وسط عديد من الإجراءات الاحترازية في المسجد الحرام أمَّ فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور فيصل غزاوي، المصلين في صلاة الكسوف.
وبعد حمد الله والثناء عليه قال فضيلته: فسبحانَ مَن سيَّر الكواكبَ والنجومَ بقدرته، وأحكم نظامَ السماءِ والأرضِ بحكمته، وهو القوي العزيز القائلُ في محكم التنزيل: (وَمِنْ آيَاته اللَّيْل وَالنَّهَار وَالشَّمْس وَالْقَمَر لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إن كنتم إياه تعبدون).
وأكمل: عباد الله أن الشمسَ والقمرَ والليلَ والنهار من آيات الله -سبحانه وتعالى- الدالةِ على عِظَمِ الرب، وأنه -سبحانه وتعالى- ربُّ كل شيء، فإن المتأمل إذا تأمل الليل والنهار، وجد هذا يدخل في هذا، وذاك يدخل في ذاك، وهذا يطول وذاك يقصُر، والشمس إذا أتت بضيائها صار نهارًا، وإذا ذهبت الشمسُ أتى القمرُ فصار ليلًا.
وأكّد غزاوي، أنَّ الشمس والقمر وَإِنْ جَرَيَا فِي الْفُلْك بِمَنَافِعِكُمْ، فَإِنَّمَا يَجْرِيَانِ بِهِ لَكُمْ بِإِجْرَاءِ اللَّهِ إِيَّاهُمَا لَكُم، طَائِعَينِ لَهُ فِي جَرْيهمَا وَمَسِيرهمَا، لَا بِأَنَّهُمَا يَقْدِرَانِ بِأَنْفُسِهِمَا عَلَى سَيْرٍ وَجَرْي دُون إِجْرَاء اللَّه إِيَّاهُمَا وَتَسْيِيرِهمَا، أَوْ يَسْتَطِيعَانِ لَكُمْ نَفْعًا أَوْ ضَرًّا، وَإِنَّمَا اللَّه مُسَخِّرُهمَا لَكُمْ لِمَنَافِعِكُمْ وَمَصَالِحكُمْ، فَإِنَّهُ إِنْ شَاءَ طَمَسَ ضَوْءَهُمَا، فَتَرَكَكُمْ حَيَارَى فِي ظُلْمَة لَا تَهْتَدُونَ سَبِيلًا وَلَا تُبْصِرُونَ.
وفي نهاية الخطبة قال فضيلته: ها هي ذي الشمس ذاتُ الوجه الوضاء بينما تظهر كلَّ يوم من المشرق في السماء وتطل علينا ببهائها الجذاب منيرةً ساطعة لا حائل دونها ولا حجاب تبعث أشعتها وترسل أنوارها، إذ بها تبزغ اليوم وترتفع لكن على خلاف عادتها وطبيعتها، لحكمة أرادها خالقُها ومدبرُ أمرها، فهي طالعة لكنها كاسفة وعن حقيقة عظيمة كاشفة.