"الجافورة".. المملكة على طريق الكبار في تصدير الهيدروجين الأزرق

إسهامًا في تحقيق الرؤية وتقليص الاعتماد على النفط والتوسع في الطاقة البديلة
"الجافورة".. المملكة على طريق الكبار في تصدير الهيدروجين الأزرق
تم النشر في

شقّ حلم الانضمام لنادي كبار المصدرين للهيدروجين الأزرق، طريقه إلى أرض الواقع؛ من خلال توسعة نظام منظومة الغاز الذي كان "عمودًا فقريًّا" للمملكة على مدى 5 عقود.

وساعد في تحقيق ذلك الحلم حقل الجافورة، والذي يؤسس لحقبة جديدة من الطاقة في السعودية؛ حيث سيعزّز قدرة المملكة كواحدة من أكبر من منتجي الغاز في العالم، ويساهم في تحقيق رؤية 2030 التي تركّز على تقليص الاعتماد على النفط والتوسع في إنتاج مصادر الطاقة البديلة.

ووقعت شركة "أرامكو" السعودية، مؤخرا، عقود المرحلة الثانية من مشروع تطوير حقل الجافورة، الذي يحتوي على مليارَيْ قدم مكعبة من الغاز يوميًّا، بالإضافة إلى عقود المرحلة الثالثة من مشروع توسعة شبكة الغاز الرئيسية للشركة، بتكلفة قُدّرت بـ25 مليار دولار.

وقال وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان في تصريحات تلفزيونية: سيوفر مشروع الجافورة مليونَيْ قدم مكعبة يوميًّا للمملكة، وإنتاج المملكة من الغاز سيرتفع بأكثر من 60% بحلول 2030.

من ناحيته قال الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو السعودية أمين الناصر: تتضافر الآمال السعودية المقرونة بخطوات على الأرض، لتحقيق هدف زيادة قدرات إنتاج الهيدروجين الأزرق، وهو نوع من الطاقة منخفضة البصمة الكربونية، والرياض تسعى لاستبدال حرق السوائل بالغاز في إنتاج الكهرباء والصناعات، لاسيما البتروكيماويات.

ويُعدّ حقل الغاز في الجافورة أكبر طبقة غاز صخري غنية بالسوائل في الشرق الأوسط باحتياطات ضخمة قدرت بنحو 229 تريليون قدم مكعبة قياسية من الغاز الطبيعي، و75 مليار برميل من المكثفات، بعد الإضافات الجديدة على الحقل.

وتحقّقت من التقديرات تقنيًّا شركة "ديغويلر أند ماكنوتن" الاستشارية المرموقة لإصدار شهادات احتياطات قطاع الطاقة، وعملت على مراجعة آلية الحجز الإحصائي وقدمت تقييمًا مستقلًّا تمامًا؛ بحسب بيان لشركة أرامكو.

وأمام هذه الاحتياطيات الضخمة كان لزامًا أن تكون الاستثمارات فيها،كذلك، فخصصت المملكة 412 مليار ريال "110 مليارات دولار"، لتطوير مراحل الإنتاج من حقل الجافورة؛ بهدف زيادة إنتاج الغاز، حال اكتمال التطوير، إلى 2.2 تريليون قدم مكعبة عام 2036؛ ما يمثّل نحو 25% من الإنتاج الحالي؛ مما يجعل الرياض ثالث أكبر مصدر للغاز في العالم.

وتسعى المملكة إلى زيادة إنتاج حقل الجافورة، للوصول إلى معدل مبيعات مستدام للغاز يبلغ مليارَيْ قدم مكعبة قياسية يوميًّا بحلول 2030، إضافة إلى كميات كبيرة من الإيثان وسوائل الغاز الطبيعي والمكثفات؛ بحسب بيان سابق لـ"أرامكو".

ويمتدّ حوض الجافورة الذي يعدّ أحد أكثر المشروعات طموحًا في تاريخ أرامكو، على مساحة تقدر بنحو 17 ألف كم2، ويتيح فرصة فريدة لبناء مشروع ضخم يهدف للإسهام في مسيرة التحوّل في قطاع الطاقة، وسيحدّ من الانبعاثات وتوفير اللقيم لأنواع وقود مستقبلية ذات انبعاثات كربونية أقل.

