رحلة ممتدة لعقود.. مستشارة جودة تسرد تاريخ الحوكمة في السعودية وصولاً إلى الرؤية

تعدّ عمودًا أساسيًا لمشاريع الرؤية وأبرزها هي خطة التحول الرقمي
ندا العامودي
ندا العامودي

سردت مستشارة الجودة، ندا العامودي، تفاصيل تاريخ الحوكمة في السعودية ورحلة التطوير الممتدة منذ عقود، وصولاً إلى المرحلة الحالية التي تشهدها المملكة، وذلك تزامنًا مع يوم الجودة العالمي الذي تعد الحوكمة أحد فروعه .

وقالت إن مفهوم الحوكمة بدأ في المملكة العربية عام 1965، حيث صدر نظام الشركات السعودي وفي عام 2003، خطت المملكة أول خطوة كبيرة في طريق الحوكمة عن طريق تولي وزارة المالية مهمة إنشاء برامج للحوكمة الرشيدة وإصدار نظام السوق المالي، وبعد ثلاث سنوات تم إصدار هيئة السوق المالية لائحة حوكمة الشركات المدرجة

كما أصدرت وزارة التجارة والاستثمار لوائح وأنظمة لائحة حوكمة الشركات غير المدرجة، وفي عام 2014 تم إصدار دليل حوكمة الشركات العائلية وميثاقها الاسترشادي وفي عام 2015، شهدنا تحديثًا لنظام الشركات مع لائحة حوكمة شركات التأمين و في عام 2016، صدرت لائحة حوكمة الشركات المحدثة من مجلس هيئة السوق المالية. وفي العام 2019، تم إصدار لائحة حوكمة الأندية الرياضية.

وأضافت: ما زالت رحلة التطوير والتحديث وتعزيز مفهوم الحوكمة قيد الاستمرار والآن نحن نعاصر رؤية 2030، والتي تعد الحوكمة هي عمودًا أساسيًا لمشاريع هذه الرؤية، وأبرزها هي خطة التحول الرقمي، فهي تساهم في تسريع سير عملياتها ومشاريعها من خلال إدارة الاستراتيجيات والمهام التنفيذية ورفع مستوى الخدمات الحكومية وتوفير الجهد والوقت.

وقالت إن الحوكمة الرشيدة تتميز بتطور آلية عملها وتعدد المهام ومستويات الصلاحية لكل منصب، فنرى في مجالس الإدارة أعضاء تنفيذيين وغير تنفيذيين ومستقلين، ونرى وجود لجان إدارية مستقلة للمراقبة والمراجعة ولجانًا للمكافآت والترشيحات من أجل تدعيم دور الرقابة والالتزام بأرقى معايير السلوكيات الشخصية والمهنية، ولعل أحد أبرز الأمثلة على ذلك هما شركتا أرامكو السعودية وسابك اللتان تتميزان بالشفافية المطلقة فيما يتعلق بلوائحهما ومجالس إدارتهما وحقوق المساهمين وإصدارهما تقارير العمل بشكل دوري وواضح.

ورأت الكاتبة أن الحوكمة هي ضرورة لأجل بناء ثقة المساهمين ورفع مستوى الاطمئنان لديهم، فالشركة التي تتبنى نظام الحوكمة الرشيدة تكون على دراية بكامل عملياتها وما يحيطها من مخاطر أو عقبات محتملة، كما أن الحوكمة أيضاً جزء لا يتجزأ من عمود بناء الاقتصاد من خلال رفع مستوى الشفافية ووضع الشركات والمنظمات السعودية كنقطة جذب للمستثمرين من الداخل والخارج. وعلى مستوى بيئة العمل، فالحوكمة هي حبل الترابط ومصدر الثقة بين اللجان والمجالس الإدارية وموظفيها فيما تبنيه من روح معنوية، وتحسين لمستوى عملية صنع القرار إلى أفضل ما يمكن، وجذب المواهب و الكفاءات والأيد العاملة والاحتفاظ بها بشكل مستدام.

وأشارت إلى أن مصلحة المواطن السعودي في المقام الأول لأهداف رؤية 2030، فمن خلال الحوكمة الرشيدة، تُصنع الإدارة المتسقة والسياسات الشفافة والواضحة التي تساهم في تحقيق التنمية المستدامة للشركات، ودعم أسلوب عمل متوازن ومترابط، وتعزيز مستوى الرفاهية الصحية والنفسية والاجتماعية، وزيادة كفاءة الخدمات، ومحاربة الفقر والبطالة، وغيرها من الفوائد التي تنهض بالمملكة إلى أعلى مراحل التطور والتقدم العلمي والحضاري والاجتماعي.

وبينت أنه تعود كلمة الحوكمة إلى أصل يوناني وتعني (الإدارة الرشيدة)، وكانت انطلاقة الحوكمة في التاريخ الإسلامي فكان الفاروق عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أول من بادر إلى إرسال دعائم القوانين التجارية، وتأسيس أنظمة الوقف، وإنشاء الخزينة العامة، واعتماد التقويم الهجري، وإجراء إحصاء سكاني، وتعيين ولاة لمساعدته في تطبيق هذه القوانين.

وأًصبحت الحوكمة مفهوماً يُتطرق له في منتصف السبعينيات في الولايات المتحدة الأمريكية عقب أزمة اقتصادية أثرت بالاقتصاد الأمريكي سببها إفلاس شركة النقل الكبرى "بين سينترال" Penn Central رغم توسعها ونجاحها، حيث أدت سلسلة من التحقيقات إلى اتخاذ إجراءات ضد ثلاثة من الرؤساء بسبب التلاعب والاحتيال بالبيانات المالية، وبعدها ظهرت تيارات إصلاحية تدعو لتشكيل لجان مراجعة ومراقبة بعضوية أعضاء مستقلين، وأصبحت الحوكمة في التسعينات حاجة ماسة عالمياً عقب الأزمات الاقتصادية لشركات كبرى في شرق آسيا وأمريكا اللاتينية وأوروبا، فتم استخدام قواعد الحوكمة لإنقاذها.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org