كثير من المراقبين يتابعون منذ زمن بعيد ما يحدث على خارطة فلسطين العربية، ويعرفون جيدًا ما يفعله الاحتلال من تدمير وهدم وتخريب، بل يتابعون ما يقام على الأنقاض من المستعمرات اليهودية، ولم ينبس النائحون ببنت شفة؛ فالأمر عندهم عادي جدًّا، وليس جديدًا علينا ما يقوم به الإعلام المأجور من سباب وشتائم، وعندما أعلن (ترامب) عزم نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس لم نسمع سوى جعجعتهم وقيامهم ببعض الحماقات التي مللناها، كالتظاهر في الطرقات والإدانة والاستنكار والصياح والنواح بالشعارات المستهلكة (الموت لأمريكا الموت لإسرائيل)، وتقطيع الأعلام وحرقها ورميها تحت أقدامهم بما فيها الأعلام الخليجية، وللأسف من ضمنها العلم السعودي الذي يحمل الشهادتَيْن يُداس على مرأى ومسمع من الرأي العام العربي والإسلامي والعالمي. وهم بهذا الفعل لا يقدمون سوى مشاهد مكررة، لا تقدم ولا تؤخر في القضية الفلسطينية. وعلى العكس من ذلك تقدم دول مجلس التعاون الخليجي الدعم السخي بالمال والسلاح للمقاومة من أجل استعادة الحقوق المسلوبة للشعب الفلسطيني.
ولأن أنظمة الدول الخليجية تمنع التجمهر والمظاهرات فشعوبها لهم أساليب حضارية، يعبرون بها عن غضبهم؛ فهم شعوب راقية، لا تمتهن صور أحد، ولا تدوس أعلام الدول، ويعون جيدًا أن هذا الفعل الساذج لا يهزم عدوًّا ولا يقتل معتديًا، وأن الدعم الذي تقدمه حكومات الخليج للشعوب العربية ومساندتها قضايا الأمة هما الأصدق تعبيرًا، والأجدى نفعًا من هذه الحركات السخيفة التي لم ترقَ للمستوى الحضاري الذي وصل إليه العالم.
(فلسطين) القضية العربية الأولى، والوقوف التام بجانب الشعب الفلسطيني واجب تحتمه روابط الأخوَّة والدم والعقيدة. والحكومة السعودية وشقيقاتها الخليجية تقوم بدورها الفاعل والدعم الكامل حتى يسترد الفلسطينيون حقوقهم من الغاصب المحتل.. ولم ولن تتخلى يومًا عن هذا المبدأ. هكذا يفهم الشعب الخليجي موقف بلدانه الواضح والصريح من القضية الفلسطينية. ومنذ أمد بعيد نشأ الطفل السعودي على اقتسام فسحته المدرسية؛ ليقدم رياله دعمًا لفلسطين (ريال فلسطين أنموذجًا)، ومثله يفعل الشباب الخليجي الذي تربى على ما تقدمه حكومة بلاده، وهي تمد يد العون والمساعدة والمساندة لإخوانهم العرب في شتى المجالات.
بلداننا الخليجية تقدم ما يمليه ضميرها العربي، غير آبهة بالنائحين المأجورين، ولا يعنيها أمرهم؛ فهؤلاء حثالة من الغوغائيين السذج الممتلئين بالغل والحقد والحسد؛ فينالون من حكومات بلداننا وشعوبها عند أي اعتداء صهيوني على الأرض العربية، ولا ندري ماذا قدمت بلدانهم؟ ولماذا يحمِّلون بلادنا وحدها المسؤولية؟ فهذا ليس من العدل إن أرادوا الإنصاف؛ فالقضية الفلسطينية عربية مشتركة، وعليهم أن يقدموا مثلما قدمت دول الخليج، وإلا فالشعوب الخليجية أولى بمالهم لدعم اقتصادهم، وبناء كياناتهم بالمشاريع التي يستحقونها. وعلى الباغي تدور الدوائر.