"رحلة دكتور وأيقونة معلم".. مليار مسلم على موعد مع "ماهر المعيقلي" في خطبة عرفة

صوت رخيم يصدح بالقرآن بأشرف البقاع.. "صورة تقشعرّ لها الأبدان وتنصت لها الآذان"
 إمام وخطيب المسجد الحرام ماهر بن حمد المعيقلي
إمام وخطيب المسجد الحرام ماهر بن حمد المعيقلي
تم النشر في

في أفضل أيام الله وأعظمها قدسية، وبينما يقف الحجاج على جبل عرفات، ستطرب آذانهم وستصغى أفئدتهم إلى معلم الرياضيات ماهر المعيقلي، الذي يصدح بصوته الشجي فيهم خطيبًا يوم عرفة.

ذلك الصوت الرخيم الذي يصدح بالقرآن في مهبط الوحي وأشرف البقاع، ومشرق النور، بصورة تقشعر لها الأبدان وتنصت لها الآذان، وبشكل يتناسب ويتناسق مع عظمة المكان، في صورة روحانية نادرة؛ بات أيقونة في عالم قراء القرآن الكريم، مسجلًا اسمه بأحرف من نور في "القائمة الأشرف".

صوت اعتبر منحة وهبة ربانية، فوهبه "المعيقلي" لخدمة القرآن الكريم، ولبثّ الخشوع في نفوسهم مستمعيه بتلاوة رصينة حاضرة في النفوس، وبأسلوب يتخذ من آيات الجنة والوعد بها مناسبة لحثّ الطامعين في دخولها على عمل الصالحات وترك المنكرات، ومن آيات النار والوعيد فرصة ثمينة لدفع الناس إلى الطريق القويم.

وبينما شرُف ذلك الصوت بأن يكون إمامًا وخطيبًا للمسجد الحرام، كان على موعد مع محطة هامة وحدث مميز له ولكل ضيوف الرحمن، بتكليفه بإلقاء الخطبة والصلاة يوم عرفة بمسجد نمرة لهذا العام 1445هـ.

وكانت رئاسة الشؤون الدينية برئاسة الحرمين أعلنت قبل أيام عن صدور الموافقة الملكية بتولّي الدكتور ماهر المعيقلي، إلقاء الخطبة والصلاة يوم عرفة بمسجد نمرة لهذا العام 1445هـ.

موافقة ثمنها رئيس الشؤون الدينية للمسجد الحرام والمسجد النبوي الدكتور عبدالرحمن السديس، متوجهًا بالشكر والتقدير لمقام خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين على هذه الثقة الكريمة، التي اعتبرها دعمًا لرئاسة الشؤون الدينية، وتجسيدًا لاهتمام القيادة الرشيدة للحرمين الشريفين وأئمتها وخطبائها في تعزيز رسالة والوسطية والاعتدال، وريادة السعودية العالمية والحضارية، ولما يمثّله منبر الحرمين الشريفين من مكانة دينية لدى المسلمين في جميع أنحاء العالم.

ماذا نعرف عن المعيقلي؟

ولد الشيخ ماهر بن حمد بن معيقل المعيقلي البلوي في عام 1969 بالمدينة المنورة، وحفظ القرآن الكريم في سن صغيرة، وأصبح صوته الآسر وخشوعه النادر وتمكّنه من تلاوة كتاب الله، طريقه المختصر إلى القلوب، والتي حملت سيرته إلى العالمية.

درس "المعيقلي" في كلية المعلمين بالمدينة المنورة، وتخرج فيها معلمًا لمادة الرياضيات، وعلى طريق حياته العملية انتقل للعمل بمكة المكرمة معلمًا ثم مرشدًا طلابيًّا في مدرسة الأمير عبد المجيد.

ولحرصه الدؤوب على العلم والنهل من منابعه، تمكن "المعيقلي" من الحصول على درجة الماجستير بتقدير ممتاز في فقه الإمام أحمد بن حنبل من كلية الشريعة بجامعة أم القرى، ليواصل رحلته الاستثنائية بتمكنه من الحصول على درجة الدكتوراه في التفسير.

