وألقى مدير عام مؤسسة الملك فيصل الخيرية، رئيس هيئة جائزة الملك فيصل العالمية الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز، كلمة في الحفل قال فيها: في الأجواء عواصف وتقلبات واضطرابات، وفي الأرجاء زلازل وبراكين وفيضانات، وفي المراكز بحوث ودراسات، لإنتاج دمار وفوضى وانقسامات، وعالم تتلاطم أمواجه إلى شطآن، وضبابية حالت دون فهم الإنسان للإنسان، ولكن في الأفق لم يزل بصيص من أمل في وميض من عمل يقدح وإن على خجل، إنه بقايا خير في البشر.. ظاهر لا محالة مهما استتر، يخدم العلم والسلام، لينعم بالحياة الأنام.. كيف لا.. كيف لا.. وفي الدنيا أمثالكم أيها العلماء النجباء النبلاء، الشكر للراعي الأمين والتهنئة للفائزين، وتحية للحاضرين، وبالله نستعين.
عقب ذلك أعلن أمين عام الجائزة الدكتور عبدالله الصالح العثيمين أسماء الفائزين في فروع الجائزة، مقدماً نبذة عن جهودهم وأنشطتهم، ونيلهم الجائزة.
وتفضل سمو ولي العهد بتسليم الفائزين جوائزهم، حيث منحت جائزة خدمة الإسلام للشيخ الدكتور أحمد أبو بكر ليمو (نيجيري)، فيما فاز بجائزة «الدراسات الإسلامية الدكتور عبدالوهاب بن إبراهيم أبو سليمان (سعودي) وموضوعها «التراث الحضاري في مكة المكرمة»، وحقق الدكتور عبدالله إبراهيم علاوي البوصباح (عراقي) جائزة فرع «اللغة العربية والأدب» وموضوعها «الرواية العربية الحديثة»، في حين فاز بجائزة فرع «الطب» وموضوعها «التشخيص غير التدخلي لأمراض الأجنة» البرفيسور لو لي دينيس لو (صيني ــ بريطاني الجنسية)، وحاز جيرارد بولنتيز (ألماني) جائزة فرع «العلوم» وموضوعها «الرياضيات».
وقدّر الفائزون في كلمات متتالية جهد القائمين على الجائزة، مشيرين إلى اعتزازهم وفخرهم بنيل الجوائز، منوهين بأثرها في تشجيع المختصين والباحثين من العلماء والمبدعين والمؤسسات العلمية والتطبيقية.
وأكدوا أن الجائزة تقدير لإنجازاتهم، ما يبرهن أهمية جائزة الملك فيصل العالمية ومكانتها العالية، مستعرضين مسيرتهم وجهودهم في فروع الجائزة.
بعد ذلك شرف صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والفائزين بالجائزة والحضور حفل العشاء الذي أقيم بهذه المناسبة.
الفائزون بجائزة الملك فيصل العالمية
ويمثل الفائزون بجائزة الملك فيصل العالمية 1435هـ- 2014 م، نجوماً تتلألأ في سماء العلم والمعرفة، إذ يعدون من أبرز العلماء في مجالات الإسلام، والدراساتِ الإسلامية، واللغةِ العربية والأدب، والطِب، والعلوم على مستوى العالم أجمع.
وكانت لجنة الاختيار لجائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام هذا العام (1435هـ/ 2014م) قد قررت منح الجائزة لرئيس مجلس أمناء مكتب هيئة الإغاثة الإسلامية في نيجيريا الشيخ الدكتور أحمد أبو بكر ليمو، النيجيري الجنسية، لما يتمتع به من شخصية علمية رصينة مع تَمسّك أصيل بالإسلام وانفتاحٍ فكري واعتدال ووسطية، وهو عضو في كثير من المنظمات الإسلامية العالمية في مختلف أنحاء العالم، كما أن له جهودا تعليمية ودعوية وتطويرية كبيرة تمثَّلت في إلقاء مئات المحاضرات والدروس والندوات والدورات، كما ألَّف عدداً من الكتب الإسلامية والمراجع المدرسية التي سدت جزءاً كبيراً من حاجة المجتمع النيجيري بالذات، وأصبحت مرجعاً للأجيال المسلمة في نيجيريا في فهم الإسلام والتعمق في دراسة العقيدة الإسلامية، وأسس عدداً من الجمعيات والمدارس والأوقاف مثل جمعية الوقف الإسلامي التي أصبحت من أهم المؤسسات المشاركة للبنك الإسلامي للتنمية في مجال المنح الدراسية في نيجيريا، وللشيخ أحمد دوره البارز في دعم حقوق المرأة المسلمة في نيجيريا بشكل متواصل، ومن ثمراته تأسيس اتحاد الجمعيات النسوية الإسلامية في نيجيريا، والحث على التعايش السلمي، والتغلّب على العنف الطائفي في البلاد، وأسس معهد الدعوة الإسلامية لمحاربة التطرف، ومنِح عدداً من الأوسمة والجوائز الوطنية والدولية نظير خدمته الطويلة للإسلام والمسلمين.
