ما بعد «قيصر»… لحظة مفصلية لإعادة بناء الجمهورية السورية

ما بعد «قيصر»… لحظة مفصلية لإعادة بناء الجمهورية السورية
تم النشر في

يشكّل قرار إلغاء ما يُعرف بـ«قانون قيصر» ورفع العقوبات المفروضة على سوريا تحولًا سياسيًا واقتصاديًا بالغ الدلالة، ويفتح نافذة جديدة في مسار الدولة بعد سنوات طويلة من الضغوط والتحديات المركّبة.

ويضع هذا التطور جميع المكوّنات السورية، سياسيًا ومجتمعيًا، أمام مسؤولية وطنية كبرى تقتضي استثمار هذه الفرصة التاريخية بعيدًا عن منطق الانقسام، والعمل بروح الشراكة على ترسيخ وحدة الدولة وتعزيز سيادتها وبناء مستقبلها.

ويرى مراقبون أن المرحلة الراهنة تتطلب خطابًا وطنيًا جامعًا يتجاوز المصالح الضيقة، ويؤكد على وحدة سوريا أرضًا وشعبًا بوصفها الركيزة الأساسية لأي تعافٍ سياسي أو اقتصادي مستدام.

كما تفرض الظروف الحالية تضافرًا حقيقيًا بين مختلف أطياف المجتمع السوري، بهدف ترسيخ التماسك المجتمعي وتعزيز الثقة المتبادلة، بما يهيئ بيئة مستقرة قادرة على استيعاب متطلبات المرحلة المقبلة.

ويُعد رفع العقوبات الاقتصادية خطوة محورية يُنتظر أن تنعكس إيجابًا على الواقع المعيشي والاقتصادي، من خلال تنشيط حركة التجارة، وتخفيف القيود عن القطاعات الإنتاجية والخدمية، وفتح المجال أمام تدفق الاستثمارات، وإعادة تشغيل العديد من المشروعات المتوقفة.

ومن المتوقع أن يسهم هذا التحول في تحسين مستوى المعيشة وتخفيف الأعباء اليومية عن المواطنين، الذين تكبدوا لسنوات طويلة آثار الحصار والعقوبات.

وفي السياق ذاته، يشدد محللون على أهمية دعم جهود الحكومة السورية في إعادة بناء مؤسسات الدولة وتحقيق التعافي الاقتصادي، مع التأكيد على أن تجاوز تركات المرحلة السابقة يتطلب صبرًا طويل الأمد، وخططًا واقعية، وعملًا جادًا يراعي الأولويات الوطنية واحتياجات المواطنين.

كما يُرجّح أن يسهم إلغاء «قانون قيصر» في تعزيز الأمن والاستقرار الداخلي، وتهيئة مناخ أكثر ملاءمة لأي مسار سياسي انتقالي، بما يساعد الدولة على مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية المتراكمة، وتنفيذ برامج تنموية شاملة تستهدف مختلف القطاعات.

وتبرز في هذه المرحلة أهمية الدور المجتمعي، سواء عبر المبادرات المحلية أو من خلال التعاون بين المؤسسات الرسمية والمدنية، لضمان توجيه الجهود نحو تنمية مستدامة قائمة على العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص، وإعادة دمج جميع فئات المجتمع في عملية البناء.

وفي المحصلة، يمثل رفع العقوبات وإلغاء «قانون قيصر» فرصة نادرة لفتح صفحة جديدة في تاريخ سوريا، صفحة تتطلب وعيًا جماعيًا وإرادة وطنية صادقة لتحويل هذا التحول المفصلي إلى انطلاقة حقيقية نحو الاستقرار وإعادة الإعمار، وبناء دولة موحدة قادرة على تلبية تطلعات شعبها واستعادة حضورها الإقليمي والدولي.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org