نظَّم وفد المملكة العربية السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة اليوم، بالتعاون مع مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب (UNCCT)، فعالية افتراضية بعنوان "منع إساءة استخدام منصات الاتصال الجديدة"، بمشاركة تحالف الأمم المتحدة للحضارات (UNAOC)، والمديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب التابعة للأمم المتحدة (CTED)، وذلك على هامش فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة الثاني رفيع المستوى لرؤساء أجهزة مكافحة الإرهاب في دول أعضاء الأمم المتحدة.
وتهدف الفعالية إلى فهم البيئة والقنوات والأساليب المتغيرة عبر الإنترنت التي يستخدمها الإرهابيون والجماعات العنيفة، ولاسيما في سياق جائحة كوفيد 19، واستكشاف طرق جديدة وغير تقليدية للاتصال في الفضاء الرقمي، فضلاً عن استكشاف التدابير الوقائية التي يجب مراعاتها.
وتناولت الفعالية التي تولى إدارة جلسة الحوار فيها جان بيير لاكروا، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات حفظ السلام، سُبل منع سوء استخدام منصات التواصل الجديدة؛ إذ أدت جائحة كوفيد 19 إلى قضاء الشباب مزيدًا من الساعات الطويلة على الإنترنت وعلى الشبكات الاجتماعية والمنصات، وخلق هذا التفاعل الاجتماعي المتزايد عبر الإنترنت فرصة للإرهابيين والمتطرفين العنيفين لنشر معلومات مضللة، ونشر خطاب الكراهية والتعبئة للعنف خارج الإنترنت.
وأفاد معالي مندوب السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير عبدالله بن يحيى المعلمي، في كلمة ألقاها بداية الفعالية، بأن هذه الفعالية تأتي لتسلط الضوء على أحد أخطر التهديدات التي تواجه عالمنا اليوم، خاصة في وقت نعتمد فيه على التكنولوجيا والمنصات الرقمية على المستويات كافة، مشيرًا إلى أن هذا الاعتماد زاد أثناء انتشار جائحة كوفيد-19 وما صاحب ذلك من إجراءات الإغلاق وممارسة العمل عن بعد؛ لذا توفر منصات التواصل الجديدة فرصة لتسلل الإرهابيين واختراقهم العالم الافتراضي، كما تستخدم العوالم الرقمية للتجنيد والتحريض على التطرف والكراهية.
وأبان أن مثل هذا التهديد يتطلب تعاونًا وتنسيقًا أقوى على الساحة الدولية، من خلال الهيئات الحكومية والمنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة، أو من خلال هيئات المجتمع. مشيرًا إلى أن مشروع "تمكين شبكات الحوار بين الأديان" الذي تموله المملكة العربية السعودية يأتي باعتباره إحدى المبادرات المهمة التي تعزز بناء القدرات لدى رجال الدين الشباب وصناع الإعلام من خلال المشروع المشترك بين تحالف الأمم المتحدة لتحالف الحضارات ومركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب.
ولفت السفير المعلمي النظر إلى أن مثل هذا المشروع يعكس إيمان المملكة العربية السعودية الراسخ بأن التنوع الديني والثقافي بين المجتمعات والأفراد يجب ألا يغذي الانقسامات، بل يجب أن يسير بنا نحو الحوار بين الأديان من أجل تعزيز السلم والأمن الدوليَّيْن.
وقال: ومن هذا المنطلق تسعى السعودية جاهدة نحو تمكين الشباب والاستثمار فيهم من أجل تعزيز قيم السلام والتسامح؛ إذ أنشأت السعودية العديد من البرامج والمراكز التي تتصدى للفكر المتطرف من خلال مراقبة ومكافحة الأيديولوجيات المتشددة، وتفنيد أطروحاتها. ومن هذه الهيئات التي أسستها السعودية هناك الهيئة الوطنية للأمن السيبراني، ومركز الحرب الأيديولوجية (فكر)، والمركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف (اعتدال). وقد وقع هذا الأخير مؤخرًا مذكرة تفاهم مع مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، وهو يشارك في مناقشة اليوم.
وأكد المعلمي أن أفضل طريقة لمواجهة الإرهاب والتصدي لخطاب الكراهية والعنف هي نشر رسالة السلام والمحبة والدعوة للتعايش بين الأديان والمعتقدات المختلفة، مبينًا أنه في هذا السياق تعهدت السعودية بدعم تحالف الحضارات التابع للأمم المتحدة على مدى السنوات الثلاث المقبلة؛ وذلك انطلاقًا من إيمان السعودية القوي بالدور المهم للأمم المتحدة في خلق ثقافة السلام والتسامح.
وأضاف: تدرك السعودية أهمية إعلان ثقافة السلام وبرنامج العمل المرتبط به، الذي يعتبر بمنزلة تفويض للمجتمع الدولي للتحرك. مبينًا أن مثل هذه البرامج والمبادرات التي تروج لثقافة السلام إنما تتماشى مع المقاصد والمبادئ المكرسة في ميثاق الأمم المتحدة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ولاسيما الحق في حرية التفكير والمعتقد والدين، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. مشددًا في ختام كلمته على أن السعودية أخذت زمام المبادرة في إطلاق قرار الجمعية العامة رقم 75/ 258 بتاريخ 21 يناير 2021 بشأن ثقافة السلام والتسامح.