
تبنت المملكة العربية السعودية، ممثلةً في الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا)، تعزيز مبادئ الذكاء الاصطناعي الأخلاقي على مستوى العالم، حيث دعمت مبكرًا توصيات "اليونسكو" بشأن أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، وأيدتها 193 دولة في نوفمبر 2021م، وكانت في طليعة الدول التي أسست المبادئ والأطر اللازمة لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي التي تحكم سلوك الذكاء الاصطناعي من ناحية القيم الإنسانية. وقد انبثق عن هذه الجهود عدد من الإنجازات الدولية، منها: إعلان ميثاق الرياض للذكاء الاصطناعي في العالم الإسلامي، وإنشاء المركز الدولي لأبحاث وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي (ICAIRE) بمدينة الرياض، وإقرار "اليونسكو" له مركزًا دوليًا من الفئة الثانية.
ودعمت "سدايا" جهود المملكة الدولية في صياغة مستقبل الذكاء الاصطناعي الملتزم بالمعايير الأخلاقية والقيم الإنسانية التي تكفل تحقيق المنفعة للبشرية جمعاء، بعد أن كرّس العالم جهوده في شرح حالات استخدام الذكاء الاصطناعي المختلفة والتحديات الناجمة عن ذلك دون النظر كثيرًا إلى البعدين الاجتماعي والإنساني. وقد بدّدت "سدايا"، في مشاركاتها الدولية، المخاوف التي كانت محل نقاش في لقاءات المختصين في هذه التقنيات المتقدمة، حول الأثر الأخلاقي لها، وأسهمت في إعداد سياسات تضبط أخلاقيات الذكاء الاصطناعي في العالم، وأقرتها المنظمات الدولية، وفي مقدمتها منظمتا "اليونسكو" و"الإيسيسكو".
وفي الفترة ما بين سبتمبر 2024م ومارس 2025م، أعلنت منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة "الإيسيسكو" و"سدايا"، بالتعاون مع اللجنة الوطنية السعودية للتربية والثقافة والعلوم، عن ميثاق الرياض للذكاء الاصطناعي في العالم الإسلامي، ووافقت 53 دولة إسلامية من الدول الأعضاء في المنظمة بالإجماع على الميثاق، الذي وصفه مراقبون دوليون بأنه علامة فارقة في إنشاء إطار أخلاقي واستراتيجي مشترك للذكاء الاصطناعي في العالم الإسلامي.
ونوّهت منظمة "الإيسيسكو" بـ"ميثاق الرياض"، نظير ما يمثله من إنجاز بارز يُجسد التزام الدول الأعضاء بتسخير الذكاء الاصطناعي لصالح المجتمعات، بما يتوافق مع أطر الحوكمة الدولية والمبادئ الأخلاقية، مؤكدةً أن الميثاق يمثل إطارًا توجيهيًا للدول الأعضاء لمواكبة التطورات المتسارعة في الذكاء الاصطناعي، وفق رؤية استراتيجية موحدة. ويشكّل ركيزة أساسية لتمكين الدول الأعضاء من استخدامات الذكاء الاصطناعي، وحماية المبادئ الأخلاقية، وتأمين مستقبل رقمي مستدام.
وتُعد موافقة مجلس الوزراء على إنشاء المركز الدولي لأبحاث وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي (ICAIRE) بمدينة الرياض، وإقرار "اليونسكو" له مركزًا دوليًا من الفئة الثانية، إنجازًا وطنيًا مهمًا يُعزّز من الجهود الدولية للمملكة في دعم أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، ومنها: زيادة الوعي بأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، وتقديم الدعم الاستشاري في سياسات الذكاء الاصطناعي، بما يتماشى مع قيم ومبادئ توصية "اليونسكو"، وبناء القدرات، ودعم جهود التعاون الدولي عبر تنسيق أنشطة البحث والتطوير في مجال الذكاء الاصطناعي، وتعزيز الوعي بأخلاقياته، وتقديم المشورة بشأن سياساته.
وأصدرت "سدايا" مبادئ أخلاقيات الذكاء الاصطناعي بهدف توجيه المنظمات في استخدام هذه التقنيات بشكل مسؤول، وبيّنت المعايير الأساسية لاستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل آمن ومسؤول. وتمثلت هذه المبادئ في: النزاهة والإنصاف، الخصوصية والأمن، الموثوقية والسلامة، الشفافية والقابلية للتفسير، المساءلة والمسؤولية، الإنسانية، المنافع الاجتماعية، والبيئية.
ونظرًا لما تتمتع به تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي من مزايا عدة يمكن توظيفها في مختلف الأعمال، سواء على مستوى المؤسسات أو الأفراد، فقد حرصت "سدايا" على تعزيز الأدوار الإيجابية لاستخداماته مع تخفيف الأخطار المرتبطة به.
وأطلقت في هذا الشأن "وثيقة المبادئ التوجيهية لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي"، داعيةً إلى تطبيق هذه المبادئ وتبنّي التدابير الوقائية لتفادي الوقوع في: تسرب البيانات، التضليل، التزييف العميق، التحيز، أو مخالفة أنظمة الملكية الفكرية وحقوق النشر.
وقدّمت "سدايا" الوثيقة المعنية بالعموم كمبادئ توجيهية تتعلّق باستخدام ومعالجة البيانات في أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي، مع أمثلة تستند إلى سيناريوهات شائعة قد تواجهها الجهات، وتسلّط الضوء على التحديات والاعتبارات المرتبطة باستخدام هذه التقنيات. وتتوافق الوثيقة مع الأنظمة والسياسات الحالية في المملكة، وتدعم الامتثال لها، بما في ذلك: أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، وأنظمة حوكمة البيانات، والخصوصية، والأمن، والملكية الفكرية، وحقوق الإنسان.
وتؤكد الوثيقة على أهمية الالتزام بمبادئ أخلاقيات الذكاء الاصطناعي عند التعامل مع أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي في جميع مراحل دورة حياة هذه الأدوات، من أجل تسخير فوائدها، والتخفيف من المخاطر التي قد تقع – لا سمح الله – مما دعا إلى وضع سياسات مرتبطة بأدوات محددة، ومعايير أخلاقية، ومسؤوليات مهنية.
وتأتي هذه الجهود التي تبذلها "سدايا" لدعم الدور المحوري للمملكة العربية السعودية في تعزيز التعاون الدولي والإقليمي في سياسات وأخلاقيات وأبحاث الذكاء الاصطناعي، ضمن إطار مهامها الرئيسة بوصفها المرجع الوطني للبيانات والذكاء الاصطناعي، من تنظيم وتطوير وتعامل، من أجل زيادة الوعي بإمكانات تقنيات البيانات والذكاء الاصطناعي، وتوضيح أهميتهما في وقتنا الحاضر لخدمة القطاعات والأفراد على حد سواء، ضمن منهجية تضمن توظيفها التوظيف الأمثل لتحقيق أقصى استفادة منها.