لم يتوقع يوماً السلطان السلجوقي علاء الدين كيقباد الثالث أن يطعنه عامله التركي عثمان أرطغرل في خاصرة ملكه، ويستقل بما أقطعه إياه من أراضي له ولعشيرته مكافأة لإخلاصه المزعوم للسلاجقة قبل أن يستخدم الخائن ما منحه إياه سيده السلجوقي من عدة وعتاد وتمكين في استغلال ظروف ضعف دولة السلاجقة بعد حربها مع المغول ليستقل ويعلن انطلاق التاريخ الدموي العثماني ويشرع في قتل عمه «دوندار غازي»، الذي اعتبرته سائر العشائر أحق بالإمارة من ابن أخيه .
جاءت تلك الخيانة متوافقة مع الغدر لتعلن انطلاق السلطنة العثمانية بسلوكها الإجرامي تجاه كل القوميات والأديان والمذاهب، وجاءت جرائمها ضد السكان مخالفة لكل القواعد الإسلامية والإنسانية، وتستعرض "سبق" في هذا التقرير بعض المجازر والمذابح التي ارتكبها العثمانيون خلال تاريخهم الدموي العثماني في البلاد العربية.
إبادة نصف سكان جبل لبنان
تسبب العثمانيون في حدوث مجاعة كبرى في لبنان في الفترة من 1915 إلى 1918، بعد أن منع جمال باشا قائد الجيش الرابع للإمبراطورية العثمانية في منطقة سوريا، دخول المحاصيل إلى جبل لبنان من المناطق السورية المجاورة، ما أدى إلى موت أكثر من نصف السكان، فيما شكل جريمة حرب ضد الإنسانية.
مجزرة محمد نجيب في العراق
ارتكب العثمانيون هذه المجزرة رداً على انتفاضة مدينة كربلاء على انتهاكات القوات العثمانية لها، بعد أن حاصرها محمد نجيب باشا وقصفها بالمدافع وقطع نخيلها ونهب ممتلكاتها، وتتفاوت تقديرات حجم الضحايا في بعض المصادر بين 4 آلاف رجل وامرأة وطفل و10 آلاف، فيما تذهب بعض المصادرالأخرى إلى أن عدد الضحايا فاق 24 ألفاً.
مذابح مصر
نفذ العثمانيون خلال تاريخهم في مصر عدة مجازر ضد المواطنين الرافضين لحكمهم واستبدادهم وفسادهم، لاسيما في بداية احتلالهم لمصر عام 1517م، إذ يذكر المؤرخ أحمد ابن إياس الحنفي في كتابه "بدائع الزهور في وقائع الدهور" أن العثمانيين قتلوا 10 آلاف من عوام المصريين في يوم واحد، ووصف ابن إياس المجزرة بقوله: "انقضت العثمانية على العوام والغلمان والزعر، ولعبوا فيهم بالسيف وراح الصالح بالطالح، وربما عوقب من لا جنى، فصارت جثثهم مرمية على الطرقات من باب زويلة.. ولولا لطف الله لكان لعب السيف في أهل مصر قاطبة".
ولم تتوقف المذابح ضد المصريين سواء ارتكبها العثمانيون مباشرة أو نفذوها من خلال ولاتهم المعينين لحكم مصر، ومنها مذبحة القلعة الشهيرة التي دعا فيها محمد علي أعيان المماليك إلى احتفال كبير في القلعة بمناسبة تنصيب ابنه طوسون على رأس حملة متجهة إلى الحجاز، وضمت مراسم الاحتفال مسيرة لموكب كان فيه المماليك بين طرفي الجند، وسار موكب الاحتفال منحدراً إلى باب العزب، ولم يكد هؤلاء الجنود يصلون إلى الباب حتى أرتج الباب الكبير وأقفل من الخارج في وجه المماليك وتحول الجنود بسرعة عن الطريق، وتسلقوا الصخور على الجانبين، وراحوا يمطرون المماليك بوابل من الرصاص، حتى قيل إن عدد القتلى في هذه الواقعة قارب الخمسمائة ومن نجا منهم من الرصاص فقد ذُبِح بوحشية.
استباحة دماء أهل تونس
وفي تونس لا تزال أهوال مذابح العثمانيين حاضرة في وعي التونسيين ويتناقلونها جيلاً بعد جيل، ومنها ما تدرسه المناهج المدرسية عن فظائع الولاة الأتراك، خصوصاً تلك التي ارتكبها مراد الثالث، الذي حكم تونس 3 أعوام (1699-1702)، واستباح فيها دماء الأبرياء بمجرد الظن أو الاتهام بلا دليل، وارتكب كل المحرمات، وتوضح المناهج أن العثمانيين استعمروا أراضي العرب باسم الدين الإسلامي، واخترعوا كذبة الخلافة لاستعباد أصحاب لغة القرآن طيلة 4 قرون، وعاثوا فيها قتلا ونهبا، وسفكًا للدماء، واغتصابًا للنساء، وقطع رقاب الثوار وتعليقها على الأسوار، وأهانوا شيوخ القبائل البدوية في ولايات شمال إفريقيا.