إمام وخطيب المسجد النبوي حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ
إمام وخطيب المسجد النبوي حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ

إمام المسجد النبوي: الشائعات من صناعات أعداء الإسلام للصدّ عن المناهج الربّانية والشرائع الإلهية

الدكتور حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ حذّر ممن يتّخذون من محنة غزة سببًا للطعن وإحداث الفتن

حذّر إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ من نشر الأخبار الكاذبة والشائعات المغرضة التي تثير الفتن، وتحقق لأعداء الأمة مآربهم في شقّ الصفّ، ونشر الفتن، وتمزيق مجتمعاتنا الإسلامية.

وقال في خطبة الجمعة: إن من الأمور الخطيرة على الأفراد والمجتمعات، تلك الشائعات من الأخبار المتناقلة، دون برهان على صحتها، ولا دليل على صدقها، إنها الإشاعات التي تنتشر في وسائل الإعلام المختلفة، من مصادر مجهولة، تبثّ الأراجيف، وتثير الفتن العريضة والشرور المستطيرة.

وبيّن "آل الشيخ" أن الشائعات متنوعة الطرح، تحمل المخاوف، وتبثّ القلاقل وتتناول ولاة أمور المسلمين وعلماءهم بالسوء والفحشاء، ذات مقاصد سيئة، وأهداف مغرضة، فتلك الشائعات سلاح فتّاك، يبثّها الأعداء لتدمير الأمة وشقّ صفّها، وتمزيق وحدتها.

وأوضح أن الشائعات صناعة من صناعات أعداء الإسلام، للصدّ عن المناهج الربّانية، والشرائع الإلهية، ومع تطوّر العالم أصبحت صناعة متقنة، وفق قواعد مرسومة لتدمير الدول، سياسيًا، واقتصاديًا، وأخلاقيًا، وسلمًا، وحربًا.

وذكر إمام وخطيب المسجد النبوي أن موقف المسلم من تلك الشائعات اتباع المنهج الإسلامي الذي يدعو إلى الوعي واليقظة، وإدراك أضرار هذه الإشاعات، يقول الله عزّ وجلّ: {وإذا جَاءَهُمْ أمر مِّنَ الأمن أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إلى الرَّسُولِ وإلى أُولِي الأمر مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا}.

وحثّ "آل الشيخ" على عدم العجلة التسرّع بنشر الأخبار حين سماعها، بل لا بد من التأمل الدقيق، والنظر العميق في حقائق الأمور وعواقبها، فقال أهل العلم: وفيها تحريم إذاعة الأخبار، خاصة في حالات المحن، إلا بعد التأكد من صحّتها، وعدم الضرر من نشرها، مستدلًا بقول الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}، كما ربّى النبي صلى الله عليه وسلّم أمّته على التبيّن والتأني، وحذّرهم من الانزلاق في نشر الأخبار حين سماعها، دون معرفة بصدقها، فقال عليه الصلاة والسلام "بئس مطيّة الرجل زعموا"، رواه أبو داود.

وبيّن أن السلامة للأفراد والمجتمعات التمسّك بالأصل النبوي: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت".

وقال: إن من خصائص أمة الإسلام أنها أمة واعية، لا تصدّق كل ما ينشر ويشاع، دون تمحيص ولا تفنيد، فلا بد للمسلم من الكياسة والفطنة، والوعي الكامل بمكر الأعداء وكيدهم، قال تعالى: {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ}، ويقول سبحانه: {لَّوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ}.

وأضاف إمام المسجد النبوي: إنما يدرأ شرور الإشاعات المغرضة، العمل بالثوابت الدينية، والعمل بالحكمة والتروّي، وإجادة تقدير المواقف، والتعاضد، والتعاون مع ولاة الأمر، والوقوف صفًا واحدًا فيما يخدم الدين والدنيا معًا، وعلى الجميع الحذر من تلك المعارك الجدلية في وسائل التواصل، فما لا نفع فيه ولا جدوى.

وحذّر من الأطروحات التي تستغلها وسائل التواصل خاصة في أيام المحن والبلايا كهذه الأيام، من ادعاءات كاذبة، ظاهرها الإخلاص للأمة والصدق لقضاياها، وهم يحدثون فتنًا أكبر، ومخاطر أعظم، ومحنًا أطمّ للأمة، فكلما برزت محنة أحدثوا منها ما يثير الفتن على المجتمعات، والتاريخ الحديث أعظم شاهد، وأكبر برهان.

