يؤكد ناصر الحزيمي أحد أفراد الجماعة السلفية سابقاً، التي أقدمت على اقتحام الحرم المكي عام 1400هـ، أن صاحب فكرة اقتحام الحرم المكي كان جهيمان العتيبي، وهو من خطط لها، وقادها بنفسه ميدانياً، وحدد تاريخها؛ إيماناً منه بأن يوم القيامة قريب.
ويقول "الحزيمي" لـ"سبق" أن ما جاء في مسلسل "العاصوف" هو جزء بسيط من الأحداث التاريخية للاقتحام، والهدف الرئيسي من اقتحام الحرم المكي هو تحقيق ما جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن "أشراط الساعة"، وأن الجماعة كانوا مهووسين بقرب يوم الساعة، وآخر الزمان، وتجديد الدين.
ويوضح أنه اعتُقل بعد الاقتحام، وسُجن في سجن المباحث بـ"عليشة" لمدة 6 سنوات، لم يتعرض خلالها للتعذيب أو الضرب كما يتردد، بل وجّه الأمير نايف بن عبدالعزيز –رحمه الله- بتزويده بأجهزة الراديو والكتب، رغم أن القضايا كبيرة، ومختلطة.
ويضيف "الحزيمي" أنه وبعد 40 عاماً من اقتحام "الجماعة السلفية المحتسبة" بقيادة جهيمان العتيبي للحرم المكي، وتوثيقه ذلك في كتابه "أيام مع جهيمان.. كنت مع الجماعة السلفية المحتسبة" أراد تسجيل موقف من الأحداث في التاريخ السعودي. والتأكيد على أن صاحب فكرة اقتحام الحرم المكي عام 1979م هو "جهيمان" وليس صهره محمد القحطاني "المهدي المنتظر" حسب رأيهم، وكان "جهيمان" هو صاحب الفكرة، وهو مخططها، وقائد العملية، وكان يملك "الكاريزما" القيادية القوية في الجماعة، أما محمد القحطاني، فعلى الرغم من دراسته الجامعية حتى السنة الأخيرة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية إلا أنه يفتقر للصفة القيادية.
ويضيف أن الهدف الرئيسي من اقتحام الحرم المكي هو تحقيق ما جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم من "أشراط الساعة"، واعتقادهم الشديد بقرب يوم القيامة، وكانوا ينتظرون هذه "الأشراط"، ويؤمنون بها، وحينها قال –آنذاك- الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية -رحمه الله- تعليقاً على اقتحام الحرم المكي: "إنها حركة مهووسة"؛ بالفعل كانوا مهووسين بقرب يوم الساعة، وهذا أدقّ تعبير.
وعن سبب اختيار "الجماعة" فجر يوم 1/ 1/ 1400هـ لاقتحام الحرم المكي، قال "الحزيمي": "السبب الرئيسي استنادهم للحديث الذي رواه أبو داود في سننه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دِينها". وهو حديث صحيح؛ لذا تم اختيار فجر هذا اليوم ليخرجوا على الأمة، ويجددوا لها دينها، وهذه القضية ومفاهيمها المختلفة لا يمكن استيعابها إلا بقراءة حديث "أشراط الساعة" وتفسيراتها المتعددة حتى تُفهم مسارات الأمور. وفي ذلك التاريخ كانت عوامل التجديد للأمة متكاملة في نظر "جهيمان"، فاليوم بداية القرن الهجري الجديد، وصهره ورفيقه محمد بن عبدالله القحطاني المهدي المنتظر" حسب رأيه.
وعن قصة انسحابه من جماعة "جهيمان" قبل عملية الاقتحام بعدة أشهر، قال: "اختلفت أنا ومجموعة معي مع مجموعة "جهيمان" على نقطتين: الأولى رفض "جهيمان" أن ندرس على يد الشيخ ابن باز -رحمه الله- وثانياً اختياره لمحمد عبدالله القحطاني أن يكون "المهدي المنتظر"، ورفضت فكرة "المهدي المنتظر" لتأثري برأي شيخي علي المزروعي الذي رفضها رفضاً تاماً؛ وانسحبنا، ولم نقتحم الحرم مع الجماعة".
وعن السلاح الذي ضُبط مع الجماعة التي قامت بعملية اقتحام الحرم المكي يؤكد "الحزيمي" أن الأسلحة كانت تهرَّب من اليمن عن طريق مجموعة سعيد القحطاني أخي محمد القحطاني، وأنهم كانوا يجمعون أموالاً ومبالغ من داخل الجماعة، فمنهم من باع مزرعته، وآخر تصرف في عقاراته، وهكذا لأنهم يتصورون أنهم في آخر الزمان، أما التمويل الخارجي فغير موجود نهائياً، ولا علاقة لأي من رجال الأعمال السعوديين بتمويل العملية.
ويضيف "الحزيمي" أن الجماعة السلفية المحتسبة كانت تؤمن بشدة بقرب قيام الساعة في بداية القرن الهجري، وكانوا يستعدون لهذه اللحظة، ويعتمدون على الرؤى والأحلام في ممارساتهم وتصرفاتهم، لذا المجموعة التي اقتحمت الحرم المكي مؤمنة بقرب قيام الساعة، وبقضية "المهدي المنتظر"، وهي تعمل ضمن هذا الإطار، وبخطاب آخر الزمان، وأن الساعة قادمة لا ريب، ومن العلامات المهمة التي يجب أن يتبعها المسلمون هي المهدي المنتظر، وفي مفهومهم وقناعتهم أن الجماعة السلفية المحتسبة هي أكثر تقية، وأكثر حظوة من غيرها في اتباع السنة النبوية والقرآن الكريم؛ وعليه لا بد أن يكون المهدي المنتظر من أفرادها.. فـ"أشراط الساعة" متلازمة لفكرة "المهدي المنتظر"؛ لذا كانوا يعتمدون كثيراً على الرؤى والأحلام في توجهاتهم.