تُشكِّل الدرعية في الوجدان الشعبي السعودي أهمية فريدة؛ لكونها نقطة مفصلية في عمر وتاريخ السعودية، وامتداد لأمجاد الآباء والأجداد؛ لما تمثله من عاصمة للدولة السعودية الأولى؛ إذ تجلى دورها السياسي والدعوي على مستوى السعودية بما أرسته من دعائم للدولة، وأسس للعقيدة منذ نشأتها.
ولا تكتسب المدينة أهميتها من كونها فقط عاصمة للدولة السعودية الأولى؛ إذ كان حي الطريف التاريخي مقرًّا لحكم الدولة خلال عصور ازدهارها، بل كذلك من كونها منطقة تراثية وأثرية بالغة الأهمية؛ إذ يضم الحي حاليًا عددًا من المتاحف، أبرزها متحف الدرعية الذي يقدم عرضًا لتاريخ وتطور الدولة السعودية الأولى من خلال الأعمال الفنية والرسومات والنماذج والأفلام الوثائقية، ومتحف الخيل العربي، والمتحف الحربي، وجامع الإمام محمد بن سعود "الجامع الكبير"، وكان أئمة الدولة يُؤمِّون الناس فيه لصلاة الجمعة.
ونظرًا لتلك الأهمية الكبرى التي تُشكِّلها تلك المدينة في التاريخ السياسي والاجتماعي والثقافي للمملكة، فقد صدر الأمر الملكي الكريم رقم (أ/ 295) وتاريخ 26-10-1438هـ، الموافق 20 يوليو 2017م، بإنشاء هيئة تطوير بوابة الدرعية؛ لتتولى مهام تطوير وتخطيط الدرعية؛ بصفتها موقعًا تاريخيًّا مهمًّا، وهو ما استكمله سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، الأمير محمد بن سلمان، بضم مشروع الدرعية؛ ليكون خامس المشاريع الكبرى المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة؛ ما يعكس اهتمام سموه البالغ بالمنطقة، وما تمثله من هوية للبلاد.
يُعتبر مشروع الدرعية، أحد مشاريع صندوق الاستثمارات العامة الكبرى، مشروعًا تطويريًّا بقيمة 64 مليار ريال سعودي، وتبلغ مساحته 7 كيلومترات مربعة. ويقع في قلب المشروع حي الطريف التاريخي الذي صنفته اليونيسكو موقعًا للتراث العالمي، وهو حي مبنيّ من الطوب الطيني، وكان الموطن الأول للعائلة الحاكمة آل سعود من الدرعية عاصمة الدولة السعودية الأولى.
وستكون الدرعية مكانًا يثري تجربة الزائرين والمقيمين؛ إذ يحتفي بالتراث الغني للمملكة الذي يجمع بين النمط المعماري النجدي التقليدي وفن العمارة المعاصر؛ بما يُعرّف بأصول المملكة العربية السعودية والقيم التي تتجذر فيها.
ويسهم مشروع بوابة الدرعية في تحقيق رؤية السعودية 2030، ومن ذلك إسهامه في استقطاب 27 مليون زائر محلي ودولي بحلول عام 2030، الذي يعد دعمًا للاستراتيجية الوطنية للسياحة التي تهدف إلى استضافة 100 مليون سائح من أنحاء العالم في السعودية بحلول عام 2030.
ويهدف مشروع تطويرها إلى تحويلها إلى وجهة سياحية عالمية، بجذورها الرئيسية في تاريخها وثقافتها وتراثها، وتنفيذ تطوير حضري مستدام ومتعدد الاستخدامات، مستوحى من مبادئ كل من العمران الجديد والعمارة النجدية التاريخية.
وستصبح الدرعية وفقًا للتطوير موطنًا لأكثر من عشرين مكان ضيافة فاخرًا للغاية، تقدِّم تجارب حقيقية، تعكس تاريخ وثقافة السعودية الغنيَّيْن. كما ستشمل الوجهة متاحف، ومعارض، ومطاعم، ومحال البيع، وساحات عامة، وفنادق، وفضاءات ترفيهية متعددة، وفضاءات سكنية، ومؤسسات تعليمية، ومكاتب.