واصلت المملكة السير قدمًا في حماية وتعزيز حقوق الإنسان بشكل عام، وفي مجال مكافحة الاتجار بالأشخاص بشكل خاص؛ حيث تبوأت مكانة متقدمة في هذا الجانب على كافة المستويات الإقليمية والدولية نظير حرص حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين على احترام حقوق الإنسان، وتأكيدهما الدائم على صون كرامة كل فرد يعيش على أرض هذا الوطن.
وكانت المملكة قد بذلت جهودًا موسعة في مكافحة الاتجار بالأشخاص، وذلك انطلاقًا من إيمانها بحقوق الإنسان، وتطبيقها لتعاليم الشريعة الإسلامية السمحة التي تراعي كرامة الإنسان؛ ففي عام 2007م صادقت على بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص وبخاصة النساء والأطفال المعروف باسم بروتوكول باليرمو، كما صادقت على بروتوكول عام 2014 المكمّل للاتفاقية المتعلقة بالعمل الجبري الذي يعدّ ضمن بروتوكولات منظمة العمل الدولية.
وعملت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية من منطلق مسؤولياتها في سوق العمل، ودورها التنموي، والتزاماتها في الخطة الوطنية لمكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص على توفير العديد من البرامج لمكافحة هذه الجرائم؛ حيث تقوم الاستراتيجية الوطنية للمملكة على أربعة محاور رئيسية؛ وهي: "الوقاية، الحماية والمساعدة، الملاحقة القضائية، التعاون الوطني والإقليمي والدولي".
وفي جانب سنّ الأنظمة والتشريعات لسوق العمل وضمان حصول العاملين على حقوقهم مما يحميهم من الوقوع كضحية لجرائم الاتجار بالأشخاص؛ أصدرت الوزارة ونفذت عددًا من المبادرات والبرامج لدعم هذا التوجه؛ حيث أطلقت مبادرة تحسين العلاقة التعاقدية، وبرنامج حماية الأجور، وبرنامج توثيق العقود، وتفعيل خدمة التسوية الودية إلكترونيًّا، وإطلاق منصة مساند التي تقدم خدمات الاستقدام للمستفيدين إلكترونيًّا؛ إذ تهدف الوزارة من خلال هذه الحزم من البرامج والمبادرات إلى حفظ حقوق العاملين وأصحاب العمل والارتقاء بسوق العمل.
وقامت الوزارة بالعديد من الحملات التوعوية بخطورة الاتجار بالأشخاص بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، والتوعية بحقوق وواجبات العاملين في المنشآت والعاملين من الخدمة المنزلية، من خلال إطلاق حملة "مبادرة الثقافة العمالية"، وحملة "التوعية بحقوق العمالة المنزلية" بلغات متعددة، وحملة "مؤشرات مكافحة الاتجار بالأشخاص" وغيرها من الحملات.
وأقامت 16 ورشة عمل لأكثر من 1600 من منسوبي: "مراكز الاتصال، والمراقبين الميدانيين، وموظفي دور الإيواء"، وتدريبهم على ملاحظة مؤشرات الاتجار بالأشخاص والأبعاد القانونية ووسائل الحماية، وكيفية التعامل مع بلاغات الاتجار بالأشخاص وإحالتها لجهة الاختصاص.
وفي الشأن القضائي عملت الوزارة على رفع المستوى المعرفي وبناء القدرات والتوعية بخطورة الاتجار بالأشخاص في سوق العمل من خلال إشراك العديد من الشركاء الوطنيين في هذا الجانب، عبر استقبال البلاغات ودراستها وتحليلها، وبلغ إجمالي البلاغات الواردة إلى الوزارة 360 بلاغًا؛ منها 126 بلاغًا متعلقًا بمكافحة الاتجار بالأشخاص؛ حيث تمحورت هذه البلاغات في "حالات الاحتفاظ بالجواز، وحالات العمل تحت الشمس، وحالات فحص المؤشرات للعاملات في دور الإيواء"، في حين بلغ إجمالي البلاغات التي قام القسم القانوني بالوزارة بدراستها بسرية تامة 223 حالة، أحيل منها 46 حالة للجهات الأمنية.
