مؤلمة هي المشاهد وصور الدمار للبنية التحتية والقتل على الهوية في بلد الرافدين، عراق "دجلة والفرات"، وآثار بابل وأرض العلم والتنوير، وعاصمة الثقافة في حقبة الخمسينيات الميلادية؛ إذ كان يضرب به الأمثال في التطور والسعي في طلب الرزق؛ ولما يشهد من تطور في دور العلم والجامعات العريقة والمعتمدة في الطب والهندسة والإعلام والاقتصاد والثقافة والفنون وشتى العلوم..!!
ما يعيشه المواطن العراقي البسيط اليوم هو أسوء حال قد يمرُّ به الإنسان مقارنة بالبلدان المتخلفة والعصور الحجرية، وبات بعيش على الكفاف، وفوق خط الفقر والجهل وانتشار الأمية وتفشي الأمراض والبؤس في أحلك صوره، والظروف الحياتية الصعبة؛ وذلك بسبب تعاقُب الحكومات المختلفة والأحزاب والمؤسسات الفاسدة، التي بات واضحًا أنها -أي الحكومات المتعاقبة على العراق- تتلقى الأوامر من طهران، ولم يعد الأمر يخفى على المتابع للشأن العراقي..!!
إن ما نخشاه حقيقة أن يكون إخراج عراقنا العربية من مأزق المذهبية اليوم بات دونه خرط القتاد، وأن تكون أيضًا أي محاولة للنأي به من هذا المستنقع لا يكتب لها النجاح؛ ما يزيدنا خوفًا، ويجعلنا أكثر خشية من تقسيم هذا البلد الغني بالبترول والنخل والزرع الأخضر والأنهار، ربما إلى دويلات ثلاث في الآني من الأشهر والسنين القادمات..!!
الدول العربية -وعلى رأسها الجامعة العربية- عليها أن تضع حدًّا لما يحصل في العراق بتفعيل دورها، وعقد اجتماعات عاجلة ورحلات مكوكية لإنقاذ ما تبقى من الهوية العربية في هذا البلد الجريح، وأن تضطلع بدورها الريادي والاعتباري إعلاميًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا، وكل ما من شأنه العمل على ترسيخ الهوية العربية لبلد كان منارًا للعروبة والنور..!!
إن على العراقيين قبل غيرهم وضع أيديهم على أيدي بعضهم، وأن لا يسمحوا للمد الإيراني وحشوده الدموية تحت أي مسمى، أو بائعي الوهم من مدعي الديمقراطية الرمادية، وعزلهم عن سور بيتهم العربي الكبير وحضنه الدافئ؛ فالعراق عربي أبيّ، ولا يصلح أن يكون غير ذلك، وتجارب السنين والأيام الماضيات خير دليل فيما وصل إليه من تردٍّ في الحال والأحوال..!!