"الجيش السعودي في فلسطين".. 74 عاماً تروي قضية المملكة الأولى وأبطالها

فرقة الاقتحام أدهشت العدو بقلوب لا تخاف الموت رغبة في الاستشهاد
"الجيش السعودي في فلسطين".. 74 عاماً تروي قضية المملكة الأولى وأبطالها

اقترنت القضية الفلسطينية بجزء مهم من تاريخ المملكة العربية السعودية، فهي القضية الأولى للمملكة منذ تأسيسيها على يد الملك عبدالعزيز وإلى الوقت الحاضر ، فلم يفتر الدعم ولم يضعف التأييد ولم تتوقف المناصرة، فمواقف المملكة مع القضية الفلسطينية مشهودة ويعرفها كل مُتابع ويُدركها كل منصف، ولقد شملت هذه المواقف مناحي شتى.

وإذا كان الجيل الحاضر يرى الدعم السياسي والعون المادي والاستغاثي؛ فإن الأمس القريب يشهد على أن الجيش السعودي كان له إسهامه الميداني على ثرى فلسطين الحبيبة.

وفي كتاب "الجيش السعودي في فلسطين" للمؤلف صالح جمال الحريري الذي قامت "دارة الملك عبدالعزيز" بإعادة نشره ما يمكن أن يجسد الصورة ويعرض لمقالات شارحة وآثار لضباط سعوديين شاركوا في الدفاع عن فلسطين عام 1948.

الجيش السعودي في فلسطين:

سجّل الجيش السعودي بدمه الغالي صفحة الشرف على أرض فلسطين العزيزة ووقف موقف الرجل الشجاع في أصعب الظروف؛ فلم تخر قواه ولم تضعف عزيمته أمام القوة الغاشمة، فصمد بقلب ثابت حتى نهاية المعركة، فسجل لبلاده وحكومته صفحة خالدة في تاريخ الحرب، كما أثبت أنه جندي ذو باس وقوة صارمة، وهو الذي أقدم على هذه الحرب يُقدّم نفسه فداءً للوطن المقدس.

الشرف العظيم:

لم يكد يذاع عن إرسال الجيش السعودي إلى فلسطين حتى تسابق الجنود والضباط على مختلف الرتب ليحظى الواحد منهم بتسجيل اسمه ضمن أفراد هذه الحملة، وبين عشية وضحاها ترى جميع الوحدات قد اكتملت وجهزت فيه جميع ما تحتاج إليه من معدات وذخائر، ولقد كانت تبدو على وجوه أفراد الجيش علامات البهجة والسرور والغبطة بهذا الشرف العظيم الذي نالوه، وثقه غالية من قبل الأمير منصور بن عبدالعزيز وزير الدفاع، الذي كان يتفقد أفراد هذه الحملة بنفسه ويقف على جميع ترتيباتها ويتردد على الكتائب بين آونة وأخرى.

كلمة وزير الدفاع:

وعندما أقيمت حفلة لتوديع هذه الحملة قال الأمير منصور: كنت أود أن ألقي عليكم كلمة لأزيد في حماسكم وأقوي من عزيمتكم ولكني لمست فيكم قوة العزيمة وصدق التضحية وإيمانكم بالله، ما زادني إيمانًا بشجاعتكم، وجعلني على يقين ثابت بأن بلادنا بخير ما دامت هذه الروح ستتغلغل بين أفراد الجيش، وإني أتمنى لكم التوفيق والسداد.

مغادرة الثكنة وسط الهتاف:

غادر الجيش الثكنات في رجب عام 1367 للهجرة وهو ممتلئ قوة وعزيمة، وها هو يخترق شوارع مدينه الطائف في طريقه إلى جدة، وقد علا الهتاف والتصفيق والدعاء له بالتوفيق والنصر المبين؛ وهكذا لقي تشجيعًا من جميع طبقات الشعب، فما كاد الجيش يصل جدة حتى خرجت الوفود الكثيرة لاستقباله وقدمت له الهدايا وقد أقيمت له عده حفلات لتوديعه.

المغادرة إلى مصر:

وقد غادرت القوات جدة على متن طائرات سعودية إلى القاهرة، فنزلت القوات خفيفة التسليح في ميناء فاروق الجوي، أما الأسلحة الثقيلة والقوات المدرعة والذخائر والتجهيزات الاحتياطية فقد أرسلت بحرًا ونزلت في ميناء السويس.

معارك فلسطين:

وبعد أن تجمّعت القوات الجوية والبحرية السعودية في السويس دخلت فلسطين عن طريق رفح مواصلة سيرها إلى غزة، وعند وصولها إلى غزة؛ اشتغلت حالًا بتلال المنطار المقابلة للمستعمرات الشرقية اليهودية؛ وبعد إشغالها المواقع ومشاغلتها العدو الذي كان يرابط في تلك المستعمرات وقيامها بدوريات بين تلك المستعمرات ونسف أنابيب المياه وعرقلة سير القوافل التي كانت عونًا لتلك المستعمرات.

كما اشتركت القوات في خطوط القتال الأمامية في غزة والمجدل ودير سنيد وأسدود وند سنيم، وغالبًا ما كانت تستغرق بعض المعارك زمنًا طويًلا ليستمر رحى المعركة دون انقطاع، كما حصل في الهجوم على بيت عفة وفي موقعة كراتيه؛ حيث استمر القتال سبعة أيام متتالية، واستخدمت فيها عموم الأسلحة الثقيلة والخفيفة والسلاح الحي.

وفي معركة بيرون إسحاق أظهر الجندي السعودي شجاعته وأبدت فرقة الاقتحام من الأعمال ما أدهش العدو، يدمرون الحصون ويجتازون الألغام والأسلاك الشائكة ويخوضون المعارك بقوة وشجاعة غير آبهين ولا مبالين بالموت، ينازلون العدو بقوة وشجاعة وقلب مليء بالإيمان بالله رغبة منه في الاستشهاد في سبيل الله، وهكذا حارب الجندي السعودي بجوار أخيه الجندي المصري جنبًا إلى جنب وتحت قيادة موحدة سعيًا لغاية واحدة ألا وهي إنقاذ فلسطين.

الأمير منصور في زيارة للقوات السعودية:

وفي هذه الأجواء، زار وزير الدفاع الأمير منصور بن عبدالعزيز القوات السعودية المرابطة في السويس، وكان لزيارته أثر في نفوس رجال الجيش؛ إذ عم السرور جميع المعسكر وأقيمت لحفلة كبرى هناك حضرها كبار رجال الجيش المصري وطلاب البعثات السعودية الذين يدرسون في الكليات الحربية بمصر وبمعهد الطيران، وقد افتتح الحفل أحد الضباط بكلمة رائعة حيّا فيها الأمير وأعرب له عن شعوره وشعور إخوانه، ثم شهدت الزيارة كلمات للأمير يزيد بن عبدالله آل سعود والمهدي باشا رئيس أركان حرب الجيش المصري، وقائد القوات السعودية المجاهدة القائم مقام إبراهيم بك القطاسان.

يُشار إلى أن هذا الكتاب الذي أصدرته "دارة الملك عبدالعزيز" يحتوي على مضامين سامية للجيش السعودي في فلسطين على لسان قادته وضباطه، كما أنه يحوي الكثير بين طياته عن إسهام الجيش السعودي على أرض فلسطين، وما بذله أفرداه بدمائهم وبسالتهم من مواقف الفخر والكرامة.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org