خلال السنوات الأخيرة زاد الاهتمام بالحياة الفطرية ومكوناتها الطبيعية في المجتمع السعودي؛ وذلك وفقًا لبرامج ومستهدفات رؤية المملكة 2030م، التي تدعو للمحافظة عليها؛ وذلك لأهمية تأثيرها على توازن البيئة وجودة الحياة، واستقرارها بشكل عام.
زارت "سبق" محمية "ضرية" للمحافظة على الضبان، التي تقع جنوب غرب مدينة "الرس" بالقصيم، وأسسها المواطن نواف الرحيمي، المهتم بالعناية بالضبان أحد أبرز الزواحف الصحراوية المعروفة في بيئتنا المحلية، والتي كانت قبل سنوات قليلة مهددة بالانقراض نتيجة الصيد الجائر.
عن ذلك يقول الرحيمي: "بدأت الفكرة قبل 25 سنة، وتحديدًا عام 1998م، واستمرت بشكل بسيط؛ لكنها تطورت خلال السنوات الست الأخيرة؛ وذلك بعد الاهتمام الكبير الذي حظيت به الحيوانات البرية -وخاصة الضبان- من الجهات المعنية، وأُسست هذه المحمية بهدف المحافظة على الضب وتكاثره في بيئة سليمة، وأنشئت محمية وسط مزرعتين، وتم تخصيصها للضبان فقط، وجمعها داخل المحمية المسورة بسور طوله ٧٠ مترًا × ٥٠ مترًا بارتفاع متر ونصف، وحرصت على تلييس الجدران بحزام من السيراميك من الداخل؛ لمنعها من تسلق الجدار والخروج، كما تم تركيب كاميرات نهارية وليلية لمراقبة دورة حياة الضب المختلفة وسلوكه، وتم توثيق كل شيء عن مراحل حياته".
ويضيف "الرحيمي": "إن أصعب مراحل تربية الضب هي جعل الضب يأكل من يديك، وألا يخاف من البشر، كما أن من أصعب الأمور التي يعاني منها مربو الضبان هي هروب الضبان من داخل السور"؛ لذلك يوصي " نواف الرحيمي" مَن يعتني بالضبان بوضع سور لا يقل ارتفاعه عن متر ونصف مع تركيب السيراميك.. أما طعام الضب فهو البرسيم الناشف، ويضيف لها المكعبات التي تحتوي على بروتينات، وجميع أنواع الورقيات الخضراء، وبذور وأزهار النباتات الحولية والمعمرة الصحراوية، ومع ذلك يأكل الضب بعض الحشرات كالخنافس والعناكب والجراد والنمل والذباب، ويحرص على إعطائها كل ١٠ أيام فيتامينات تُمزج مع الماء حمايةً لها وتقوية وزيادة المناعة ضد الأمراض.
وعن التكلفة المالية لتربية الضبان، يقول الرحيمي: "تقدر التكلفة الشهرية لإطعام الضبان بـ١٢٠٠ ريال، لكل ١٥٠ ضب، بواقع تكلفة 8 ريال للضب الواحد، وهي من أقل الحيوانات عرضة للأمراض، وقد تمضي ثلاث سنوات، ولا يموت سوى ضب واحد فقط.
وبسؤاله عما يتردد في الأوساط الشعبية من أن الضب لا يشرب الماء، قال "الرحيمي": هذه مقولة غير دقيقة، والضب يشرب الماء ويحتاجه للنمو والتغذية، ولكنه يستغني عنه عند فقدانه، لأنه يستفيد من العصارات داخل العناصر النباتية والحشرات؛ حيث يستفيد من محتواها المائي".
وعن تكاثر الضبان، قال: "بعد توثيق حياة الضبان بالكاميرات؛ فإن الضبان تحتاج إلى حرارة مرتفعة لكي ينشط التزاوج بينها، ويكون في وقت "الكنة"، في شهر أبريل، وقد يتأخر قليلًا، وهو وقت الذروة لخروج جميع الضبان للتزاوج، وبعد ١٥ يومًا تضع الأنثى البيض داخل الجحر أو تقوم بدفنه وتركه، وتذهب إلى جحر آخر، ولا تعود إليه، وتُنتِج حتى ٥٥ بيضة، وبعد شهرين يبدأ الفقس، وتخرج الصغار من جحر الأم مباشرة، وخلال أسبوع لا يبقى أي صغير داخل الجحر، ولا تحتاج الصغار لمساعدة أمها؛ إذ تقوم الصغار بحفر مكان تخرج منه بنفسها".
ومن المخاطر التي تهدد خروج صغار الضب "الحسليات" بعد التفقيس، قال: "تهاجمها ذكور الضبان، وتلتهمها وتقضي عليها، كذلك الطيور آكلة اللحوم، والقطط البرية، والورل وغيرها، والضب الصغير يحتاج ٤ سنوات تقريبًا ليكون قادرًا على التزاوج، كما أن الضبان تدخل البيات الشتوي مع بداية فصل الشتاء، وتبقى حتى أول فبراير".
وعما يقال عن علاقة الضبان بالعقرب السوادء، ومشاركتها له جحره، قال الرحيمي: "في الغالب لا يشارك الضب في جحره أي حيوان آخر، ولكن يلاحظ أن بعض الحشرات تشاركه جحره، وهناك علاقة تعايش بين الضب والعقرب؛ حيث يوفر العقرب للضب الحماية، والضب يمنحه المأوى وبعض الفرائس الصغيرة".
ويقول نواف الرحيمي: "بالنسبة للحم الضب، يتردد أن الدراسات التي قامت بتحليل لحمه كشفت عن مضارها؛ لاحتوائها نسبة كوليسترول عالية جدًّا مقارنة باللحوم الأخرى".
وعن مدى نجاح تكاثر الضبان في المحمية، كشف الرحيمي أنه ناجح جدًّا، ويحتاج إلى حرص وجهد ومراقبة، وبلغ إنتاج الضبان للمحمية في العام الماضي ١٠٠٠ ضب، وتجاوز عدد الضبان في المحمية ٢٠٠٠ ضب، ويتطلع لتوسعة المحمية وتطويرها لزيادة الإنتاج، ودعم المحميات للمحافظة عليه وزيادة أعدادها.