مشاركة السعودية في دفع عجلة التنمية في دول القارة الإفريقية ودعمها للجهود الدولية والإقليمية بالتعاون مع الاتحاد الإفريقي، وفي أحد مساراتها حماية كوكب الأرض، تأتي لإرساء دعائم الأمن والاستقرار وحل النزاعات ودعم الجهود الدولية في محاربة التطرف والإرهاب وتحسين القدرات الأمنية لتلك الدول، وأهمية التنمية في دول القارة الإفريقية وتعزيز الاستثمار فيها.
وقال المهتم بقضايا البيئة الدكتور حمد بن ناصر الطليان لـ"سبق": إن "ظاهرة التغيير المناخي تحدٍ عالمي حيث إنها تحد من جودة الحياة لكثير من السكان وسبل عيشهم ولاسيما في الدول منخفضة الدخل، لذا عززت المملكة، خلال فترة ترؤسها لمجموعة العشرين العام الماضي، دورها الريادي تجاه القضايا الدولية المشتركة، والإسهام في حماية كوكب الأرض".
وأضاف "الطليان" أن "ظاهرة التغير المناخي تعد واحدة من أهم التحديات التي تواجه المجتمعات البشرية على المستويين الدولي والمحلي، وتُعزى الأسباب الرئيسة لهذه الظاهرة إلى ارتفاع درجة الحرارة الناجم عن الاستهلاك المكثّف للوقود بأنواعه".
وتابع "هذا الاستهلاك المكثّف زاد تركيز الغازات الدفيئة (أو ما يسمى بالاحتباس الحراري) مثل ثاني أوكسيد الكربون - في غلاف أرضنا الجوي، ناهيك عن التمدد الحضري، وإزالة الغابات والاستخدام المبالغ للأراضي، وبالتالي أصبحنا نرى وبشكل شبه دائم مظاهر لهذا التغير تتمثل في العواصف الشديدة والجفاف والفيضانات والأمطار الكثيفة".
وأبان أن التحذيرات من الاحتباس الحراري بدأت منذ أواخر الثمانينيات، ففي عام 1992، وقع 165 بلداً معاهدةً دولية، هي "اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ"، وقد عُقدت العديد من الاجتماعاتٍ السنوية منذ ذلك الحين (باسم "مؤتمر الأطراف")، بغية تطوير الأساليب والإجراءات للحد من التغير المناخي، وكذلك التكيّف مع آثاره السلبية الظاهرة للعيان.
وأشار "الطليان" إلى أن الحاجة أصبحت ملحة للغاية إلى مواجهة التغير المناخي أكثر من ذي قبل، ويتضح ذلك جلياً من خلال تقريرٍ مهم أصدرته "الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ" في الأول من أكتوبر عام 2018، وهي الهيئة العلمية الرائدة في العالم في تقييم التغير المناخي.
ولفت إلى أن الهيئة أكدت أنه لكي يتم تجنّب الاحتباس الحراري المدمر للأرض، يجب ألا نصل إلى درجة ونصف الدرجة المئوية فوق مستويات درجات الحرارة ما قبل الثورة الصناعية - أو في أقل الحدود ألا نتجاوز ذلك.
وقال" إن "الأهم من ذلك أن تقرير "الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ قد منح العالم موعداً نهائياً واضحاً لتجنب الكارثة، إذْ يجب بحلول عام 2030 خفض انبعاثات الغازات الدفيئة بمقدار النصف من مستوياتها".
وبيّن الدكتور حمد الطليان، أن السعودية أدركت حجم ظاهرة التغير المناخي والآثار السلبية المترتبة عليها، ولذلك انبرت لمواجهتها عبر برامج شاملة وتغيرات تنظيمية على المستوى المحلي، حيث أطلقت المملكة "رؤية 2030"، والتي قامت فيها المملكة بخفض اعتمادها التقليدي على النفط بشكل كبير، مما يمكن أن يساعد المملكة على تحويل اقتصادها إلى اقتصاد صديق للبيئة بشكل أكبر، خفض درجة تمركزه حول النفط.
وأضاف "المملكة تهدف إلى خفض انبعاثات الكربون السنوية لتصل إلى 130 مليون طن بحلول عام 2030م عبر الاستثمار في مشروعات الطاقة المتجددة، بما في ذلك مشاريع الطاقة الشمسية والاستفادة من طاقة الرياح".
وقال: إن "الجهود الوطنية في مجال مواجهة ظاهرة التغير المناخي تكتمل من خلال إعلان سمو ولي العهد – حفظه الله – عن مبادرة السعودية الخضراء، ومبادرة الشرق الأوسط الخضراء، وستعمل هاتان المبادرتان على تقليل الانبعاثات الكربونية بأكثر من 4% من الإسهامات العالمية، وذلك من خلال مشاريع الطاقة المتجددة التي ستوفر 50% من إنتاج الكهرباء داخل المملكة بحلول عام 2030".
وبيّن أن المملكة العربية السعودية تقوم بدور كبير على المستوى الدولي عن طريق التعاون مع حلفاء المملكة الدوليين في مكافحة التغير المناخي، ففي نوفمبر 2016، أيدت المملكة اتفاقية باريس بشكل رسمي، وهي اتفاقية تدعو لاتحاد كل البلدان من أجل مكافحة مشكلة التغير المناخي، والتخفيف من حدته.