كما منحت جائزة الملك فيصل العالمية للدراسات الإسلامية وموضوعها (التراث الحضاري لمكة المكرمة) لمعالي عضو هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية الدكتور عبد الوهاب بن إبراهيم أبو سليمان (السعودي الجنسية)، لجهوده العلمية المتنوِّعة الراصدة والموثقة لتفاعل الناس حضارياً في الحرم المكي وما حوله وبخاصة كتابه باب السلام، معيداً رسمها في حقب تاريخية مهمة، واتسم عمله بالموضوعية العلمية مع تنوع مصادره الأصيلة.
ومنحت جائزة الملك فيصل العالمية للغة العربية والأدب، وموضوعها (الدراسات التي تناولت الرواية العربية الحديثة)، للخبير الثقافي في الديوان الأميري بدولة قطر الدكتور عبد الله إبراهيم علاوي البوصباح (العراقي الجنسية)، وقد منح الجائزة تقديراً لأعماله العلمية وإسهاماته في دراسة الرواية العربية الحديثة، فقد درس الرواية العربية الحديثة في عدد من مؤلفاته، وكان ذو اطلاع واسع على المدونة السردية العربية مَكَّنَه من ضبط هذا التخصص المتعدد الموضوعات والإشكالات. كما كانت تحليلاته موفقة إلى حد بعيد وقائمة على الإقناع، وقد أخضع ذلك كله للعناصر الأصيلة والوافدة من الآداب والثقافات، رابطاً الخطاب السردي العربي بغيره من الخطابات الأخرى.
وفاز بجائزة الملك فيصل العالمية للطب وموضوعها (التشخيص غير التدخلي في أمراض الأجنة)، إلى مدير معهد لي كاشنج للعلوم الصحية ورئيس قسم علم الأمراض الكيميائية، وأستاذ الطب الباطني بجامعة هونج كونج الصينية البروفيسور يوك منج دنس لو Yuk Ming Dennis Lo (الصيني - البريطاني الجنسية).
كما منحت الجائزة للبروفيسور لو دور، وهو رائد في مجال التشخيص غير التدخلي في أمراض الأجنة، إذ استطاع في عام 1989م أن يتعرف على جنس الجنين بفحص حامض دنا وحامض رنا في دم الأم، وتعرف على آلية حدوث ذلك، وقد استخدم في أبحاثه أحدث التقنيات مع طرق إبداعية أدت إلى نتائج غير مسبوقة لوضع أولى اللبنات على طريق التشخيص غير التدخلي، وحفزت هذه النتائج مجموعات عديدة من الباحثين في تطبيق الطرق التي استحدثها في ممارساتهم السريرية في فحص أمراض الأجنة وتشخيصها، وواصل أبحاثه في هذا المجال بصورة متعمقة عبر عشرات السنين، وله الفضل في استبدال التشخيص التدخلي، وما صحبه من مضاعفات على الأم والجنين، بالتشخيص غير التدخلي في أمراض الأجنة.
وفاز بجائزة الملك فيصل العالمية للعلوم، وموضوعها (الرياضيات) لمدير معهد ماكس بلانك للرياضيات في بون البروفيسور جيرد فولتينجز Gerd Faltings - الألماني الجنسية، ويعرف بمساهماته الرائدة في الهندسة الجبرية، ونظرية الأعداد وتجمع أعماله بين الإبداع والرؤية والقوة التقنية،حيث قدم أدوات وتقنيات مذهلة وجديدة تستخدم باستمرار في الرياضيات الحديثة.
ولعبت رؤاه العميقة في التماثلات المرافقة p - adic للمتنوعات الجبرية دوراً أساسيّاً في التطورات الحديثة التي شهدتها نظرية الأعداد، ولأعماله حول الفضاءات الترددية للمتنوعات الأبيلية، وكذلك لبرهانه الشهير لتخمين مورديل تأثير كبير على الهندسة الجبرية الحسابية، كما قدم أفكاراً هندسية وتقنيات جديدة في نظرية ديوفانتاين للتقريب، مما أدى إلى برهانه لتخمين لانج في النقاط الكسرية للمتنوعات الأبيلية وإلى تعميم بعيد المدى لنظرية الفضاء الجزئي.
وللبروفيسور فولتينجز مساهمات مهمة في نظرية الحزم المتجهة على المنحنيات الجبرية التي أدت إلى برهانه لصيغة فيرليند وإلى معياره التماثلي المرافق لشبه الاستقرار.
يذكر أن موضوعات الفروع العلمية للجائزة للسنة القادمة (1436هـ - 2015م) هي: الدراسات الإسلامية (التراث الحضاري للمدينة المنورة )، وفي اللغة العربية والأدب (الجهود المبذولة في تعريب الأعمال العلمية والطبية )، وفي الطب (الميكروبات المعوية وصحة الإنسان )، وفي العلوم (الكيمياء ).