لأنها لعبة الفقراء فإن الشارع الرياضي في جميع أنحاء المعمورة يرفض فكرة التشفير لمباريات كأس العالم والبطولات العالمية الكبيرة، ولن يتقبل المشجع البسيط إطلاقًا ظاهرة التشفير للبطولة التي كانت بمباركة من الاتحاد الآسيوي للعبة، ومعها تم حرمان ملايين المشجعين الفقراء وغيرهم من متابعة منتخباتهم المشاركة التي قد تشارك في هذه البطولة لأول مرة. وهنا يُطرح تساؤل كبير: كيف تم منح احتكار جميع حقوق النقل، وإدخالها ضمن أجندة سياسة بعض الدول؟! وقد عانى الوسط الرياضي كثيرًا ولسنوات أزمة تسييس الرياضة، ومحاولة تمرير أجندة سياسية قذرة، بدأت بمحاولة الهيمنة على النقل التلفزيوني للمنافسات الرياضية واحتكارها، وكان آخرها ما حدث من تجاوزات للناقل في منافسات كأس أمم آسيا (2019) التي أُقيمت في دولة الإمارات العربية المتحدة، وما صاحب ذلك من إسقاطات تجاوزت كل الحدود الأدبية والأخلاقية للتنافس الرياضي الشريف في لعبة كرة القدم، وهي اللعبة الشعبية التي باتت صناعة عالمية، ينفَق عليها مئات المليارات بهدف تحقيق إيرادات مجزية، وإثبات السلطة والنفوذ، من خلال الحصول على امتيازات لتوسعة نطاقات احتكار النقل التلفزيوني المباشر للمسابقات كجزء من روافد هذا الاستثمار.
وقد أعلن الاتحاد السعودي لكرة القدم قبل أيام تلقيه خطابًا من الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، يفيد بإلغاء احتكار قنوات beIN SPORTS مباريات ومسابقات القارة الآسيوية في المملكة العربية السعودية بناء على ما اطلع عليه من مخاطبات وأسباب قانونية، تضمنت عدم قانونية البث، والمخالفات النظامية الجسيمة التي ارتكبتها القنوات الناقلة، وذلك ضمن إجراءات وقرارات مماثلة، سيتم اتخاذها للمحافظة على نشر اللعبة بعيدًا عن استخدامها لأغراض سياسية، لا علاقة لها بالرياضة.
بالتأكيد قد آن الأوان لظهور تحالفات جديدة مع شركة استشارية متخصصة لدراسة الجدوى الاقتصادية للدخول في عالم التحول الرقمي، والظفر بالحقوق الرقمية للبطولات القارية والعالمية، وهي ما لا تتعارض مع حقوق النقل التلفزيوني؛ وبالتالي سيتم كسر هذا الاحتكار قانونيًّا لجميع البطولات القارية الأخرى في أوروبا وأمريكا الجنوبية ومنافسات مونديال كأس العالم للأندية والمنتخبات، بما يضمن عدالة المشاهدة لجميع المباريات بدون أي تكاليف ترهق الجميع، مع تنوع وسائل المتابعة، ومشاهدة النقل التلفزيوني، وخلق مصادر جديدة للاتحادات الأهلية والقارية لزيادة مداخيل وإيرادات اللعبة.
هجمة.. مرتدة!!
في حضور الكبار يختفي الصغار.. هذا ما أكدته سياسة المملكة العربية السعودية باستنكارها ورفضها التام للتدخل في سيادتها الداخلية بأي شكل من الأشكال، وهو ما يرفضه العقل والمنطق أن يتم تسييس الرياضة بهذا الشكل.. وهو ما يؤكد قوة المملكة في المحافل كافة (سياسيًّا، واقتصاديًّا وقانونيًّا، ورياضيًّا).. وهو ما أكده رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم FIFA السويسري جياني إنفانتينو من خلال زيارته المتكررة للمملكة التي تؤكد عمق ومكانة السعودية في الوسط الرياضي الدولي.. نعم، وبكل بساطة، تم إلغاء احتكار النقل التلفزيوني في سماءات "السعودية"، ومعه بدأت مرحلة جديدة للاستثمار الرياضي الذي سيتجاوز حدود النقل التلفزيوني لما هو أبعد من ذلك؛ ليصل مداه للمحتوى الرقمي بأشكاله كافة، ولمسابقات قد تتجاوز حدود الآسيوية.
في فبراير الماضي استعرض (سامر أبو لطيف) الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت بالشرق الأوسط وإفريقيا خلال النسخة الثانية من فعالية (مايكروسوفت ترانسفورم 2018)، التي نظمتها شركة مايكروسوفت السعودية بالتعاون مع مؤسسة مسك الخيرية في الرياض بهدف تشجيع الحوار البنّاء، مجال التحول الرقمي، وتعزيز اعتماد أحدث التوجهات.. وقال: "إن هذه المرحلة بالغة الأهمية بالنسبة لتوجهات السعودية في التحول الرقمي الداعمة لبرنامج التحول الوطني. ومن المتوقع أن تنمو الحوسبة السحابية في السعودية بنسبة 25٪ بحلول عام 2022 للمُضي بالسعودية في رحلتها؛ لتصبح مركزًا للتقنية في المنطقة. وستبلغ قيمة الاقتصاد الرقمي أكثر من 100 تريليون دولار أمريكي على مستوى العالم بحلول عام 2025. وتتمتع بلادنا بوضع يتيح لنا الاستفادة من هذه الفرصة المهمة؛ إذ سيسهم التحول الرقمي في دفع عجلة رؤية السعودية. وتشهد بلادنا طفرة اقتصادية وتنموية كبيرة متزامنة مع التطور الكبير في تقنية المعلومات، والتركيز بشكل كبير على التحول الرقمي الذي يشكل محورًا رئيسيًّا من أهداف رؤية 2030، وفي جميع المجالات للعمل بوتيرة أسرع؛ وذلك من أجل مواكبة وتعزيز هذا التحول، ووضع الآلية التنظيمية والدعم المناسب".
كيف لا يحدث ذلك و"نحن الحالمون لصنع عالم جديد" كما كانت رؤية صانع التحول ولي العهد محمد بن سلمان -حفظه الله- لوطن يمتلك كل عناصر النجاح.