أكد الدكتور سعد بن ناصر الشثري، أن تعليق قدوم المعتمرين إلى الحرمين الشريفين متوافق مع مقاصد الشريعة الإسلامية التي جاءت في ديننا من تطهير البيتين، مضيفًا أن الحرمين الشريفين لهما مكانة عالية في دين الإسلام وفي نفوس المسلمين وفيهما عبادات لا تفعل في غير هذين الموطنين.
وأضاف، في لقاء له على برنامج "الجواب الكافي" على قناة المجد، أن الحرمين الشريفين لهما مكانة عالية في دين الإسلام وفي نفوس المسلمين وفيهما عبادات لا تفعل في غير هذين الموطنين، ومن ذلك الطواف بالبيت وتقبيل الحجر الأسود وأداء العمرة، ونحو ذلك من العبادات التي جعلت الصلاة مضاعفة الأجر في هذين الموطنين.
وقال: "الصلاة بالمسجد الحرام بمئة ألف صلاة والصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بألف صلاة ولذلك فإن المسلمين يحرصون على احتساب الأجر في القدوم إلى هذين الموطنين امتثالاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا تشد الرحال إلاّ إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا)".
وبين "الشثري" أنه من هنا فإن من الواجب على كل مسلم أن يسعى لحماية الحرمين من كل ما يمكن أن يكون سبباً لأذى المسلمين أو يكون مقدمًا لسمعة غير محدودة عن العالم أجمع، وذلك لأن الناس ينظرون إلى هذين الموطنين ويشاهدونه، فعندما تكون محلاً لائقاً يكون ذلك من أسباب اقتناع الناس بهذا الدين ومن أسباب الامتثال الأوامر الشريعة الواردة في تطهير االحرمين الشريفين، كما قال تعالى (أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) ومن أنواع التطهير تطهيرهما من أنواع الأمرض التي قد ترد إليهما".
وتابع: "من فضل الله أن جعل رعاية الحرمين الشريفين في هذه الأزمان للحكومة السعودية التي حرصت على بذل الغالي والنفيس في خدمة هذين البيتين الشريفين وخدمة زوارهما، سواء كان بالتهيئة الحسية والعمارة أو كان بترتيب أنواع الصيانة أو بالنظافة وتقديم الخدمات الصحية لمن يزور هذين البيتين الشريفين أو بتهيئة مواطن السكنى والتنقل في هذه المواطن، ولذلك فإن الجهود التي تبذلها حكومة السعودية مشكورة جهود موفقة مباركة تجعل المسلمين يعرفون فضل هذه الدولة ويعرفون الإمكانات والامتيازات العظيمة التي تقدمها لهذين البيتين العظيمين".
واستطرد: "أنه مما أخذ في هذا الجانب اتخاذ الإجراءات الاحترازية للكشف على الزوار بترتيب وتهيئة قدومهم بتفطن النواحي الأمنية والصحية وجميع ما يتعلق بزيارة هذين البيتين وما اتخذ في وقتنا الحاضر من تعليق قدوم المعتمرين إلى البيتين الشريفين والزائرين للمسجد النبوي متوافق مع مقاصد الشريعة الإسلامية التي جاءت في ديننا من تطهير البيتين وتنظفيهما فإن الله نظيف يحب النظافة، فهذا يتوافق مع الإجراءات الاحترازية الشرعية في الأوبئة".
وأكمل: "هناك قاعدة قالها النبي صلة الله عليه وسلم: "إن الطاعون رجس بعثه الله على بعض بني آدم ثم يبعثه حينًا ويعيده حينًا، فإذا سمعت بهم في بلد فلا تقدموا إليها وإذا جاء إلى بلد وأنتم فيها فلا تخرجوا منها"، وما ذلك إلا لحرص الشريعة على عدم انتقال هذا المرض وانتشاره وهذا يدل على فضل هذه الشريعة المباركة".
وواصل "الشثري": "بهذا الإجراء الذي اتخذته الحكومة السعودية فيما يتعلق بزوار البيتين الشريفين يترتيب مصالح كبيرة منها الحد من انتشار مرض كورونا، وهذا متوافق مع المقصد الشرعي، فالشريعة نهت أن يقدم الإنسان على ما فيه هلاكه أو سبب في إلحاق المضرة به، وقد قال تعالى (ولاتلقوا بإيديكم إلى التهلكة)، وقال (لاتقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما).
وأبان أن هذا يتوافق مع مقصد الشريعة في جعل أبدان المؤمنين قوية، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف"، كما في صحيح مسلم، وهكذا يتوافق مع مقاصد الشرعية في جعل الناس يحافظون على أدائهم لأنواع النسك ويتوافق مع مقصد الشريعة في المحافظة على سمعة الحرمين الشريفين وأنهما ليسا محلين للأمراض والأوبئة".
وعلق "الشثري": "أبشر أخوتي الأعزاء الذين كانوا يرغبون في القدوم إلى مكة لأداء نسك العمرة أو المدينة لزيارة المسجد النبوي بأن الأجر الذي قصدوه سيكتب كاملاً بإذن الله لن ينقص منه شيء، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يؤديه صحيحًا مقيمًا)، وجاء في الحديث الآخر أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما رجع من تبوك قال (إن بالمدينة لرجال ما سرتم مسيرة ولا قطعتم واديًا إلا شاركوكم في الآجر حبسهم العذر).
وتابع: "من هنا فأنا أبشر إخوتي الذين لم يتمكنوا من أداء العمرة في هذه الأيام بأن أجرهم سيكتب كاملاً، حفظ الله أموالهم التي كانوا سينفقونها في الطيران والتنقل وفي السكنى وكتب لهم الأجر الذي كان ينشدون دون أن يكون لهم أي كلفة أو أي مطالبة مالية ولو كانت قليلة وبالتالي هنيئًا لهم بالأجر والثواب".
وأردف: "ينبغي للمؤمنين أن يتقربوا لله عز وجل بالتحرز من مرض كورونا سواء بوضع الكمامات والابتعاد عن مواطن الأوبئة بترك السفر إلى البلدان التي فيها هذه الأوبئة تحرزًا على النفس، فإن مثل ذلك مما يؤجر عليه العبد وإذا شعر بأي عرض من أعراض مرض كورونا أن يبادر إلى معالجته وتفقد حاله فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (يأيها الناس تداوا فإن مامن داء إلا وله دواء)".
وواصل: "من الأمور التي أرغب فيها أن يكثر الناس من الدعاء لله عز وجل أن يزيل مرض كورونا، فالدعاء سلاح عظيم والله أمر المؤمنين بدعائهم ووعدهم بإجابة دعواتهم كما قال تعالى (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)، وقال سبحانه (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ).
واختتم: "ينبغي للإنسان أن يضمر في نفسه أنه يرغب ويتمنى أن يزول مرض كورونا من أقطار الدنيا كلها فإن المؤمن يحب الخير للآخرين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، وهذه الصيحات التي نسمعها بين وقت وآخر من بعض من لا يمثلون شعبًا أو ديانة يقول أحدهم لن أموت وحدي ينبغي أن ننظر إليها بنظر مقت وعدم ارتياح أو موافقة لها؛ بل يتمنى أن يكشف الله هذا المرض عن الناس وأن يعافيهم وأن يلبسهم لباس الصحة والعافية وأن يجعل ما يأتيهم من عافية سببًا من أسباب صلاح أحوالهم وهدايتهم واستقامة أمورهم".