من شبح الهبوط إلى المربع الذهبي.. القصة الكاملة لنجاح "الاستثمارات العامة" مع "نيوكاسل"

اقتحم نادي نيوكاسل يونايتد مربع الصدارة في الدوري الإنجليزي أقوى دوري في العالم؛ وذلك بعد عام واحد من استحواذ صندوق الاستثمارات العامة عليه.

وكان نيوكاسل يصارع الهبوط العام الماضي، قبيل قيام الصندوق -في أكتوبر من عام 2021- بعملية استحواذ بنسبة 100%؛ ليبدأ الفريق بالعودة للانتصارات، وينتهي الموسم، محققًا المركز الحادي عشر.. وبدأ موسمه الحالي بمستوى قوي، واختتم -مطلع هذا الأسبوع- الجولة 13 بـ6 انتصارات، و6 تعادلات، وخسارة واحدة ومجموع نقاط 24 نقطة بفارق 7 عن المتصدر الأرسنال، ومتخطيًا ليفربول وتشيلسي ومانشستر يونايتد.

ظهرت الكثير من الأدلة التي برهنت على نجاح التجربة السعودية في الفريق الذي كان يعاني من سوء الأوضاع وتراجع النتائج؛ لدرجة أن شبح الهبوط كان يخيم عليه، ليصل في النهاية إلى المربع الذهبي في البريميرليج، بعدما وصل إلى المركز الرابع في ترتيب الدوري عقب فوزه على أستون فيلا برباعية دون رد؛ ليتمكن من رفع رصيده إلى 24 نقطة.

أما الصندوق الذي يترأسه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان آل سعود، فقد استحوذ في أكتوبر 2021 على أسهم نادي نيوكاسل يونايتد الإنجليزي، في صفقة قُدّرت بحوالى 300 مليون جنيه إسترليني، وفي العام الأول منذ إتمام الصفقة، أنفق الصندوق أكثر من 200 مليون جنيه إسترليني في صفقات شراء لاعبين جدد، وتعيين مدرب ورئيس تنفيذي جديدين بالفريق.

وعلى الرغم من الإمكانيات المادية لدى صندوق الاستثمارات السعودية؛ إلا أن المراقبين يؤكدون أن العمل السعودي في نيوكاسل لم يتسم بكثرة الإنفاق فقط؛ بل أيضًا بالاحترافية؛ حيث بدأت الإدارة في البحث عن أفضل طريقة لتحقيق المكاسب من خلال دفع مبالغ مالية تساهم في تحسين نتائج النادي، وفق خطة إدارية مدروسة وناجحة، وهو ما حدث بالفعل.

ومع بداية الموسم الحالي، أنفقت الإدارة السعودية حوالى 136 مليون يورو لتدعيم الفريق؛ لكن الصرف كان موجهًا لسد احتياجات النادي، كما تم الاستعانة بالمدير الفني "إيدي هاو" لتدريب نيوكاسل، الذي استطاع أن يساعد الفريق على النهوض من كبوته، خاصة أن الفريق كان يعاني في الموسم الماضي تحت قيادة المدرب "ستيف بروس"، من النتائج السلبية، حتى إنه أنهى الموسم الماضي في المركز الحادي عشر؛ فيما بات الآن أحد أبرز الفِرَق في المسابقة.

من جانبهم، يرى الملاك الجدد في نيوكاسل، أن النجاح داخل المستطيل الأخضر سينعكس على استثمارات النادي ويزيد من إيراداته وأرباحه؛ لذلك لم يدخر صندوق الاستثمارات العامة السعودي جهدًا خلال تلك الفترة لتلبية طموحات النادي سواء في التعاقد مع مدير فني جيد أو حتى إبرام العديد من الصفقات مع مجموعة متميزة من اللاعبين.

ووصف خالد الربيعان المتخصص والمستشار في الاستثمار الرياضي، صفقة استحواذ صندوق الاستثمارات العامة على نادي نيوكاسل الإنجليزي، بأنها نوعية، ستدعم مكانة الكرة السعودية مستقبلًا، كما أنها تعكس القوة التي عليها الصندوق، وقدرته على التوصل إلى شراكات وصفقات استثمارية استثنائية في القطاع الرياضي، تجعل منه أحد أكبر وأضخم الصناديق السيادية على مستوى العالم.

وقال: "في تفاصيل الصفقة، نجح الصندوق في الاستحواذ على النادي الإنجليزي بمبلغ قليل؛ وهو ما يؤكد كفاءة المفاوض السعودي وذكاءه الكبير، وقدرته على انتهاز الفرص الاستثمارية النوعية".

وأكمل: "تعكس الصفقة اهتمام صندوق الاستثمارات العامة بتعزيز شعبية المملكة رياضيًّا، وتعزيز الشراكات بين الأندية الرياضية الوطنية، والأندية العالمية، ومن بينها نادي نيو كاسل، إلى جانب الارتقاء بمسار الاستثمار الرياضي في أنشطة الصندوق".

وفي شأن ما تتميز به الصفقة، قال "الربيعان": "أرى أنها خطوة مهمة في تاريخ النادي الإنجليزي، ليس لسبب سوى أنها استهدفت نادي نيوكاسل، الوحيد من نوعه في مدينة نيوكاسل الإنجليزية؛ مما يعزز من شعبيته وجماهيريته في كامل المدينة دون منافسة من أحد، أضف إلى ذلك، قدرة الصفقة على تعزيز التأثير على كرة القدم الإنجليزية، خاصة أن الصفقة اشتملت على شراء 17 لاعبًا في فريق كرة القدم، معظمهم من الجنسية الإنجليزية، وهذا في حد ذاته يُعلي من شأن الصفقة، ويزيد من اهتمام الجمهور الإنجليزي بها؛ الأمر الذي يرتقي بشعبية النادي".

وتَطرق "الربيعان" إلى البنية التحتية لنادي نيوكاسل وما يتمتع به من مواصفات، وقال: "بنية النادي قوية ونوعية، يضاف إلى ذلك أن مدرب الفريق من أشهر المدربين في إنجلترا، ويتمتع بسمعة طيبة، وله تقديره واحترامه في الأوساط الرياضية الإنجليزية وأوروبا؛ مشيرًا إلى أن النادي يحتل حاليًا المركز الرابع في الدوري الإنجليزي، ونتوقع بعد استحواذ صندوق الاستثمارات العامة عليه، أن يتقدم في الترتيب العام، ويحقق إنجازات نوعية، تعيد توهجه وتألقه في كرة القدم الإنجليزية والأوروبية.

وتابع: "النادي الإنجليزي لديه أسماء لاعبين معروفة، تعتبر من أساطير الكرة الإنجليزية وأساطيل النادي، في مقدمتهم اللاعب آين روين، وألين شيرر، وإذا ذكر تاريخ الكرة الإنجليزية، يذكر اسم هذين اللاعبين".

وتوقع "الربيعان" أن يكون للصفقة تداعياتها الإيجابية على الشارع الرياضي السعودي، خاصة عند زيارته الأولى للمملكة، وقال: "تكشف تغريدات مشجعي الأندية السعودية جانبًا من الترحيب الكبير بالصفقة، خاصة بين مشجعي فريق الهلال بطل الدوري، والمقرر أن يلتقي فريق نادي نيوكاسل في مباراة تقام في المملكة".