يؤكد الكاتب الصحفي مشاري الذايدي أنه في سوق انتخابات الرئاسة الأمريكية، يتم توظيف "أي شيء" يظهر على شاشة الاهتمام الشعبي، وتُمسي كل الأشياء مستباحة، من التاريخ والدين والسياسة والبشر وحتى الحيوانات، كما حدث في واقعتَيْ "شاحنة القمامة" و"السنجاب بينوت"، لافتًا إلى تفوّق المرشح الجمهوري دونالد ترامب في هذا الجانب؛ بسبب خبرته الطويلة في عالم البيزنس والتسويق و"الشو" الإعلامي، فصار الأمر لديه موهبة بالغريزة.
وفي مقاله "ترامب... السنجاب المحارب!" بصحيفة "الشرق الأوسط"، يقول "الذايدي": "المرشّح الجمهوري للرئاسة الأمريكية دونالد ترامب رجلٌ "مبدع" في التسويق واغتنام الفرص السانحة لمخاطبة الجمهور والميديا والتأثير عليهما، يفوق بذلك منافسته المرشّحة الديمقراطية كامالا هاريس بمراحل كثيرة.. ربما يرجع ذلك لخبرة الرجل المديدة في عالم البيزنس والتسويق و"الشو" الإعلامي، فصار الأمر لديه موهبة بالغريزة، الأمر الذي لا تملكه هاريس، وربما يعود ذلك لبراعة فريق حملته، أو يكون العنصر الأخير، أعني فريق الحملة، يجاري رئيسه في هذا "المُود" ويشتغل عليه، حين طارت فلتة من فلتات لسان الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن في مكالمة مع نائبته هاريس، واصفًا فيها الجمهوريين بالقمامة، أو هكذا شاع، اهتبل ترامب الفرصة، وحضر مؤتمرًا انتخابيًا لحملته، وهو يقود شاحنة نفايات، ويرتدي ملابس عمّال النظافة!".
ويرصد "الذايدي" واقعة أخرى تم استغلالها في الانتخابات، ويقول: "في هذا السياق وفي ذروة السباق الانتخابي وصراع الحملات، بين الجمهوريين والديمقراطيين، حاز "سنجاب" اهتمام روّاد "السوشيال ميديا" في أمريكا... تخيّل! "بينوت" هو اسم سنجاب كان بحوزة مواطن أمريكي يُدعى مارك لونغو، لكنه انتهى نهاية حزينة! الشرطة اقتحمت منزل لونغو وزوجته في نيويورك مؤخرًا وأخذت السنجاب الشهير الذي يتابعه أكثر من 600 ألف على "إنستغرام" مع حيوان آخر (راكون)، وفق ما نقلت "أسوشييتد برس"، ثم أعدمت الحيوانين، بذريعة الاشتباه بإصابتهما بداء "الكلَب" وهو داءٌ مُعدٍ للبشر.. مارك، صاحب السنجاب المحبوب، أكّد في تصريحات سابقة أن 10 عناصر من الشرطة قتلوا سنجابه "بوحشية بعد أن ربّاه 8 سنوات وكأنه فرد من العائلة"! وأن الشرطة راحت تفتّش منزله بوحشية وكأنه إرهابي أو تاجر مخدّرات... هكذا قال. بعدها تحوّل السنجاب لرمز وطني، وأيقونة انتخابية، ورُسمت له الصور الخيالية، ودخل على الخطّ كبارٌ في السوق الانتخابي السياسي مثل إيلون ماسك، وشبّه ناسٌ في "السوشيال ميديا" المرشّح ترامب بأنه مثل هذا السنجاب "المحارب" الذي يقاوم النظام الفاسد".
ويرصد "الذايدي" تداول فكرة البطل المخلص الشائعة لدى مؤيدي "ترامب"، ويقول: "فكرة أن ترامب هو منقذ الشعب المُقصى من تدبير أمر الدولة، لصالح "دولة عميقة" أو نخبة واشنطن، فكرة سائدة منذ فترته الأولى، ولكن ما هي هذه الدولة العميقة، من هم رموزها، وما هي أدواتها في إمساك أمر الدولة، رغم أنف الرئيس؟! البعض يرى أن هذه النخبة الغامضة تتمثّل في "التيار الأوبامي" بقيادة باراك أوباما نفسه وبعض أسرته وأنصاره، والبعض يرى أنها مؤسسات السلاح والنفط، والبعض يرى أنها النواة الصلبة من قيادات الدفاع والخارجية والاستخبارات، هذا أمر تباينت فيه التفاسير".
وينهي "الذايدي" قائلًا: "لكن المُراد هنا أن توظيف "أي شيء" يظهر على شاشة الاهتمام الشعبي، في سوق الانتخابات، هو أمر جدير بالانتباه له، أي شيء حرفيًا، مثلما يقول الديمقراطيون عن ترامب إنه هتلر الجديد، وربما آكل لحوم الأطفال المهاجرين! هنا تُمسي كل الأشياء مستباحة، من التاريخ والدين والسياسة والبشر والحيوانات، يمثّلها في حالتنا السنجاب المحارب المأسوف على شبابه (بينوت)".