية، هي: قسم الطوارئ الذي تم تزويده بتقنية متطورة لإسعاف المصابين من الأطفال، وهو مؤلف من 57 غرفة فحص علاج، وقسم جراحة اليوم الواحد لإجراء العمليات الصغيرة، ويحتوي على 30 سريراً مع سبعة غُرَف خاصة بها وتحتوي 8 كراسي لسحب عينات الدم، وقسم العلاج الإشعاعي ويحتوي على 20 سريراً مزودة بأحدث التقنيات المتطورة لعلاج هذا النوع من الأمراض، و16 غرفة للعمليات الجراحية؛ مجهّزة بأحدث ما توصلت إليه تقنيات الطب الجراحي من معدات وأجهزة، و10 أسرّة للتخدير، و26 سريراً للبالغين والأطفال للتحضير قبل العملية وبعد الإفاقة، ومركز العيادات الخارجية التخصصية.
أما مركز الملك عبدالله العالمي للأبحاث الطبية فهو من المشروعات الرائدة في تطوير ودعم ونشر الأبحاث العلمية اللازمة؛ لفهم واستيعاب المشكلات الصحية، وإيجاد حلول لها، وإنشاء بنية بحثية إبداعية، مع الالتزام الكامل بالمعايير الأخلاقية الوطنية والعالمية، وللمركز فرعان في المنطقتين الشرقية والغربية.
ويضم المركز مختبرات ذات ثلاثة مستويات للسلامة الحيوية؛ منها: 55 مختبراً متعدد الاستخدام، و28 مختبراً، وغرف عمليات، وغرف أشعة، وبنك الحمض النووي، وبنك الأنسجة الجينية، وبنك الدم، وقاعدة البيانات، ومختبرات الأمصال، ومختبرات الجزئيات الدقيقة، ومختبر الكيمياء الحيوية والأحياء الدقيقة، ومختبر المناعة.
ومن أبرز الإنجازات التي تَحَقّقت في المركز: تأسيس بنك الخلايا الجذعية، الذي يؤدي دوراً أساسياً في فهم عوامل الأمراض وتطوير العلاج المناسب لكل مرض، ومن خلال البنك تم إنجاز مشروع السجل السعودي للمتبرعين بالخلايا الجذعية؛ بغرض إيجاد قاعدة بيانات بالمتبرعين للمرضى المحتاجين إلى زراعة الخلايا الجذعية، للعلاج من بعض الأمراض المستعصية (سرطانات الدم والأمراض الوراثية). وقد تم ربط السجل السعودي بالسجلات العالمية المتخصصة في الخلايا الجذعية في مختبرات مركز الملك عبدالله العالمي للأبحاث الطبية.
ويهدف المختبر المركزي بمدينة الملك عبدالعزيز الطبية بالرياض إلى توفير وتقديم التحاليل والخدمات المخبرية المرجعية الاستشارية، مع المحافظة على جودة التحاليل المخبرية؛ وفقاً لأعلى المعايير؛ من خلال برامج الاعتماد الدولية، وتقديم برامج تعليمية لتدريب للكوادر الوطنية في المجال.
ويخدم المختبر المركزي مدينة الملك عبدالعزيز الطبية في الرياض وجميع المرافق الصحية التابعة لوزارة الحرس الوطني في المملكة؛ من خلال توفير قائمة شاملة للتحاليل السريرية الروتينية والمتطورة؛ باستخدام أحدث التقنيات في مجالات: علوم الوراثة الجزيئية والجينوم، وعلم الكيمياء الحيوية الوراثية، والتشخيص الوراثي لأجنّة أطفال الأنابيب قبل الزرع، وعلم الوراثة الخلوية والجينوم الخلوي، وعلم الأورام الجزيئي، وعلم أمراض الأنسجة والخلايا، وعلم المجهر الإلكتروني، وعلم الأحياء الدقيقة السريرية، وعلم المناعة الخلوية والأمصال، وعلم أمراض الدم، والكيمياء السريرية، وعلم السموم.
ويضم المختبر جناحاً مخصصاً للفصول الدراسية، وغُرَف اجتماعات لخدمات إدارة الجودة ولتطوير الأعمال وللأغراض التعليمية والإدارية.