قصة حقيقية ترويها "سبق".. "عسكري" تحول إلى "دكتور" يقود قطاعاً خدمياً مهماً

بعد 25 عاماً بين العمل والدراسة.. وأثر "دعوة المسنة" في حياته
قصة حقيقية ترويها "سبق".. "عسكري" تحول إلى "دكتور" يقود قطاعاً خدمياً مهماً
تم النشر في
بدر الجبل– سبق- تبوك: نشاهد ونقرأ كل يوم حكايات تجسدها شخصيات افتراضية، طالماً شاهدناها في أدوار مختلفة، يبدع في تأليفها مؤلفو القصص والمسلسلات، وتدور فصولها عن الطموح والنجاح، وسرعان ما تختفي تلك القصص من ذاكرة المشاهد باعتبارها مجرد تسلية؛ لا واقع لها ولا حقيقة.
 
"سبق" حرصت على أن تبحث في مناطق ومحافظات السعودية لكتابة قصة نجاح واقعية، وتغوص في أعماق هذه القصة لترويها للقراء؛ لتؤكد صحة مقولة أن "من طلب العُلا سهر الليالي"!
 
واستمر البحث لما يقارب الأسبوعين حتى وجدنا بطل قصتنا في إحدى محافظات المدينة المنورة، بعد توفيق الله ثم بر والديه ودعوة مسنة، رفعت أكفها أمام الملا بأن يمنحه الله القبول وزيادة الرزق، فتحقق - بتوفيق الله له -؛ فبعد أن كان عسكرياً برتبة "وكيل رقيب" أصبح "دكتوراً"، ويقود قطاعاً خدمياً مهماً.
 
 البداية
بدأت فصول القصة التي تنفرد "سبق "بنشرها قبل 25 عاماً، بعد أن تخرج شاب يدعى "محمد"، وُلد في أسرة بدوية في إحدى قرى المدينة المنورة، وأكمل تعليمه الابتدائي في القرية التي يسكنها، وعندما تخرج من المرحلة الابتدائية اضطر والده إلى أن يبعثه لقرية مجاورة تبعد 35 كلم لإكمال تعليمه المتوسط؛ لينتقل بعدها إلى المدنية المنورة لإكمال دراسة المرحلة الثانوية في عام 1408هـ، بعد أن وفر له والده سكناً في أحد أحياء المدنية المنورة.
 
 وفيما يأتي يروي القصة لـ"سبق " الدكتور محمد بن نويفع الشاماني، مدير القطاع الصحي بمحافظة العلا:
 
"التربية" والالتحاق بالعمل العسكري
 قال الدكتور الشاماني: "تخرجت من المرحلة الثانوية بنسبة 96 %، والتحقت بكلية التربية بالمدينة المنورة، وبعد عام اضطررت لترك كلية التربية لظروف مادية ألمت بأسرتي، ولا أستطيع معها إكمال دراستي؛ فالتحقت في عام 1411هــ بمعهد الصيانة في الطائف، وتخرجت عسكرياً برتبة وكيل رقيب فني إلكترونيات".
 
 وتابع: "بعد تخرجي تم اختياري معلماً في المعهد الذي تخرجت فيه، ولحسن حظي تقدمت لدراسة البكالوريوس في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة (انتساب في تخصص علم الاجتماع)، وبعد أن أمضيت عامين في الطائف، أنهيت خلالها الدراسة لعامين في الجامعة، تم نقلي لمدينة تبوك".
 
 انقطاع عن الجامعة
وأردف: "نقلت إلى تبوك لظروف العمل؛ ما دفعني ذلك للانقطاع عن الجامعة بعد أن أمضيت عامين، ولم أستطع أن أحضر اختبار بعض المقررات. أيقنت حينها بأن ما كنت أبحث عنه من طموح ربما لن يتحقق، ولم يكن أمامي إلا أن أواجه القائد، وهو اللواء غازي الجعيد قائد اللواء الثامن، ووفقت في إيصال المعلومة إليه رغم أنه لا يعرفني، ولكن قدر وضعي ورغبتي في إكمال دراستي".
 
 وواصل حكاية قصته قائلاً: "بعد مضي 6 سنوات من العمل العسكري متنقلاً بين الطائف وتبوك وخميس مشيط وحفر الباطن والشرقية، استطعت أن أحصل على درجة البكالوريوس على الرغم من العقبات المتعددة التي واجهتني أثناء الدراسة، ووصلت حينها لرتبة رقيب أول فني".
 