وفي محور الحماية عززت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية جهودها في مكافحة حالات الاشتباه بالاتجار بالأشخاص، وحالات الاستضعاف، عبر تقديم عدد من خدمات الدعم والحماية مثل خدمات معالجة الخلافات العمالية، وخدمات الدعم النفسي والاجتماعي، وخدمات الدعم الصحي والقانوني، وخدمات الإيواء؛ إذ أنشأت إدارة توفر الحماية والدعم للعمالة تستهدف توفير الرعاية والحماية للعمالة المنزلية والحفاظ على حقوقهم، وتتبع الإدارة وحدات حماية ودعم في جميع مناطق المملكة للوصول إلى جميع الفئات العمالية التي يصعب الوصول إليها.
وعلى صعيد دورها مع المجتمع والقطاعين الخاص وغير الربحي؛ أسهمت جهود الوزارة في إشراك أفراد المجتمع في مكافحة الاتجار بالأشخاص من خلال مشاركة أكثر من 60 متطوعًا ومتطوعة تطوّعوا عبر المنصة الوطنية للتطوع في رصد الحالات من خلال عدد من المؤشرات المعروفة في هذا المجال، كما عُقد العديد من ورش العمل على المستوى الوطني مع عدد من ممثلي القطاع الخاص في الغرف التجارية بمناطق المملكة؛ للإسهام والتعريف بجهود الوزارة في مجال مكافحة الاتجار بالأشخاص، إضافة إلى تفعيل دور القطاع غير الربحي في الموافقة على إنشاء أول جمعية متخصصة في مجال مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص، وعقد ورش عمل مع ذات القطاع لرفع التوعية بهذا الجانب.
وعلى الصعيد الدولي فعّلت الوزارة جهودها بتوقيعها العديد من الاتفاقيات وإجراء اللقاءات الثنائية مع الدول المصدرة للعمالة، والمشاركة في المؤتمرات الدولية، بالإضافة إلى عقد ورش عمل مع سفارات الدول لحصر تحديات العمالة، وتخصيص قنوات لاستقبال شكاوى السفارات العمالية في حالات الاشتباه بالاتجار بالأشخاص؛ حيث أطلقت المملكة برنامج الملحق العمالي الذي يستهدف الدول المصدّرة للعمالة في المملكة ويهدف إلى تحسين سياسات الاستقدام، ورفع وعي العمالة بأنظمة المملكة.
وتم تنفيذ ورشة عمل برعاية منظمة العمل الدولية لمشاركة تجربة المملكة في برنامج حماية الأجور، وبرنامج التسوية الودية، بالإضافة إلى عقد 6 ورش عمل مع العديد من المنظمات الدولية والدول لشرح مبادرة تحسين العلاقة التعاقدية.
وضمن جهودها الساعية لحماية حقوق العاملين في سوق العمل السعودي، وفّرت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية عددًا من القنوات المختلفة التي تتناسب مع كافة فئات العاملين وتمكّنهم من التواصل مع الجهات الرقابية في حال وجود استفسارات أو شكاوى؛ منها: مركز اتصال يقدم خدماته بتسع لغات، بالإضافة إلى استقبال الشكاوى عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي والبريد الإلكتروني، وقد تمت إحالة 54 بلاغًا عن الاتجار بالأشخاص إلى الإدارة المختصة للتحقيق، وقنوات التواصل التقليدية في مكاتب العمل المتوفرة في جميع مناطق المملكة والتي تتجاوز 54 مكتبًا.
ووفرت الوزارة "معًا للرصد"؛ وهو تطبيق إلكتروني باللغة العربية واللغة الإنجليزية ويمكن تحميله على كافة الأجهزة الذكية وتقديم البلاغات، ويتم بعد ذلك إحالتها للجهة ذات الاختصاص، الذي دمجت خدماته مؤخرًا في تطبيق وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية.
وظلت الوزارة دائمًا تجدد دعوتها للجميع إلى تقديم أي بلاغ قد يشتبه فيه بتوفر مؤشرات جرائم الاتجار بالأشخاص عبر هذه القنوات لاتخاذ اللازم من قبل الوزارة.