
علّق الكاتب الصحفي والإعلامي والمثقف السعودي عبدالرحمن الراشد؛ على ما أُثير أخيراً عن وجود خلافٍ بين المملكة والإمارات حول الوضع باليمن، لافتاً إلى أن أيّ خلافٍ هو امتحانٌ للعلاقة وتمتينها، فلا توجد علاقاتٌ بلا خلافاتٍ؛ لكن الحكومات الأكثر نضجاً هي تلك التي تسعى إلى وضع الخلاف في إطاره، وليس بالضرورة حله؛ إن لم يمكن ذلك.
وقال الراشد؛ في مقاله المنشور اليوم بصحيفة "الشرق الأوسط": إن الحكمة تسيَّدت في الخلاف السعودي - الإماراتي حول التعامل مع النزاع اليمني - اليمني في جنوب اليمن؛ ما قدّم نموذجاً يُحتذى في العلاقات الإقليمية بين دول المنطقة المليئة بالثقوب والنزاعات، خاصة عندما حسم البيان السعودي - الإماراتي الموضوعات المعلّقة وأنهى المشكلة.
وأضاف، أعرف أن هناك مَن سيطعن في طرحي ويذكّرني بالخلاف مع قطر، وقد شاركت في نقاشات فردية وسمعت آراءً قوية بشأنه. يقولون إن الخلاف المثلث؛ أي السعودي - الإماراتي - القطري، يشبه بعضه، وهذا ليس صحيحاً، البتة. الخلاف مع قطر عمره ربع قرن، وليس من عشرين يوماً. منذ عام 1994، عندما تولَّى الشيخ حمد بن خليفة الحكم، غيَّر سياسة والده حيال السعودية، وكذلك الإمارات، وكان حمد؛ على خلافٍ مع والده في هذا الجانب. بكل أسف قطر بعدها نشطت في استهداف أنظمة هذيْن البلديْن بلا توقف، رغم المصالحات والاتفاقات الموقعة، والوساطات من حسني مبارك؛ رئيس مصر الأسبق إلى الشيخ صباح الأحمد؛ أمير الكويت.. كلها فشلت لأن قطر استمرت في زعزعة أمن جاراتها، وتحديداً البحرين والسعودية.
وتابع الراشد؛ لم تبقَ هناك جماعة معادية للسعودية في الداخل والخارج لم تقم قطر بدعمها مادياً وإعلامياً. هذه الممارسات ليست مجرد خلافات؛ بل تهديد لكيانات الدول، والخلاف مع قطر وجودي. أما الاختلاف في التعاطي في القضايا بين الحكومات أمر طبيعي ومتوقع، والحكمة تبقى في حله أو تحييده، وهذا ما نراه يتكرّر بين دول ناضجة مثل فرنسا والولايات المتحدة، كثرة الخلافات لم تلغِ التحالف بين البلدين.
وأكّد أن مشكلة بعض سياسيي العالم العربي أنهم يضعون كل القضايا في سلة واحدة، لهذا ممكن تقطع علاقات كاملة على برنامج تلفزيوني أو تصريح سياسي. والخلاف مع قطر أبداً ليس حول قناة «الجزيرة»، فقد كان إعلام العراق البعثي ضد السعودية أكثر حدة وسوءاً، ولم يتسبّب في قطع العلاقات في السبعينيات.
وأضاف، تتميّز العلاقة «الحديثة» السعودية - الإماراتية عن غيرها، بأنها تنشط على كل المستويات، وتحقّق نتائج على الأرض في كثير من المجالات. سياسياً؛ تتعاونان في ملفات إيران والقرن الإفريقي وشمال إفريقيا والعراق وتركيا، وفي الدوائر الغربية، والعلاقة مع باكستان والهند والصين وروسيا. حالة التنسيق هذه من الشمول والدقة تجعلها نادرة، لم نعهد لها مثيلاً، ليس السبب في نقص الرغبة في التعاون مع بقية الحكومات؛ بل لأن إدارة السياسيين للعلاقات نشطة بشكل إيجابي، عدا عن التوافق السياسي بشأنها.
وهذا ما كنا نتمناه أن يحدث مع قطر؛ الدولة المارقة، لأنها ستكون أقوى وأكثر احتراماً لو انضمت إلى هذا التنسيق، إنما سبب القطيعة مع الدوحة لم يكن أبداً حول رأي سياسي في كيفية التعاطي مع اليمن أو مَن يحكم مصر، رغم أهمية هذه القضايا؛ بل على أمن واستقرار وبقاء الدولة.
وعاد الراشد إلى نقطة الفصل في مقاله بالتساؤل: ماذا عن الشأن اليمني، سبب الأزمة؟ .. وأجاب، حسمته فطنة السياسيين وحكمتهم. واليمنيون يستطيعون حل خلافاتهم بينهم، وأمامهم خياران: اللجوء إلى القانون الدولي والمؤسسات الدولية المعنية، أو التفاهم والتوصل إلى اتفاقات مبدئية على طبيعة الحكم المنشودة لاحقاً. عدا عن ذلك يعطون فرصة لتدخل أطراف إقليمية ودولية لإيقاد حروب أهلية تمتد عشرة وعشرين عاماً.