شدد رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، الأمير تركي الفيصل، على أن اللغة العربية قضية أمن قومي بلا منازع، وأداة معرفية لا يمكن الاستغناء عنها في أي مشروع عربي للتنمية؛ فالتاريخ لم يسجّل نهضةً علمية لشعب من الشعوب بغير لغته الوطنية".
وأشار الأمير تركي إلى أن اللغة العربية مكوِّن أصيل من مكوّنات هوية الأمّة، ورمز خالد لانتماء أبنائها، كما أنها تمثّل ذاكرتها الثقافية والحضارية.
مرحلة عصيبة !
وقال في كلمته التي ألقاها في ختام ملتقى: "اقتصاديات تعليم اللغة العربية- لغة ثانية"، الذي نظمه مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، ممثلًا ببرنامج اللغة العربية للناطقين بغيرها التابع لمعهد الفيصل لتنمية الموارد البشرية، بالشراكة مع جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن، ممثلة بمعهد تعليم اللغة العربية للناطقات بغيرها، الأحد الماضي، بمشاركة عددٍ من الأكاديميين والمتخصصين والخبراء، بمعهد الفيصل، إن: "اللغة العربية كانت هي الناقل للحضارة، أما اليوم فنحن نتعرّض لهيمنة سياسية وثقافية أجنبية شاملة، ومن أخطر مظاهر هذه الهيمنة هي: لغة غير لغتنا على ألسنتنا ومنطوقنا اللغوي اليومي العام."
وأضاف: لعلّنا نلحظ مظاهر هذا الخطر، أكثر ما نلحظه في صفوف شبابنا وتداولاتهم اللسانية والحوارية على شبكات الإنترنت وسائرالمواقع والهواتف الجوَّالة، فهم يستخدمون لغة يقال إنها عربية، وهي ليست كذلك في شيء، إنها بالأحرى لغة لاتينية تحل الأرقامُ فيها محلَّ الكلمات، وتُستبدل ببعض التعابيرالعربية تعابيرُ أجنبية خالصة، تنتشر مع الأسف على ألسنتهم.
وتابع، كما أنه من المُلاحظ أن كثيرًا من المصطلحات والرموز التي تستخدم في الشبكة العنكبوتية ليس لها رديف باللغة العربية وأمثلتها كثيرة؛ ما يتطلب جهد المختصِّين لتعريب تلك المصطلحات".
نرحب بالأفكار الداعمة
وأوضح الأمير تركي الفيصل أن مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية يرحب بجميع الأفكار والمشروعات التي تدعم تعليم اللغة العربية، وتتعلّق بنهضة الثقافة العربية وشراكة كل المعنيين بها من المؤسّسات والهيئات الفكرية والثقافية والتعليمية العربية، مؤكدًا أن هذا التوجه يمثل تكريسًا لرؤية الملك فيصل -رحمه الله- في نشر العلم والمعرفة، وطالب أهلَ العلم والرأي والخبرة بوضع رؤية مستقبلية لواقع اللغة العربية في المجالات كافة، متمنيًا أن يتوافر لهذه الرؤية ما هو جدير بها من رعاية ومؤازرة على أعلى مستوى سياسي، لتكون في نهاية المطاف بين يدي صنّاع القرار التعليمي والتربوي والثقافي في المملكة ليرتّبوا على الأمر مقتضاه.
وقال: "تلعب مؤسسة الملك فيصل منذ تأسيسها دورًا رياديًّا في دعم اللغة العربية بكافة السبل، من خلال جائزة الملك فيصل العالمية التي خصصت إحدى جوائزها لدراسات اللغة العربية، ومركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية الذي كان له جهد في إطلاق العديد من المشاريع الثقافية والفكرية التي تهمّ الإنسان العربي، وفي طليعتها إصدار دورية متخصصة في النحو والصرف والعروض والبلاغة العربية، وافتتاح برنامج اللغة العربية للناطقين بغيرها بمعهد الفيصل لتنمية الموارد البشرية للتدريب".
وأشاد تركي الفيصل، في كلمته "اقتصاديات تعليم اللغة العربية - لغة ثانية"، بجهود كل من جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن، ومركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية في خدمة لغتنا العربية.
وفي نهاية الملتقى تسلم الأمير تركي الفيصل رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، هدية تذكارية من د. نوال الثنيان عميدة معهد تعليم اللغة العربية للناطقات بغيرها التابع لجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن.
اقتصاديات اللغة
ناقشت فعاليات وجلسات ملتقى "اقتصاديات تعليم اللغة العربية - لغة ثانية"، الاستثمار والتجارب في مجال تعليم اللغة العربية- لغة ثانية؛ حيث أشارت بداية الدكتورة نوال الثنيان عميدة معهد تعليم اللغة العربية للناطقات، إلى أن فكرة الملتقى جاءت بناءً على مرتكزات عدة، أهمها: تحقيق رؤية السعودية 2030، والتي تؤكد على اقتصاد مزدهر وتنافسية جاذبة على المستوى العالمي، إضافة إلى أن نظام الجامعات الجديد يهدف إلى تحقيق الاستقلال الاقتصادي للجامعات من خلال تنمية الموارد، وتفعيل الشراكات مع مؤسسات القطاعين العام والخاص.
وتناولت الجلسة الأولى "الاستثمار في مجال تعليم اللغة العربية، التطلعات والتحديات"، بمشاركة الدكتور علي القرني مدير مكتب التربية العربي لدول الخليج الذي طالب بتوحيد الجهود وتركيز التعاون في مجال التأليف وصياغة المناهج، وذكر في الورقة التي قدمها بالجلسة بعنوان: "الاستثمار في تعليم العربية للناطقين بغيرها - سلسلة أحب العربية (أنموذجًا)" أن المكتب اعتبر هذه السلسلة استثمارًا متعدد الجوانب ترتقي فيه خدمة لغتنا العربية وثقافتنا فوق كل اعتبارات بجانب خدمة خطط التنمية وبرامجها المتعددة في دول المنطقة، وأيضًا مشاركة الدكتور عبدالله الوشمي أمين عام مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي لخدمة اللغة العربية الذي شدد على أهمية الدعم المعنوي وإعطاء الأجانب الذي يتحدثون اللغة العربية أولويةً وأفضلية في سوق العمل.
أما الجلسة الثانية التي جاءت تحت عنوان: "تجارب الرواد في مجال الاستثمار في تعليم اللغة العربية، لغة ثانية"، أوضح خلالها الدكتور صالح السحيباني من معهد تعليم اللغة العربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، أن تعليم اللغة العربية في الجامعات الأمريكية يحقق أعلى نسبة نمو مقارنة مع اللغات الأخرى، وأن هناك زيادة مطردة في عدد الجامعات في أمريكا وأوروبا والبرازيل التي تعتمد اللغة العربية ضمن موادها.