في ظاهرةٍ فلكيّة نادرة، يترقب العالم انفجار نجمٍ في السماء؛ ليظهر حينها بالعين المجردة لمدة نصف يوم فقط، ومن المتوقع حدوث هذا الانفجار في أيّ وقتٍ من الآن حتى شهر سبتمبر المقبل، ولا يُستبعَد امتداد هذه الفترة لبضعة أشهر أخرى.
وقال مدير مركز الفلك الدولي المهندس محمد شوكت عودة؛ في بيانٍ أوردته "سبق"، تُسمى هذه الظاهرة باسم "نوفا" متكرّرة، وهي عبارة عن انفجارٍ مفاجئ لأحد النجوم، يؤدي إلى ازدياد لمعانه بشكلٍ كبيرٍ جداً لفترة مؤقتة، ومن ثم يعود إلى الخفوت مرة أخرى.
وأضاف عودة؛ ولأن النجم ينفجر بشكلٍ متكرّرٍ كل سنوات عدة، سُمي بـ"النوفا" المتكررة، ويُسمى النجم المتوقع انفجاره الآن باسم "تي ضفيرة برنيس"، وهو يقع في المجموعة النجمية المسماة "ضفيرة برنيس"، ويتميّز هذا النجم بأنه ينفجر مرة واحدة كل 80 سنة تقريباً، ووثق شهود عيان انفجار هذا النجم منذ عام 1217م، وكان أشهر انفجارٍ له هو ذلك الذي حدث عام 1866م وعام 1946م، وقد مرّ على آخر انفجارٍ له 78 سنة حتى الآن.
وأضاف، أن السبب بتوقع انفجاره خلال هذه الأشهر هو أن الراصدين خلال الانفجارات السابقة لاحظوا أن لمعان النجم ينخفض قليلاً قبل نحو 1.1 سنة من انفجاره، بهامش تذبذب مقداره 0.3 سنة، وهذا الانخفاض قد حدث في شهر مايو عام 2023، أي إننا الآن في نهايات الفترة المتوقعة لانفجار النجم.
وتابع، تسلسل تغيُّر لمعان النجم وقت الانفجار يحدث بشكلٍ سريع، فالنجم الآن يلمع بالقدر 10، أي إنه لا يُرى إلا باستخدام تليسكوب صغير، ولكن عند انفجاره، فإنه سيلمع بشكلٍ كبيرٍ جداً؛ ليصبح خلال ساعاتٍ معدودة جرماً لامعاً من القدر الثاني، أي بلمعان النجم القطبي، وهذا يعني أنه سيُرى بسهولة بالعين المجردة حتى من داخل المدن الملوّثة ضوئياً، ومن المتوقع أن يبقى كذلك لمدة نصف يوم فقط، ليبدأ بعدها بالخفوت التدريجي ويبقى مرئياً بالعين المجردة لمدة أسبوع فقط.
وبيّن عودة؛ أن المهتمين يراقبون هذا النجم بشكلٍ يومي خلال هذه الفترة ترقباً لانفجاره، مستشهداً بما يقوله الخبراء "إنه في حالة انفجار النجم وكانت السماء غائمة في سماء الراصد، فإن الظاهرة تستحق القيادة سريعاً لمكانٍ صافٍ؛ لمراقبة الحدث الذي على الأرجح لا يتكرّر في العمر إلا مرة واحدة".
وأشار الفلكي "عودة"؛ لمَن يرغب مراقبة السماء لمشاهدة هذا الحدث، فإن موقع النجم يقع في مجموعة ضفيرة برنيس التي تظهر بشكلٍ واضحٍ على شكل قوس بالقرب من مجموعة شهيرة تُسمى "العواء"، وتتميّز بوجود نجمٍ لامعٍ برتقالي اللون يُسمى "السماك"، وهو النجم المقصود بقول الشاعر: "هل أراك في علاك تبلغ السماك"، فهو من النجوم العالية التي تصل كبد السماء حال ارتفاعها.
وقال: لرؤية هذه النجوم في هذا الفصل انتظر حلول الظلام بحدود الساعة التاسعة مساءً، وانظر عالياً في جهة الجنوب، حينها سترى نجماً برتقالياً لامعاً جداً، هذا هو السماك، وبجانبه يمكنك رؤية قوس مجموعة ضفيرة برنيس، احفظ شكل القوس والنجوم المحيطة به، وعند انفجار النجم سترى وجود نجمٍ جديدٍ ملاصقٍ للقوس، هذا هو النجم المنفجر "تي ضفيرة برنيس".
وذكر أن هذا النجم عبارة عن نجم ثنائي، أحدهما نجم عملاق أحمر، والآخر قزم أبيض، وتنتقل المادة باستمرار من النجم العملاق إلى النجم القزم، وبزيادة هذه المادة حول النجم وانتقال بعضها إلى السطح تزداد الحرارة والضغط، إلى أن يصلا إلى مستويات عالية تحفز حدوث سلسلة من الانفجارات تشبه انفجار القنبلة الهيدروجينية، ويؤدي الانفجار إلى تبعثر المادة المتراكمة حول القزم الأبيض، لتبدأ بعد ذلك أحداثٌ متكرّرة مدتها 80 سنة تقريباً تنتهي بانفجار السطح الخارجي للنجم كل مرة.
وأكّد مدير مركز الفلك الدولي، أن مرصد الختم الفلكي سيقوم بمراقبة ورصد هذا النجم بشكلٍ حثيثٍ، ويقوم بتقدير لمعانه عند كل رصدٍ، ويتم إرسال النتائج إلى جهات متخصّصة لتحفظ مع باقي الأرصاد العالمية، مساهمةً من المراصد العربية للمشاركة بمثل هذه الظواهر الفلكيّة الفريدة.