**أساليب متقدمة لاستخراج الغاز

ولتحقيق الهدف "التحول في قطاع الطاقة" ولاستخراج تلك الاحتياطيات الضخمة، استعانت أرامكو بأساليب حفر متطورة مثل الحفر الأفقي، واستخدمت أساليب التكسير الهيدروليكي لزيادة تدفق الغاز عبر التكوينات الصخرية؛ حيث توجد احتياطات الغاز محصورة في باطن الأرض في طبقات صخرية تتسم بقلّة النفاذية والمسامية.

وما أن تم التأكد من الثروات الهيدروكربونية التي يتمتع بها حوض الجافورة، حتى بدأت المملكة في وضع خطط لتطوير حقل الغاز، عبر حفر أول آبار أفقية وعمودية في الصخور المصدرية في جبل طويق.

وشملت الخطط عنصرين رئيسيين؛ أولهما إعداد الكفاءات الفنية والتنظيمية اللازمة للاستكشاف والتنقيب والتقييم لهذا الحقل غير التقليدي، وثانيهما تطبيق استراتيجية منهجية للحدّ من المخاطر، عبر الحصول على بيانات لطبقات الأرض وإنشاء خرائط جيولوجية لتوجيه عمليات الاستكشاف وحفر آبار التقييم، التي كانت قيد التشغيل مدة تصل إلى ثلاث سنوات، لتقييم الإنتاجية وتحسين عملية اتخاذ القرار.

وسيضمن حقل الجافورة، بعد إنجازه، موثوقية تسليم الغاز الطبيعي، عبر شبكة سطحية مخصصة تشتمل على معمل لمعالجة الغاز، ومعمل لتجزئة، ونظام لضغط الغاز، وشبكة تتألّف من نحو 1500 كيلومتر من خطوط أنابيب النقل الرئيسة، وخطوط التدفق، وخطوط أنابيب تجميع الغاز.

ومن المنتظر أن يُنتج حقل الجافورة أكثر من 420 مليون قدم مكعبة قياسية في اليوم من الإيثان، وحوالي 630 ألف برميل من سوائل الغاز الطبيعي والمكثفات يوميًّا بحلول 2030؛ الأمر الذي سيوفر، حال تحقُّقه، اللقيم اللازم لتلبية الطلب المتزايد والسريع في قطاع البتروكيميائيات.

وبحسب بيان سابق لـ"أرامكو": فإن حقل الجافورة سيسهم في تلبية الاحتياجات المحلية من مصادر الطاقة منخفضة الكربون، مع توفير اللقيم عالي القيمة لأنواع الوقود المستقبلية في الوقت نفسه، إضافة إلى تحفيز الاقتصاد المحلي، وتوفير فرص وظيفية مباشرة وغير مباشرة.

وسيُسهم حقل الغاز في الجافورة إسهامًا كبيرًا في النمو الاقتصادي المحلي عبر إتاحة فرص أعمال جديدة، ومن خلال إمداد الغاز لتوليد الطاقة الكهربائية، وتحلية المياه، وإنتاج الصلب، مع توفير المواد الخام مثل الإيثان لقطاع البتروكيميائيات المحلي.

وسيكون له دور مهمّ في الحدّ من الانبعاثات في قطاع الطاقة المحلي، أو من خلال توفير لقيم لأنواع وقود مستقبلية منخفضة الكربون مثل الهيدروجين منخفض الكربون والأمونيا الزرقاء.

وتابع "مهدي": أن الاحتياطات الجديدة تعد دليلًا إضافيًّا على توجه السعودية إلى الغاز من أجل دعم تحول الطاقة محليًّا والاعتماد على مصادر طاقة أنظف.

وبحسب خبراء اقتصاديين: فإن غاز "الجافورة" لديه ثلاث مزايا استراتيجية: أولها أنه أساس برنامج "أرامكو" لتصبح أكبر مصدر هيدروجين أزرق في العالم، وثانيها أنه هام لبرنامج خفض استهلاك السوائل البترولية وتصديرها بدلًا من حرقها، وثالثها أنه قد يكون الدافع وراء توجه الرياض لتصدير الغاز الطبيعي المسال إلى العالم للمرة الأولى.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org