الفريجي: جهود هيئة تنظيم الإعلام تصون القيم الوطنية والمجتمعية

ضوابط المحتوى تعكس وعيًا استراتيجيًا يعزز الممارسات الاتصالية الراشدة
 خبير الاتصال المؤسسي رياض بن ناصر الفريجي
خبير الاتصال المؤسسي رياض بن ناصر الفريجي
تم النشر في

صرّح الدكتور رياض بن ناصر الفريجي، خبير الاتصال المؤسسي، بأن إعلان الهيئة العامة لتنظيم الإعلام عن ضوابط المحتوى الإعلامي الجديدة يُمثل نقطة تحول في ضبط المشهد الاتصالي بالمملكة، حيث يعكس وعيًا استراتيجيًا بضرورة التوازن بين حرية النشر وصيانة القيم الوطنية والمجتمعية. وأوضح أن الفضاء الإعلامي لم يعد مجرد أداة للترفيه أو تبادل المعلومات، بل أصبح ساحة تُشكَّل فيها الصور الذهنية وتُبنى اتجاهات الرأي العام، ومن هنا فإن هذه القرارات ليست تنظيمية فحسب، وإنما تحمل بُعدًا اتصاليًا عميقًا يقوم على حماية المجتمع من الانزلاقات السلوكية وتعزيز ممارسات اتصال راشدة.

وأضاف الدكتور الفريجي: "إذا تأملنا تفاصيل البنود التي نصّت على منع التباهي بالثروة والممتلكات، أو كشف خصوصيات الأسرة، أو استغلال الأطفال والعمالة المنزلية، أو نشر المعلومات المضللة، نجد أننا أمام رؤية متكاملة تُعيد تعريف المسؤولية الإعلامية في زمن الرقمنة. فهذه الضوابط تضع خطًا فاصلًا بين المحتوى الذي يصنع قيمة ومعنى، والمحتوى الذي يفرغ الاتصال من غاياته التنموية، وهنا يكمن جوهر الاتصال المؤسسي: أن تتحول كل رسالة إلى إضافة نوعية لا إلى مجرد ضجيج عابر."

وأشار إلى أن "الهيئة حين شددت على منع التنمر والإساءة أو تصوير الأفراد دون إذن مسبق، فإنها تعزز حقًا أصيلًا للإنسان في الخصوصية والكرامة، وتجعل من الاتصال أداة لبناء العلاقات الإنسانية على أسس الاحترام والثقة. وهذا يتقاطع مع جوهر نظريات الاتصال الحديثة التي تؤكد أن الاتصال الفعّال ليس في حجم الانتشار، وإنما في جودة الأثر الذي يتركه على الأفراد والمجتمعات."

واستطرد قائلاً: "ما يميز هذه القرارات أنها تعكس انتقالنا من مرحلة رد الفعل إلى مرحلة الهندسة المسبقة للاتصال. فلم يعد مقبولًا أن تُترك المنصات الرقمية للارتجال الفردي دون ضوابط، بل المطلوب هو صناعة بيئة اتصالية آمنة تُشجع على الإبداع دون أن تسمح بتجاوز الذوق العام أو الإساءة إلى الهوية الوطنية. وفي هذا السياق يصبح المحتوى الإعلامي أصلًا استراتيجيًا يوازي الموارد الاقتصادية، لأنه يساهم في تشكيل الانتماء وترسيخ الثقة بين المواطن ومؤسساته."

وختم الدكتور الفريجي تصريحه قائلاً: "إن هذه القرارات تضع على عاتق المؤسسات الإعلامية وصنّاع المحتوى مسؤولية مضاعفة، تتمثل في الانتقال من إنتاج المواد الترفيهية اللحظية إلى صناعة رسائل ذات قيمة معرفية وتنموية. وهذا ما سيجعل من الإعلام السعودي نموذجًا رائدًا في المنطقة، ليس في حجم ما يُنتج من محتوى، بل في قدرته على تحويل الاتصال إلى قوة ناعمة تسهم في التنمية الوطنية وتعزز مكانة المملكة عالميًا."

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org