يبرز "قصر الشيخ عبدالله عبدالوهاب الزاحم" ضمن الأجنحة المشاركة في "موسم ملح القصب ٢٠٢٣م"، متجليًّا دوره الثقافي الزاخر في تزويد زوار المهرجان بالإرث التاريخي للدولة منذ لَبِنَاتها الأولى في مراحل توحيدها على يد الملك عبدالعزيز، طيب الله ثراه؛ حيث كان يعمل صاحب القصر مستشارًا للملك المؤسس وقاضي مدينة الرياض والمدينة.
وتُسلط "سبق"، في جولة ميدانية، الضوء على جانب من حياة الشيخ "الزاحم"، وقصره التراثي بمدينة القصب، الذي يفتح أبوابه للزوار والمهتمين بالتاريخ والتراث طيلة أيام السنة.
نشأة "الزاحم" وحياته العلمية
هو الشيخ الفاضل العالم الجليل عبدالله بن عبدالوهاب بن زاحم البقمي، ولد سنة ١٣٠٠هـ بقرية القصب شمال مدينة الرياض ١٦٠ كلم، والتابعة إداريًّا لمحافظة شقراء ونشأ بها.
أجاد "الزاحم" قراءة القرآن كما حفظه عن ظهر قلب، ثم رحل إلى بلدة أشيقر وأخذ عن عالمها المؤرخ الشهير إبراهيم بن صالح بن عيسى، ثم رحل إلى مدينة الرياض وقرأ على علمائها آنذاك وعلى رأسهم العلامة الشيخ عبدالله ابن الشيخ عبداللطيف، ثم قرأ على الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز العنقري في بلدة المجمعة.
سيرته مع القضاء وعلاقته بـ"المؤسس"
تولى "الزاحم" رئاسة القضاء في عدد من مناطق المملكة؛ فقد عيّنه الملك عبدالعزيز -رحمه الله- قاضيًا في "الداهنة" شمال شرق محافظة شقراء عند أميرها عمر بن ربيعان.
بعدها عيّنه الملك عبدالعزيز رئيسًا لقضاء الرياض من عام ١٣٥٧هـ حتى عام ١٣٦٣هـ، ثم عيّنه الملك عبدالعزيز رئيسًا للقضاء في المدينة المنورة من عام ١٣٦٤هـ حتى وفاته عام ١٣٧٤هـ.
وكان قبل ذلك مستشارًا وأمينًا للملك عبدالعزيز؛ حيث كان يستدعيه في قصره، ويأنس بمجالسته، ويستفتيه في أموره الدينية والدنيوية، وإذا انتقل إلى البر في وقت الربيع يأخذ معه الشيخ، ويأمر بأن توضع خيمة الشيخ قريبةً من خيمته الخاصة، وهذه -بلا شك- دلالة واضحة على المكانة الخاصة التي يحظى بها الشيخ من الملك عبدالعزيز.
الشيخ ومشاركاته في توحيد المملكة
ما يميز الشيخ "ابن زاحم" رحمه الله أنه لم يكن قاضيًا ومعلمًا فحسب؛ بل كان شجاعًا مجاهدًا تحت راية الموحد الملك عبدالعزيز؛ حيث شارك معه في كثير من المعارك التي قام بها الملك، ومن ذلك: مشاركته مع الملك في ضم حائل 1340هـ، ودخوله للحجاز 1343هـ، وحصاره لجدة عام 1344هـ، وانتدبه مع الجيش جهة الساحل الغربي للمملكة ما بين بدر ورابغ، وكذلك جهة الليث جنوبًا، مرشدًا وموجهًا.
كما شارك في معركة "السبلة" عام 1347هـ، وفي "الدبدبة" بالمنطقة الشرقية عام 1348هـ، وشارك الشيخ أيضًا في "معركة جبلة" وسط نجد؛ وذلك في عام 1348هـ، وغيرها من المشاركات الموثقة في كتب تاريخ توحيد المملكة.
القصر "الإنشاء والمحتويات"
أُسس القصر سنة ١٣٢٢هـ، ويحتوي على قسمين، القسم الأول: للضيافة، والذي هو عبارة عن دور أرضي، وروشن، والقسم الثاني للعائلة، ويحتوي على غرف، وأعمدة وسماوه.
الترميم والاهتمام الحديث
أعيد ترميم القصر سنة ١٤٣٦هـ، ووضع فيه مجموعة من الوثائق، والصور التاريخية المتعلقة بتأسيس المملكة العربية السعودية، كما اشتمل القصر على لوحات متنوعة تحكي إرثًا ثقافيًّا عريقًا، وتاريخًا يوثّق جانبًا مهمًّا من لَبِنَات توحيد المملكة على يد الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه.
أبواب القصر مفتوحة للزوار طيلة العام
فتح أبناء الشيخ الزاحم القصر طيلة أيام السنة، من الساعة التاسعة صباحًا حتى أذان الظهر، ثم من بعد صلاة العصر حتى أذان المغرب، مع وضع فيلم وثائقي يتحدث عن القصر ومحتوياته، وتقديم واجب الضيافة للزوار، وتقديم تعريف بمحتويات القصر من أركان وتحف تراثية، ومخطوطات تاريخية.
مشاركة مميزة في "موسم ملح القصب"
يقدّم القصر لزواره خلال الموسم معلومات تاريخية عن بداية تأسيس هذه البلاد المباركة، حفظها الله وأدام عزها وأمنها واستقرارها، باللغتين العربية والإنجليزية، ويقدم لزواره هدايا متنوعة أهمها: سلة تحتوي على ورقة واحدة فيها تعريف بالدولة السعودية بمراحلها الثلاث، وقلم فيه شعار قصر الشيخ، وتعليقة دعاء السفر، ومطوية خاصة بقصر الشيخ وما يحتويه، كما يقوم منظمو القصر بتوزيع أسئلة على زائريه، وتكون الإجابة عليها من خلال الوثائق المعلقة على جدران القصر، ويكون في نهاية الموسم سحوبات، وجوائز نقدية على الإجابات الصحيحة.