قناة (غصب) الجديدة..!

قناة (غصب) الجديدة..!
تم النشر في

جيل الثمانينيات يعرف جيدًا قناتَي (غصب1) وأختها، ويعرف أسرار الاسم، وكيف كانتا تُداران؟ وكيف كان التهكم بهما؟.. وسبق أن تطرقتُ لتلك الظروف في روايتي (غياب). وعندما تتعمد هيئة الإذاعة والتلفزيون استفزاز الجمهور في حملتها الترويجية بإعلان كهذا لأجل أن يلتفت المتلقي لماهيته، والبحث عن أسراره، وماذا يكمن وراءه..؟ فذاك شأنها البحت. وقد نجحت الهيئة نجاحًا كبيرًا في جذب انتباه المجتمع بكل أطيافه، ووصول الهدف الموجَّه لهم بإعلان ولادة قناة تلفزيونية جديدة.

من حق هيئة الإذاعة والتلفزيون إعلان مشاريعها بالطريقة التي تحلو لها، وتضمن بها الوصول بأقصر الطرق لأكبر شريحة في المجتمع، ومن حقها أن تغربل مؤسستها، وتسرح من تراه غير قادر على تحقيق الطموحات حين تسعى لمنافسة حقيقية بإعداد الكوادر الفنية الجيدة، والسعي وراء المحتوى الجاذب في البرامج المقدمة للجمهور؛ لتضمن متابعتهم الجادة بما يحقق لهم الفائدة والمتعة.

ومع يقيني بأن الرياضة والثقافة لهما رسائل مهمة في المجتمعات، وقد بدأ تفعيل نشاطهما تحت مظلة رعاية الشباب، وكانتا تسيران في خطَّين متوازيَين متنافسَين، إلا أن البون أصبح شاسعًا بعد أن انفصلت الثقافة عن رعاية الشباب قبل أن تصبح هيئة للرياضة، وانضمت المؤسسات الأدبية والثقافية إلى وكالة للشؤون الثقافية ملحقة بوزارة الإعلام. وكان جمهور الأدباء والمثقفين يناشدون المسؤولين فتح قناة تلفزيونية، تكون منبرًا لهم، وبحثوا طويلاً عن هذه القناة التي سترعى مشاريعهم الثقافية، وتسلط الأضواء عليهم من خلال النقل المباشر للأنشطة الثقافية، كالأمسيات الإبداعية، والندوات والمحاضرات، واللقاءات الحية من معارض الكتاب، والمؤتمرات الأدبية، والملتقيات الثقافية، والحوارات البناءة مع الأدباء، والتعريف بالمثقفين.. وقد أسعدهم الحظ بافتتاح قناة ثقافية وحيدة مقابل القنوات الرياضية المتعددة، وكانت تقوم بدور لا بأس به في تغطية جوانب فنية وثقافية عديدة، كان لها دور مهم في زرع البهجة في نفوس المشاهدين لبرامجها المتنوعة، إضافة إلى عرض المسرحيات والأفلام الهادفة.. وإن كانت تلك المساهمة ضعيفة وخجولة، ودون مستوى الطموحات، لكن الأمل كان معقودًا على دعمها وتطويرها ماديًّا ومعنويًّا، وتأهيلها لتكون صوت المثقف، وهويته ومنبره، وتلبي رغبات قاعدتها الجماهيرية حتى وإن كانت قليلة، لكنهم شريحة في المجتمع تستحق الأفضل، فضلاً عن النخبة التي يعنيهم وجودها، ولتواكب التحوُّل الوطني، وتحقق الأهداف الثقافية في (رؤية السعودية 2030)، ولكننا فوجئنا بتحويل الثقافية إلى شاشة sbc، وصدر القرار وقُضي الأمر، ولا ندري عن الخطط المرسومة للقناة الجديدة، ولا نعلم ما هي البرامج التي سيتم تفعيلها؟ فالطموحات عالية، والآمال كبيرة، ونتمنى من القناة الجديدة أن تحمل على عاتقها إبراز الهوية الثقافية السعودية، والمنافسة الجادة من خلال برامجها التي ستطرحها.. ونأمل ألا يكون لها توجُّه مغاير لما يطمح إليه المثقفون؛ حتى لا نعود من جديد لقناة غصب3. وإني من المنتظرين..

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org