ما بال حال رياضتنا تدور كالرحى بـ"فضاوة"؛ لا تُنتج قمحًا.
الأرقام تقول "مبالغ مالية" لا شك في ذلك، ومبالغ عالية جدًّا، استفاد منها الأجنبي المستثمر، وشركات التعاقد، والسماسرة من مكاتب بيع اللاعبين، وغيرهم ممن لا يحسبون إلا الدولار، ولكنه الوطن الخاسر الأكبر من هذه الأطروحات وهذه النفقات العالية جدًّا التي لو أحسنَّا استخدامها والإنفاق فيها، وخُطِّط لها بطرق علمية صحيحة، لكانت مخارجها جيدة، وعوائدها قيمة ذات نفع للوطن وأبنائه.
المليارات أُنفقت وما زالت رياضتنا "عرجاء"، تحبو بين الخلافات والاستقالات، وما بين الوجع من النتائج للمنتخبات.. والبحث عن مخرج لإيجاد قلب هجوم أو دفاع، والنتيجة صفر إلى هذه اللحظة، وما إن يأتي رئيس لاتحاد القدم حتى يصطدم بالعوائق والمنغصات، وتظهر له ألف مشكلة ومشكلة، وبعدها بأيام يقدِّم استقالته ومعه فريق العمل.. ونحن ندور في هذا الفلك منذ ثلاث سنوات وأكثر، ولم نزل نمسك بعصا الرحى؛ لعلها تُنتج قمحًا..!؟
مَن ينظر إلى "دوري المحترفين" لا يجد سوى فريق واحد يملك لاعبين مهرة، ويقدم عملاً مؤسساتيًّا (وهذا هو الجانب الذي أتحدث عنه: العمل المؤسسي مفقود في اتحاداتنا)، واتحاد القدم بالتحديد، والأندية التابعة له كافة، ما عدا "فريق الهلال"؛ فهو فريق يضم كيانًا ومجموعة من الإداريين الناجحين، وعملاً احترافيًّا، يُفترض أن يكون نموذجًا لبقية الأندية وللاتحاد نفسه.
"العمل المؤسسي" مَطلب في المنظمات والهيئات كافة، وليس العمل الفردي أو مجموعة من الإعلاميين ممن يسترزقون من أحاديثهم حفنة من الريالات، وهم يغالطون الحقائق، ويهزمون الوطن..!
المنطق والواقعية أن يكون هناك لقاء مع بيوت خبرة، والاستعانة بالخبراء في رياضتنا المحلية، ومن الخارج أيضًا، ويكون الطرح صريحًا وشفافًا.. والسؤال "بعصف ذهني": لماذا وصل بنا الحال إلى نتيجة أننا لا نجد رئيسًا، وغالبية مدربي الأندية استقالوا أو أُقيلوا؟.. ومنها: كيف يأتي لاعبون عاديون جدًّا بمبالغ مالية عالية؟ ومنها: لماذا وكيف وعلى أي معيار يتم اختيار مدرب للمنتخب؟ وكيف يتم اختيار رئيس للاتحاد أو حتى للنادي..؟
هناك معايير لا بد من وضعها، وأنظمة لا بد من تطبيقها؛ لكي نصل برياضتنا إلى ما هو مأمول. أما أن نترك "الحبل على الغارب" وبهذه الطريقة العشوائية، وبنظرات المنظرين ممن يكون رزقهم في أقلامهم فقط، وهم بعيدون عن المصلحة العامة، فلن يكون لدينا رياضة ولا منظومة رياضية؛ كونها لا تتماشى مع أقل نظريات الإدارة والوصول إلى "عمل مؤسسي"، يصل بنا إلى خصخصة الأندية.. وكيف أن نجعل من الرياضة ذات نفع ومنتج، يعتمد عليه الاقتصاد، وتكون رافدًا قويًّا من روافد الاقتصاد..!
ما نحن عليه الآن لا يبشر بأي نتائج إيجابية، ولا ينم عن تطور في كرة القدم التي اعتبرتها دول عديدة منتجًا قويًّا لدخلها القومي، ومنها وصلت العديد من الدول إلى العالمية، وجلبت استثمارات إلى بلدانها، ومنها ــ أي الرياضة ـــ خاطبت غالبية الدول العالم برسالتها، وأوصلت ثقافتها ومنتجاتها إلى العالم.. فأين نحن من هذا التخطيط وهذا العمل الاحترافي العميق والبعيد لسنوات قادمة..!؟
فهل نعيد النظر في منظومة الرياضة وهيئة الرياضة؟ ونتساءل بقلب صادق هدفه الوطن أولا وعاشرًا: لماذا وصل بنا الحال إلى هذه الدرجة؟ وكيف هي الحلول..؟
ليست الحلول المؤقتة التي ما أنتجت إلا كثيرًا من السلبيات، والعودة للوراء، والبداية من مربعنا الأول..!