تحدث إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن البعيجان، في خطبة الجمعة اليوم، عن بر الوالدين والإحسان لهما، موصيًا المسلمين بتقوى الله عز وجل سرًا وجهدًا.
وقال: إن الله أمر بالعدل والإحسان وإعطاء كل ذي حق حقه قال تعالى: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا}، لقد شرع الله النكاح وحرم السفاح وأناط بالوالدين حقوق ومسؤوليات شاقة، فكلفهما برعاية الأبناء وتربيتهم، وفطر قلوبهم على الحب والرحمة والرأفة والشفقة، فجدير بالمرء أن يتذكر كم شَقِيَ والداه ليسعد، وكم نصبا كي يستريح، وكم سهرا لأجل أن يرقد، وكم جاعا لأجل أن يشبع، وكم عطشا لأجل أن يرتوي، وكم تجشما المخاوف ليطمئن، وقد فرض الله مقابل ذلك برهما وصحبتهما والإحسان إليهما وخفض الجناح لهما، بل وقرن حقهما بحقه، ورضاهما برضاه، وسخطهما بسخطه، وجعل الجنة تحت أقدام الأمهات، قال تعالى: {اعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}.
وأضاف: من أعظم الحقوق وأوجبها وأجلّ القرب وأحبها حق الوالدين والإحسان إليهما وخفض جناح الذل لهما والرحمة والرأفة بهما، وخاصة عند العجز والكبر، قال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُواْ إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَلِدَيْنِ إِحْسَانًا أما يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا}.
وأشار إلى أن الله عز وجل أوصى الله بالإحسان بالوالدين، وحث على صحبتهما بالمعروف ولو كانا كافرين؛ لقوله تعالى: {ووَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}.
ولفت "البعيجان" إلى أن بِرّ الوالدين يكون بصلتهما وصدق المحبة لهما والرفق بهما والإحسان إليهما وجبر خواطرهما ومراعاة مشاعرهما، وضده الإساءة والعقوق والتفريط فيهما وتضييع الحقوق، مبينًا أن رضى الله منوط برضى الوالدين وسخط الله مقرون بسخط الوالدين فعن عبدالله بن عمر رضى الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رضى الرب في رضى الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد" رواه الترمذي.
وفي ختام خطبته، قال إمام وخطيب المسجد النبوي: بر الوالدين من أعظم القربات وأجل الطاعات ومن أحب الأعمال إلى الله عز وجل، وقد بلغ من تأكيد رسول الله صلى الله عليه وسلم على حق الوالدين أن جعله مقدمًا على الجهاد في سبيل الله فعن عبدالله بن عمرو، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، يستأذنه في الجهاد فقال: "أحيٌّ والداك؟" قال: نعم، قال: "ففيهما فجاهد".