تعيش السودان على وقع أزمة غير مسبوقة في تاريخها المعاصر، بعد أن اشتبك الجيش السوداني وقوات الدعم السريع سويًا عسكريًا، وتركا البلد العربي الشقيق يعاني ويلات الحرب، وما يرافقها من أزمات إنسانية لا تنقطع.
تلك التداعيات الإنسانية الخطيرة التي تمخضتها الأزمة العسكرية دفعت بعشرات الآلاف من السودانيين إلى النزوح للبلدان المجاورة، بينما تركت الملايين في الداخل يعانون بسبب انقطاعات لإمدادات المياه والكهرباء، ونفاد السلع والبضائع من المحال والأسواق التجارية.
وقدر مساعد المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، رؤوف مازو، أعداد الفارين بأنها قد تبلغ أكثر من 800 ألف شخص؛ نتيجة الاشتباكات المستمرة بين طرفي الصراع.
ولفت إلى أن التقدير يشمل نحو 580 ألف سوداني في حين أن الباقين لاجئون يعيشون بشكل مؤقت هناك، كما قال إن 73 ألف شخص وصلوا من السودان إلى دول مجاورة حتى الآن.
فيما حذرت الأمم المتحدة الجمعة من إمكانية أن يعاني 19 مليون شخص بسبب الجوع وسوء التغذية خلال الأشهر المقبلة، مع استمرار المعارك الضارية.
وقال نائب المتحدث باسم الأمين العام للمنظمة فرحان حق، إن برنامج الأغذية العالمي يتوقع "أن يرتفع عدد الأشخاص الذين يعانون فقدانًا حادًا في الأمن الغذائي في السودان ما بين مليونين و2,5 مليون شخص".
ووفقًا لتقرير البرنامج مطلع 2023، كان 16,8 مليونًا من إجمالي عدد السكان المقدّر بنحو 45 مليون نسمة، يعانون بالفعل انعدامًا حادًا في الأمن الغذائي.
دفع الحجم الهائل للأزمة وتبعاتها الإنسانية، السعودية إلى العمل على تفكيكها عبر مسارين، الأول سياسي من خلال استضافة محادثات بين طرفيها، والثاني إنساني، وذلك من خلال توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وسمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، الأمير محمد بن سلمان - حفظهما الله - اليوم، مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية بتقديم مساعدات إنسانية متنوعة (إغاثية وإنسانية وطبية) بقيمة 100 مليون دولار أمريكي، وتنظيم حملة شعبية عبر منصة "ساهم" لتخفيف آثار الأوضاع التي يمر بها الشعب السوداني حاليًا.
وتنطلق الخطوة السعودية الإنسانية من حرص قيادة المملكة على الوقوف إلى جانب أبناء الشعب السوداني الشقيق، والتخفيف من آثار الأزمة التي تشهدها بلادهم.
ودأبت المملكة منذ أوائل خمسينيات القرن الماضي على تقديم المساعدات الإنمائية الرسمية استنادًا إلى ما يتم تحديده من احتياجات بداية من تقديم المساعدات لدعم الشعوب في الدول الهشة، والتي تعاني بسبب أزمات إنسانية، وانتهاءً بتقديم القروض الميسرة والمنح للبلدان النامية منخفضة الدخل من أجل إقامة بنى تحتية أساسية.
ويُعد مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية نموذجًا إنسانيًا عالميًا رائدًا يُحتذى به، يقدم خدمات ومساعدات إنسانية وإغاثية وخيرية باسم السعودية خارجيًا، كما يعمل على تطوير الشراكات مع المنظمات الرائدة في العمل الإنساني؛ بغرض التكامل، هادفًا استدامة جهود المملكة الخيرية والإغاثية.
وينعكس النهج السعودي في مجال الإغاثة والمساعدات الإنسانية على موقعها في خريطة الدول المانحة على مستوى العالم، إذ تعد من بين الدول الخمس الكبرى المانحة للمساعدات الإنسانية وفقًا لتقرير المساعدات الإنمائية الذي تصدره الأمم المتحدة.
وبحسب منصة المساعدات السعودية، وهي قاعدة بيانات لإحصاء مساعدات المملكة المختلفة، فقد قدمت المملكة نحو 325 مليار ريال (87 مليار دولار أمريكي) كإجمالي مساعدات لخدمة المشروعات الإنسانية والخيرية والتنموية حول العالم، بإجمالي 5423 مشروعًا يخدم 166 دولة، ويغطي نحو 25 قطاعًا حيويًا وتنمويًا.