يبدو أن الدوحة فقدت بوصلتها السياسية بالتغييرات الأخيرة في الخرطوم، فدبلوماسيتها تعاني تخبطات كبيرة في الأيام الأخيرة، وأضحت ضحية لارتدادات عزل الرئيس السوداني السابق عمر البشير، وهو ما أفشل مخططاتها وأجنداتها الخبيثة في المنطقة، والتي تنفذها بالوكالة عن أطراف إقليمية أخرى في المنطقة.
وأحدث الموقف الأخير بطرد السودان للوفد القطري برئاسة وزير الخارجية محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، ورفض استقباله رسميًا، صدمة كبيرة للدوحة، ووضع الإمارة الخليجية الصغيرة عند حدودها، بعد أن تعدت الأعراف الدبلوماسية في محاولة فرض رؤيتها على السلطات السودانية بطريقة فجة غير حكيمة، وجاءت الخطوة السودانية لتشير إلى تفهم القيادة الجديدة في الخرطوم للمآرب القطرية، وأهدافها الخفية من وراء الزيارة.
أصداء وتداعيات الخطوة السودانية لم تتوقف عند هذا الحد، فقد أصدر الناطق الرسمي باسم المجلس العسكري الانتقالي في السودان شمس الدين الكباشي الخميس بيانًا يكذب فيه ما جاء في بيان للخارجية السودانية، التي نفت رفض الخرطوم لاستقبال الوفد القطري، وتوضيحًا لسبب إقالة وكيل وزارة الخارجية بدر الدين عبد الله محمد أحمد.
وقال الناطق الرسمي إن الإقالة جاءت بسبب إعداد بيان صحافي حول زيارة وفد قطري إلى السودان دون علم المجلس، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء السودانية الرسمية "سونا".
وأضاف "الكباشي": "إن البيان الذي أصدرته الخارجية تم دون علم المجلس العسكري الانتقالي خصوصًا أنه استند إلى تقارير صحفية تضاربت فيها المعلومات عن عزم وفد قطري زيارة السودان".
وأشار إلى أن وزارة الخارجية لم تأخذ رأي المجلس في هذا الموضوع كما لم يعبر البيان عن الموقف الرسمي للمجلس العسكري الانتقالي.
وكانت قناة "العربية" قد نقلت عن مصدر سوداني، وصفته بـ"الرفيع" أن السلطات في الخرطوم رفضت، الأربعاء استقبال وفد قطري برئاسة وزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن آل ثاني. وذكرت المصادر نفسها أن عبد الرحمن وصل الخرطوم، لكنه غادر سريعًا، بعدما رفضت السلطات استقباله.
وهو ما نفته وزارة الخارجية السودانية قائلة: "ترجو وزارة الخارجية أن تنفي ما نقلته إحدى القنوات الفضائية من أن السودان رفض استقبال وفد قطري برئاسة نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية. وتوضح الوزارة أن الترتيبات تجري لزيارة وفد قطري رفيع المستوى للخرطوم".
وهو ما تم على إثره إقالة وكيل الخارجية السودانية بدر الدين عبد الله محمد أحمد من منصبه، وإصدار المجلس الانتقالي السوداني لبيان يعبر عن رفضه وتكذيبه لما جاء في بيان الخارجية السودانية.
أصداء "تويترية"
من ناحية أخرى، أجمع المغردون في مواقع التواصل الاجتماعي على وصف ما حدث للوفد القطري بـ"الفضيحة المدوية"، ليس لسبب سوى أن رئيس الوفد، ليس موظفًا عاديًا في الدبلوماسية القطرية، وإنما هو وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني بشحمه ولحمه، الذي حمله الكثيرون تبعات هذه الفضيحة التي لحقت بالدبلوماسية القطرية. وأشاروا إلى أن قطر اعتقدت أن السودان "عزبة" تابعة للدوحة، يأتونها في أي وقت، دون سابق استئذان.
وأكد المغردون أن الوفد القطري، لربما سعى إلى السيطرة على المجلس العسكري السوداني، وأن الوفد اعتقد ـ خطأً ـ أنه سيكون محل ترحاب من السلطات هناك، بيد أن المسؤولين السودانيين تنبهوا للأمر ـ على ما يبدو ـ، وأيقنوا خطط قطر، فردوا الصاع صاعين، ورفضوا استقبال الوفد القطري، وأعادوه مطأطئ الرؤوس.
وسخر المغردون من "الفضيحة القطرية"، وقال أحدهم، إن "وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن، بدا وكأنه عُين في منصبه صباح اليوم، وبالتالي هو لا يملك أي خبرات"، مشيرًا إلى أن "ما حدث للوفد القطري، يبين بوضوح مكانة قطر وحجمها الطبيعي بين دول المنطقة والعالم".
وقال آخر، إن زيارة الوفد القطري إلى السودان في هذا التوقيت، ليست بريئة، وإنما تحمل خبثًا معروفًا عن تنظيم الحمدين، بمحاولة السيطرة المبكرة على السودان في هذه الظروف التي أعقبت الإطاحة بالرئيس السابق حسن البشير، ومحاولة إغرائه ببعض المال، كي ينصاع لمطالب تنظيم الحمدين، ولكن مثل هذه اللعبة، لم تنطلِ على المجلس العسكري السوداني، الذي يدرك ما هي قطر، ومن يقف خلفها.