فنّد الدكتور المهندس سلمان الهشبول الباحث والمستشار، رئيس منتدى النخبة الفكري، فن إدارة الأزمات؛ بأن هناك العديد من التعريفات للأزمات "Crises".
وفي التفاصيل: قال المستشار "الهشبول": من ضمن التعريفات للأزمات على سبيل المثال لا الحصر؛ هي: نقطة تحول مصيري ومهمة في حدث ما، ولها مميزات معينة، وهي كذلك التحسن الملحوظ أو التأخير القوي والحادّ، ولها علاقة قوية جدًّا بخلفيات سابقة، ويجب أن تتغير ويحلّ محلها أشياء أخرى، وهناك متغيرات نوعية وكمية تؤثر في هذا الحدث.
وأضاف: تعود بعض الأصول في التعريفات والمصطلحات للازمة إلى الطب الإغريقي القديم، والتي عرفها بنقطة تحول، يعني أنها مرحلة مهمة وحاسمة في حياة المريض، وتطلق على التغير الطارئ في جسم الإنسان؛ ولذلك يوجد هناك من يشبّه الأزمة بالإنسان المريض وتطور حالته المرضية من خلال الأعراض المبدئية وارتفاع درجة الحرارة والأعراض المصاحبة، وبعد ذلك التشخيص والعلاج السريع والعلاج النهائي والتعافي بعد ذلك من المرض، وتمّ التعريف بعد ذلك في القرن السابع عشر على أنها ارتفاع في درجة التوتر للعلاقات بين الدول.
وأردف: بالمعنى البسيط لإدارة أي شي، هو التعامل معه والتفاعل معه وإمكانية قياسه للوصول إلى أفضل النتائج الممكنة، بما يضمن ويحقق الأهداف الموضوعة من خلال فريق إدارة الأزمة، وهي أيضًا عبارة عن "محاولات تطبيق مجموعة من القواعد والإجراءات والخطط المبتكرة، والتي تتجاوز الهياكل التنظيمية المعتادة وأساليب الإدارة الروتينية المتعارف عليها، وذلك بهدف السيطرة على الأزمة والتحكّم فيها وتوجيهها وفقًا للمصلحة العامة".
وتابع: الآن سأتحدث عن أنه عند تقدير الأزمة "Crisis assessment"، أو تقييم الوضع الأزموي أو الحالة الأزموية، أو تقدير الموقف وتحديده تحديدًا دقيقًا، يقوم مدير "إدارة الأزمة - Director of Crisis Management"، وبمساعدة معاونيه بتحليل حالة الأزمة "Analysis"، وعناصرها المختلفة ومكوناتها، بهدف اكتشاف المصالح الكامنة وراء صُنع الأزمة، والأهداف الحقيقية غير المعلنة التي يسعون لتحقيقها، وذلك من خلال المعلومات المتوفرة أو في البحث عنها.
وأوضح "الهشبول" أنه فيما يخصّ تحليل الأزمة وتشخيصها، فهي تمامًا مثل حالة المريض عند ذهابه للطبيب، فلديه أعراض، وهناك سبب لهذه الأعراض، ولا بد له من عمل تحاليل وكل ما من شأنه أن يساعد الطبيب في تشخيص حالته، وهنا تقريبًا الأزمة هي نفس الشيء، فيتم تحليل وتقييم الوضع الحالي "أو موقف الأزمة" بشكل عام "Crise Situation" وتحويله إلى أجزاء بسيطة "Break down" لسهولة فهمها واستيعابها، ثم إعادة تركيبها بشكل منظم، بحيث يتم التوصل إلى معلومات جديدة؛ وذلك للدعم في صناعة القرار في كل مراحل وحالات الأزمة وكيفية معالجتها.
وأضاف: في مرحلة تحليل وتقييم الأزمة، يتم فيها استخدام بعض المعادلات الرياضية والإحصائية والنماذج الرياضية لمعرفة ولقياس حالة موقف الأزمة وتحليلها بشكل دقيق. وهذا النوع بالطبع يعتمد على الاختيار الدقيق والصحيح لأدوات القياس والتحليل؛ والتي من أهمها:
1- التحليل الدقيق لنقاط القوة ونقاط الضعف "SWOT Analysis" لدى كل طرف من الأطراف المرتبطة في الأزمة، وكذلك الأطراف المضادة لها.
2- التحليل لعلاقات التقارب والتباعد "Convergence and divergence" للمتغيرات والثوابت الخاصة بعوامل حالة الأزمة وعناصرها والعوامل المساعدة على إيجاد الأزمة، ومدى تأثر كل منها وتأثيرها على صنع الأزمة وعلى تشكيل حالة الأزمة.
3- تحليل الأسباب "Root causes" التي أدت إلى نشوب هذه الأزمة بناء على أساس المعلومات المتوفرة والتقصّي لها بأن تكون معلومات دقيقة وصحيحة، وإلى العوامل التي أثرت فيها، وكذلك معرفة الموقف "درجة الأزمة" التوتر التي بلغتها الأزمة، ومراحل الاستقرار والتعادل التي استطاعت قوى إدارة الأزمة الوصول إليها.
4- تحليل طبيعة الخطر "Nature of the risk" الذي تشكله الأزمة، وتكاليف استمرارها وأعبائه، ومدى تأثير كل ذلك على الكيان الذي نشأت به الأزمة.
وبناء على ماسبق ذكره، يتم جمع كل البيانات والمعلومات التي تم الحصول عليها وكل ما تم الحصول عليه من تحليلات ونتائج، وتحويلها إلى عناصر رقمية وكمية ورمزية، ومن خلال ذلك يتم استخلاص المؤشرات والنتائج والحلول الكلّية والجزئية والبدائل المختلفة التي يتعيَّن الاختيار من بينها؛ الأمر الذي يقلل من احتمالات الخطأ والتحيّز غير الموضوعي عند القيام بعملية التخطيط لمواجهة الأزمة وإدارتها بشكل كامل وتام ومتكامل مع كل المعنيين، وبدون اتخاذ أي نوع من القرارات العشوائية أو الفردية غير المحسوبة النتائج، وكذلك الدعم في صناعة القرار لمراحل الأزمة من أصحاب الصلاحية وبشكل أكبر وعلى نطاق واسع.
وختامًا قال "الهشبول": هذه إطلالة على مفهوم الأزمة وتحليلها بشكل مبسط ومختصر، وأتمنى من الله العلي القدير أن أكون قد وفقت في ذلك، وسيتم بإذن الله الاستمرار في سلسلة لهذا المفهوم وأبعاده وكل تفاصيله بإذن الله مستقبلًا.