تُعتبر الهجرة النبوية الشريفة من أهم الأحداث التاريخية التي مرت وستمُرُّ على المسلمين منذ بعثة رسول الله ﷺ في مكة المكرمة إلى أن تقوم الساعة؛ فالهجرة النبوية هي التي أسست دولة المسلمين، وأعطتهم كيانًا مهيبًا، وصار لهم صيت عظيم، انتشر بين أرجاء المعمورة كافة.
وستتناول "سبق" في حلقات عديدة أحداث الهجرة النبوية الشريفة. وفي هذه الحلقة سنتناول وصول النبي ﷺ إلى المدينة المنورة، وفرحة أهلها، وأول مسجد بُني في الإسلام.
يقول المدير التنفيذي لمتحف دار المدينة المنورة، المهندس حسان طاهر، لـ"سبق": إن الهجرة النبوية لم تكن مسألة مفاجئة أو عفوية، بل كان فيها من الإعداد والتنظيم والتخطيط الذي سبقه التمهيد لهذه الهجرة، سواء بالاجتماع الأول بنفر من أهل يثرب، أو عقد بيعة العقبة الأولى أو الثانية؛ فقد التقى النبي ﷺ بأهل يثرب، ودعاهم، وهيأهم، ثم أخذ يتدرج معهم في البيعة، حتى تمت البيعة، فقال ﷺ: "أبايعكم على أن تمنعوني فيما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم". فردوا عليه: نعم، والذي بعثك بالحق نبيًّا يا رسول الله فنحن والله أبناء الحروب، وأهل الدروع، ورثناها كابرًا عن كابر.
استقبال أهل المدينة
كان المسلمون في المدينة المنورة لما سمعوا بخروج النبي ﷺ من مكة يغدون كل غداة إلى ظاهر المدينة ينتظرونه، فإذا اشتد حر الشمس رجعوا إلى منازلهم، فلما كان يوم الـ12 من ربيع الأول خرجوا على عادتهم فلما حميت الشمس رجعوا، فبصر قدوم النبي ﷺ وأصحابه رجل من اليهود، وكان على أطم من آطام المدينة، فقال: "يا بني قيلة! هذا صاحبكم قد جاء، هذا جدكم الذي تنتظرونه". وعن ذلك يقول الصحابي البراء بن عازب: "ما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم برسول الله ﷺ".
أول مسجد في الإسلام
وصل النبي ﷺ إلى قباء من خلال حرة العصبة؛ إذ سلك أحد شعاب الحرة؛ فسار بمسار وادي الرانوناء، ثم انحرف شرقًا إلى ظهر الحرة، ثم هبط إلى قباء حتى نزل على بني عمرو بن عوف، فمكث النبي ﷺ في منازلهم أيام الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس، وأسس خلالها مسجد قباء (أول مسجد في الإسلام) على مربد، طلبه من كلثوم بن الهدم.