مشوار حافل كان من بين محطاته عمله أستاذًا مساعدًا بقسم الدراسات القضائية بكلية الدراسات القضائية والأنظمة بجامعة أم القرى؛ لتتم ترقيته إلى منصب وكيل الكلية للدراسات العليا والبحث العلمي.

وحمل أول تسجيل للمصحف المرتل لإذاعة وتلفزيون المملكة، صوت وتوقيع المعيقلي، بالاشتراك مع الشيخ محمد السيد ضيف، ليظل أيقونة راسخة بمرور الزمان، ومحطة مضيئة في تاريخه وتاريخ الإذاعة والتلفزيون .

رحلة استثنائية

تولّى "المعيقلي" إمامة وخطابة جامع السعدي بحي العوالي بمكة المكرمة، ومنها إلى المسجد النبوي الشريف؛ حيث كان إمامًا للمصلين خلال شهر رمضان في عامَي 1426 و1427هـ. وبعدها بعام شرف المعيقلي بتولي إمامة المصلين في صلاتي التراويح والتهجد بالمسجد الحرام خلال شهر رمضان في عام 1428هـ، ليعين في العام نفسه بشكل رسمي إمامًا للمسجد الحرام حتى الآن.

وكان "المعيقلي" تعرض العام الماضي لوعكة صحية، أثارت قلق محبيه حول العالم الإسلامي، بعد أن أصيب بإعياء وإرهاق في أثناء خطبته وإمامته للمصلين؛ ما تعذر معه إكمال الصلاة ليتأخر عن الإمامة، ويتقدم بديلًا عنه رئيس رئاسة الشؤون الدينية في المسجد الحرام والمسجد النبوي، آنذاك، الدكتور عبدالرحمن بن عبد العزيز السديس.

حادث أثار مخاوف كبيرة على صحته، آنذاك، إلا أن رئاسة الحرمين أصدرت بيانًا لطمأنة الجميع بأن الدكتور ماهر المعيقلي في خير وعافية وصحة جيدة، وبعدها بأيام ظهر "المعيقلي" إمامًا وخطيبًا في المسجد الحرام بعد أن تماثل للشفاء.

وبعودة "المعيقلي" إمامًا وخطيبًا للمسجد الحرام، إثر تلك الوعكة، سكنت قلوب محبيه وهدأت نفوسهم، واطمأنّ رواد أشرف البقاع، الذين لم يكفوا عن الدعاء له، على صحته.

خطبة عرفة

وبتكليفه لخطبة عرفة سيكون حوالي مليار مستمع حول العالم ممن يتحدثون قرابة 20 لغة عالمية؛ على موعد مع "المعيقلي"، في حدث استعدّت رئاسة الشؤون الدينية للمسجد الحرام والمسجد النبوي له بكامل جاهزيتها، ومن بين تلك الاستعدادات استهدافها ذلك العدد من المستمعين لخطبة عرفة، وهو أكبر عدد لمشروع ترجمة خطبة عرفات منذ تأسيسه، ويعدّ نقلة هي الأولى من نوعها في تاريخ الرئاسة المستحدثة، ونموذجًا من إشراقات دعم القيادة الرشيدة لبرامج الرئاسة الدينية؛ بحسب بيان رئاسة الحرمين.

وعن ذلك قال رئيس الشؤون الدينية الدكتور عبدالرحمن السديس: إن مشروع خادم الحرمين الشريفين لترجمة خطبة عرفة، يأتي في إطار حرص خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين على نشر سماحة الدين الإسلامي وقيمه العليا، وإنسانيته ورحمته في جميع أصقاع المعمورة، وإبراز دور وجهود السعودية في خدمة ضيوف الرحمن، وإيصال رسالة الإسلام الحق إلى المسلمين على اختلاف لغاتهم، والعالم بأسره، عبر تطبيق مخصص لترجمة الخطبة على أجهزة الهواتف المحمولة، وموقع الرئاسة الإلكتروني، ومنصة منارة الحرمين.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org