نتابع معكم اليوم رحلتنا ضمن سلسلة معالم المدينة المنورة خلال الشهر الفضيل شهر رمضان المبارك، حديثنا عن معلم من أجمل معالم المدينة الروحانية هذا المعلم الذي شهد أحداثًا إسلامية عظيمة وكان شاهدًا حتى اليوم على كل صلاة نتجه فيها صوب الكعبة المشرفة في أي مكان على وجه الأرض؛ إنه مسجد القبلتين.
وفي الحلقة الثامنة من زاوية "سبق" التي تطلق فيها معالم المدينة المنورة، تتناول "سبق" مسجد القبلتين.
يقول المدير التنفيذي لمتحف دار المدينة المنورة، المهندس حسان طاهر: حين تصل إلى بلدة أو مدينة تستشعر فيها جمال الروحانيات وطمأنينة السكنات ووفرة البركات فتأكد أنك قد وصلت إلى مدينة رسول الله، طيبة الطيبة بها تطيب القلوب وتهفو النفوس. وفي معالمها تعيش الحنين والذكريات، ومن ضمن هذه المعالم المهمة في هذا البلد المبارك مسجد القبلتين، والذي عُرف بمسجد بني سلمة.
وأفاد "طاهر" بأن في هذا المسجد حصلت حادثة مهمة جدًا غيرت من مجريات التاريخ الإسلامي وأحدثت في الإسلام أمرًا مهمًا جدًا ألا وهو تحويل القبلة من بيت المقدس إلى بيت الله الحرام، كان ذلك الحدث في العام الثاني للهجرة، حيث نزلت آية تحويل القبلة، بعد أن حقق الله رغبات نبيه محمد ﷺ، قال تعالى: "قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِك فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ"، فأرسل رسول الله ﷺ أحد الصحابة ليبلغ المسلمين في أطراف المدينة، معلنًا بذلك تغيير القبلة حتى قيام الساعة بتوجيه من الله عز وجل.
وأكد طاهر أن المسلمين اهتموا بمسجد القبلتين واعتنوا به عناية بالغة فجدده عمر بن عبدالعزيز مرة ثانية عندما كان واليًا للمدينة، ثم جُدد مرة أخرى في العصر العباسي، وتوالى اهتمام الحكام والسلاطين بالمسجد على مر التاريخ الإسلامي حتى توج بعمارة فريدة وتوسعة ضخمة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله.
وبيّن "طاهر" أن المسجد تميز بمكانة عالية في قلوب المسلمين، لما شهده من حادثة ظلت عالقة بأذهانهم في كل صلاة يتوجهون فيها نحو الكعبة المشرفة.
وأكد "طاهر" أن مسجد القبلتين يقع بالجهة الغربية من المدينة المنورة قرب الجامعة الإسلامية، وينسب هذا المسجد لبني حرام من بني سلمة، ويطيب لزائره اليوم أداء صلواته ونسكه وعباداته في جو رحب من العمارة الفخمة والمريحة مستشعرًا أحداث تحويل القبلة والآيات الكريمة التي نزلت تحقيقًا لهذا الأمر الكريم.