رحم الله علماء أتقياء أنقياء، تعلَّمنا منهم العلوم النافعة الإسلامية الصحيحة، والمبادئ الواضحة التي قادتنا وتقودنا -بإذن الله- نحو معالي الأمور.
زرعوا فينا الصدق والإخلاص، ومحبة الله، وتعظيم الشعائر، والتبكير إلى الصلاة، وبر الوالدين، واحترام الكبير، وتقدير الجار، وصلة الرحم.
اكتسبنا منهم حب الخير، والمحافظة على الأماكن العامة، والولاء للوطن، ومحبة ولي الأمر، والشعور بالمسؤولية.
دعاة عرفناهم بحرصهم وبذلهم واهتمامهم بتقديم التوجيه في قالب جميل ومؤثر ونافع.. يسابقون على توعية المجتمع في كل موقف، وبشكل لطيف ومحبب للقلوب.
لا يمر يوم أو يومان إلا وتسمع موعظة وتذكيرًا في موضوع يسهم في بناء الشخصية، وتقويم السلوك.. مواضيع تربوية، أسهمت في تصحيح علاقات الأبناء بالآباء، وضبطت أمور الأسرة، وحسَّنت علاقات الناس بعضهم ببعض.
كان الداعية يحرص على أن يقدم دقيقتين أو ثلاثًا في مجلس جماعته أو مصلَّى عمله أو بين أصدقائه.. كلمة مختصرة عن حب الله ورسوله، وأثر التقرب إلى الله بالعبادات على حياة الإنسان.
كان يتحدث عن أهمية الإخلاص في العمل، وخدمة المراجعين، والأمانة في كل ما يوكل للموظف من مهام.
كان الداعية يشدد على أهمية الذكر والدعاء، ودورهما في حماية الإنسان من الشرور، وتسهيل الحياة، وحل المشكلات، وتجاوُز العقبات..
حفظتُ -بفضل الله، ثم بجهد دعاة مخلصين- سيد الاستغفار في الصف الرابع، بينما بسبب تقاعس بعض الدعاة والمربين تجد شابًّا في العشرين لا يعرف دعاء كفارة المجلس، ولا يحفظ أذكار الصباح والمساء، وفي الوقت نفسه يمكنه أن يسرد لك أنواع (اللاتيه والكابتشينو) فيكوستا وستار بكس!!
طلبتُ من أحد الزملاء أن يتحدث دقيقتين في مصلى الكلية بعد صلاة الظهر عن أهمية حفظ النعمة، والمحافظة على مقدرات الكلية وقاعاتها وأجهزتها، ودورنا في تسليمها للأجيال القادمة وهي بشكل جيد، فقال لي: "أبشر يا أبا مانع إذا وجدت فرصة!!". سبحان الله، منذ خمس سنوات لم يجد الفرصة!!
أعتقد أن زميلي قد امتلك الفرصة منذ أن طلبت منه، ولكنها الهمة والرغبة قد تلاشتا بسبب فيروس التقاعس الذي أصاب بعض الدعاة.
لا يمكن أن يتحقق الوعي والنمو والتطور داخل المجتمع دون تضافر الجهود، وحرص الجميع على تقديم المعرفة ونشرها، ومتابعة الأبناء بشكل يجعلنا نفخر بهم، ويُمكِّنُهم من قيادة حياتهم بشكل سوي.
الدعاة هم إحدى أهم قنوات نشر الوعي، سواء بالطريقة التقليدية المباشرة، أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.
مهم أن يحرص الداعية على زراعة القيم وجودة الحياة في نفوس المحيطين به.
المملكة العربية السعودية بحاجة إلى جميع أبناء هذا الوطن، ومن ضمنهم الدعاة. كلٌّ منا مسؤول أمام الله ثم أمام المجتمع عن العلوم والمهارات التي اكتسبها. نشر المعرفة باب من أبواب الخير في الدنيا والآخرة.