أكد الباحث والأخصائي الاجتماعي طلال بن محمد الناشري أن تعدد المنصات في مواقع التواصل الاجتماعي زاد من مساحة التعصب الكروي والتراشق بين المشجعين، مشيراً إلى أن دائرة الخروج عن النص والنقد الرياضي غير الهادف والبناء قد توسعت، مما يجسد ضعف الوعي الاجتماعي لدى بعض المشجعين المتعصبين في مناقشة الطروحات الرياضية وهموم كرة القدم ومشاكل الأندية، إذ لم يتوقف ذلك إلى هذا الحد بل تجاوز الخطوط الحمراء، ووصل الأمر بالبعض إلى مراجعة الجهات المختصة بعد أن أخذت رسائلهم منحنى الهجوم الشخصي.
وقال "الناشري": إن بعض الجماهير الرياضية استغلت وجود وسيلة سهلة ومباشرة لطرح وبث أفكارها التي تخدمهم وتخدم الذين يميلون لتوجهاتهم دون أي اعتبار للآخرين أو احترام وتقدير للمتابعين لتلك المنصات التي يشارك فيها مختلف الشرائح العمرية، فنجدهم يهاجمون الأندية وبعض اللاعبين والإداريين دون أي اعتبار للآخرين.
ولفت إلى أن مفهوم التعصب الرياضي هو مرض الحب الأعمى لفريقه، وفي الوقت نفسه مرض الكراهية العمياء والمقيتة للفريق المنافس، لدرجة تمني الضرر للفريق المنافس، فالشخص المتعصب يحب ناديه بشكل مبالغ فيه، وقد يتجاوز الخطوط الحمراء ويسعى دائماً للتقليل من شأن حقائق الفريق المنافس وتميزه وانتصاراته وبطولاته، فيقف موقف التشكيك في كل ما يخص الفريق المنافس ولاعبيه بسبب تعصبه لفريقه المفضل.
وحول أسباب التعصب الرياضي قال "الناشري": هناك أسباب عديدة؛ من أهمها ضعف الوعي الاجتماعي والرياضي وعدم التمتع بالروح الرياضية والإيمان بالتنافس الشريف وتقبل الخسارة، وعدم تقبل الرأي الآخر، والتحيز للرأي الشخصي والتمسك به، والدفاع عنه، سواء كان على حق أو باطل، وهذا سمة من سمات التعصب الرياضي؛ وهو ما يجعل المتعصب سريع الانفعال، ويبدأ الهجوم على الآخرين، ويحاول إيذاءهم بأقواله؛ وهو ما قد يوقعه تحت طائلة المساءلة القانونية، وكذلك الإيمان بأوهام غير حقيقية، وفكرة المؤامرة ضد فريقه المفضل.
ولتفادي مشاكل التعصب الرياضي أكد "الناشري" أنه يجب على جميع المشجعين والإعلاميين الرياضيين والنقاد الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي في مناقشة طروحاتهم الرياضية بتحكيم العقل وتجسيد المعاني الحقيقية للتنافس الرياضي الشريف، وأن الرياضة فوز وخسارة، والإيمان الكامل بأن الرياضة وسيلة لإسعاد الناس ونشر القيم وبناء جسور الأخلاق، وليست لزرع الأحقاد بينهم، وأن تكون هناك برامج توعوية هادفة لتكريس الوعي والثقافة الرياضية ومواجهة التعصب الرياضي واستغلال منصات التواصل الاجتماعي، وتنطلق هذه البرامج التوعوية من خلال الأندية الرياضية.