مع ترقب عودة لجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس الشورى خلال الأيام القادمة بتوصياتها على التقرير السنوي لوزارة التعليم للعام المالي 1439/1440 في نسختها الأخيرة المعدلة لطرحها للتصويت، يعود الاهتمام مجددًا بتوصيتها التي أثارت سجالاً عن السماح لأعضاء هيئة التدريس في الجامعات بممارسة المهن الحرة، والتي أدت عند طرحها تحت القبة قبل أسابيع إلى معارضة شديدة من بعض أعضاء المجلس، على رأسهم الدكتورة لطيفة الشعلان والمهندس محمد النقادي.
وفي حين تداولت وسائل الإعلام ومواقع التواصل تلك التوصية بين مؤيد ومعارض، وأشار بعضهم إلى قضية (تعارض المصالح) من ناحية اقتراح التوصية والتصويت عليها لمنفعة أساتذة الجامعة في حين أن المقترحين والمصوتين من أعضاء الشورى فغالبهم من أساتذة الجامعات، فإن مداخلات الأعضاء، من جهة أخرى ركزت على التأثير السيئ لهذه التوصية في حال الأخذ بها على العملية التعليمية التي تعاني في الأساس بسبب مشكلات عدة.
وقالت الدكتورة لطيفة الشعلان: "لقد عارضتُ هذه التوصية حين طرحت للنقاش، وأكدتُ ضرورة إعادة النظر فيها، فالتوصية من وجهة نظري تحابي الأستاذ الجامعي ومصالحه الشخصية وإن جاءت على حساب مصلحة الطالب".
واستطردت الشعلان: "قلتُ للجنة الموقرة إنكم لم تذكروا أي مسوغات مقنعة لهذه التوصية، وكل مستندكم كان استثمار طاقة عضو هيئة التدريس؟ والسؤال استثمارها في ماذا؟ في التجارة؟! ثم إنكم سقتم كلامًا إنشائيًا عن تسرب الكفاءات، فإن كنتم تعتقدون أن هناك تسربًا للكفاءات مرده انخفاض مداخيل أعضاء هيئة التدريس، فكان لديكم أن توصوا برفع سلم رواتب أعضاء هيئة التدريس".
وأشارت: "وكان لديكم أن توصوا برفع سن التقاعد لأعضاء هيئة التدريس أسوة ببعض الجامعات العالمية التي لا تحد عضو هيئة التدريس بسن التقاعد المعمول به مادام قادرًا على العطاء".
وقالت الشعلان: "هل فكرت اللجنة الشورية قبل أن تقترح هذه التوصية في واقع أعضاء هيئة التدريس في جامعاتنا؟ هل فكرت في الطلاب ومخرجات جامعاتنا؟ فإذا كان متوسط الساعات التدريسية لأستاذ الجامعة 12 أو 14 ساعة تدريسية، غير مهام البحث، وغير الساعات المكتبية، وغير العمل باللجان والأعمال الإدارية، وغير الإشراف على طلبه الدراسات العليا، أو على طلبة التدريب الميداني".
وتساءلت: "فما الوقت الذي سيتبقى بعد ذلك لعضو هيئة التدريس للركض خلف أعماله التجارية، من دون إخلال بمهامه الأساسية الأكاديمية والإدارية".
وأضافت الشعلان: "قلت للزملاء سأحدثكم ليس تنظيرًا بل من واقع خبرتي طوال 16عامًا في العمل الجامعي، فطلاب البكالوريوس اليوم يشكون مُر الشكوى من عدم التزام بعض أعضاء هيئة التدريس بساعاتهم المكتبية، أو الإشراف الميداني، والتأخر في تقييم التكليفات ورصد الدرجات، وطلبة الدراسات العليا يشكون من انشغال المشرفين عليهم، فكيف سيكون الوضع في حال السماح للأساتذة بممارسة الأعمال التجارية"؟!
واستطردت قائلة: "إن اللجنة في معرض تسويقها لهذه التوصية، قللت كثيرًا من قيمة البحث العلمي لعضو هيئة التدريس السعودي، واعتبرته عملاً لأغراض الترقية، وإن حصر أساتذة الجامعات في التدريس والبحث هو كما قالوا بالنص (من قبيل الظلم للمجتمع والدولة)!!
وقالت الشعلان: "المتوقع منا أن نطالب في المجلس برفع جودة البحث العلمي الذي يقوم به أعضاء هيئة التدريس، فالبحث هو عماد نهضة الدول وتقدمها، بدل أن نطالب بالسماح لهم بممارسة التجارة لأن أبحاثهم لا ترقى للمستوى في نظرنا، أو أننا نراها وسيلة يتخذونها للحصول على الترقيات".
وختمت الشعلان بالقول: "لعلنا نتذكر أن مؤشر نيتشر للأبحاث العلمية لعام 2016 كشف أن المملكة أظهرت أعلى معدل نمو في البحوث العلمية عالية الجودة في غرب آسيا، وأن هذا النمو أدى إلى دفع ترتيب المملكة عدة درجات إلى الأعلى، وأنها الأولى عربيًا، وأن أعداد البحوث العلمية السعودية المنشورة في الدوريات العالمية تضاعف عدة مرات خلال السنوات الأخيرة".