وتابع "آل الشيخ" قائلًا: لقد آن الأوان للعمل الجاد الحكيم، الذي نتعاون فيه مع ولاة الأمور، بما يدرأ عن المسلمين الشرور، بعيدًا عن العواطف النفسية، والمشاعر المجرّدة عن معرفة ما وراء الأمور، من فتن تحاك للإسلام وأهله، آن لنا أن نسلم المسالم السديدة الحكيمة التي تحملها المقاصد الشرعية الكبرى، لتنظيم حياتنا، ونصرة ديننا، وقضايانا، وفق وحدة صفّ، واجتماع كلمة، فكم عانت الأمة قبل عقود من وراء دعوات وأطروحات ما جنت منها البلدان إلا خرابًا، ودمارًا، وتشديدًا، وتهجيرًا.

وأضاف: الأمة المسلمة يجب أن تستقبل الفتن بالتعاون المثمر، والأخوة الإيمانية، والنصرة الإسلامية، بقواعد الشريعة، وأصول الحكمة، التي تضمن بإذن الله رؤية الأمور بمنظور واضح، ينظر للعواقب والمآلات، بصلابة إيمان صادق مع الله سبحانه.

وبيّن أنه متى صدقت النوايا وكان العمل صوابًا على ضوء سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، ووفق تصوّر واضح راسخ مدروس، مبني على الثوابت الإسلامية، لا على العواطف المحمودة فقط، كانت العاقبة حميدة، والمآلات ناجحة، والعمل مثمرًا.

ونوّه باتفاق الأمة اليوم حكامًا وشعوبًا من الاهتمام بقضية العالم المطروحة من الظلم الأعظم، والإرهاب الأكبر، والجرم الذي تعجز الكلمات البليغة عن وصف قبحه وفداحته، من المغتصبين المحتلين على أهل غزّة، داعيًا إلى التعاون والتناصح بين المسلمين ومناصرة إخوانهم بكل ما يمكنهم مخلصين لله في ذلك ومتعبدين لله وحده راجين نصره وعزّه وتمكينه، على حرص كامل لوحدة الصفّ، واجتماع الكلمة محذرًا من مكائد الأعداء وحبائل المتربصين.

وحذّر ممن يتّخذون من هذه المحنة سببًا للطعن، وإحداث الفتن، مبينًا أن أولئك يسلكون مسلك الأعداء المتربّصين، مبينًا أن الأمة أمة تعاون، وتعاطف، وتشارك، وتناصح، وإخلاص، وصدق، لا أمة تخاذل، وتخاصم، وغشّ، وخداع.

وأكد الشيخ حسين آل الشيخ أن بلاد الحرمين منذ نشأتها، حكامًا ومجتمعًا، علماء وعامة، هم من أوائل الأمة الذين سطّر التاريخ لهم المواقف المحمودة، والنصرة المشهودة، لقضية فلسطين وأهلها، من منطلق إسلامي وواجب ديني، فهذا مبدأ يتواصى عليه حكامها، وتربّى عليه مجتمعها، فلا مزايدة لأحد عليه إلا لعدوٍ متربّصٍ، أو حاقدٍ مغرض.

وحضّ "آل الشيخ" على الاستجابة لمبادرة خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده للتبرّع بما تجود به الاستطاعة، لإخواننا في غزّة، داعيًا تجّار المسلمين وكل مسلم إلى المبادرة بالبذل والإنفاق بما تجود به أنفسهم ففي ذلك خير لهم.

وتوجّه إمام وخطيب المسجد النبوي في الخطبة بالثانية بالدعاء والتضرّع إلى الباري جلّ وعلا أن ينصر أهل غزّة المستضعفين، وأن يهلك الصهاينة المعتدين، وأن يهزمهم ويردّهم خائبين مخذولين، ويقذف الرعب في قلوبهم، وأن يحفظ إخواننا في غزة وفلسطين، ويربط على قلوبهم، وينصرهم نصرًا عزيزًا، وأن يحفظ المسلمين ومجتمعاتهم من كل شرّ ومكروه.

Related Stories

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org