 الاستقالة من العمل العسكري
وقال: "حاولت خلال العامين الأخيرين من الخدمة العسكرية الاستقالة والبحث عن الدراسة عبر وظيفة مدنية، بعد أن قررت موعد الزواج، إلا أن استقالتي قوبلت بالرفض من الزملاء والقيادة لرغبتهم في أن أستمر معهم، وقد نجحت في إقناعهم لتتم استقالتي في عام 1420هـ بعد أن أمضيت 8 سنوات في القطاع العسكري".
 
 قصة الـ100 ألف ريال وعام من البطالة
وذكر الدكتور الشاماني: "بعد أن استقلت من القطاع العسكري استلمت حقوقي المقدرة بنحو 100 ألف ريال. وحتى لا تؤثر استقالتي على أسرتي رسمت آلية معينة لهذا المبلغ؛ فقررت أن أصرف منه بمقدار راتبي، ونجحت بتوفيق الله، وخفف هذا المبلغ علي الكثير من الحرج أمام الناس، وأصبح بمنزلة صمام الأمان لي، خاصة أنني أُعتبر عاطلاً عن العمل حينها".
 
 نظرة المجتمع خلال عام البطالة
وقال: "في أي مجتمع ينظرون لتارك الوظيفة في السابق أمام شحها بأنه إنسان متهور وقاصر، وأنا كنت أقدر لهم ذلك، ولكن لا شك هم لا يدركون أهمية ما أطمح إليه، ولا رغبتي في إكمال تعليمي، وهم كانوا على صواب، وأتفهم أنه من باب الحرص، ولكن كنت أنا أيضاً على صواب".
 
 الالتحاق بالضمان الاجتماعي
وذكر: "بعد عام من البطالة حصلت على وظيفة باحث في الضمان الاجتماعي في محافظة العلا، وكان راتبي وقتها 4071 ريالاً، أي نصف راتبي في القطاع العسكري، وعملت في العلا أربع سنوات، وانتقلت بعدها لضمان المدينة المنورة مديراً لشؤون المستفيدين بالمدينة المنورة، وحاولت خلال هذه المدة أن أكمل مرحلة الماجستير إلا أنه واجهتني مشكلة عدم وجود فرصة لإكمال الدراسة، وكان السبب أنه في حال فرغ موظف الباحث للدراسة يترتب عليه عمل كبير؛ فكان هناك رفض لتفرغ الباحثين حينها".
 
"دعوة المسنة" وترك "الضمان"
وتابع الشاماني: "أذكر أن مواطنة مسنة خدمتها خدمة عادية جداً، وكانت هذه الخدمة هي جزء من عملي، ولكن ربما لامست شيئاً في نفسها؛ فرفعت أكفها أمامي وأمام الآخرين، ودعت لي بالقبول وزيادة في الرزق، فاستشعرت بقبول هذه الدعوة، وبعد شهرين تم قبول نقل خدماتي من الضمان الاجتماعي إلى وزارة الصحة، وبعد شهرين من نقل خدماتي للصحة تم قبولي متفرغاً لدراسة الماجستير في جامعة الأمير نايف للعلوم الأمنية (تخصص خدمة اجتماعية)، وبعد ثلاث سنوات حصلت على درجة الماجستير بتقدير ممتاز، ورُشحت فوراً لدراسة الدكتوراه في الجامعة نفسها، إلا أن النظام لا يسمح للموظف بأن يستكمل المرحلتين مباشرة؛ فاضطررت للعودة لعملي".
 
 الظروف الأسرية وجامعة "كنت" ببريطانيا
وتابع: "تم قبولي في جامعة "كنت" في بريطانيا، إلا أن ظروفاً أسرية قوية حالت دون سفري؛ الأمر الذي اضطررت معه لترك الدراسة متأملاً فرصة قد يكتبها الله لي. وبعد فترة وجيزة تم فتح القبول لدراسة مرحلة الدكتوراه في جامعة الملك عبدالعزيز إلا أن فرصة قبولي كانت ضعيفة جداً بعد أن علمت أن عدد المتقدمين كبير جداً، وأن القبول سينحصر على أربعة مقاعد فقط، ودخلت الاختبار، وحصلت - ولله الحمد - على الدرجة الأعلى التي مكنتني من قبولي طالب دكتوراه في علم الاجتماع".
 
 وأردف: "بعد مرور أربع سنوات حصلت - ولله الحمد - على درجة الدكتوراه في علم الاجتماع (تخصص التنمية الاجتماعية)، وكانت رسالتي عن (المسؤولية الاجتماعية للقطاع الخاص في دعم القطاع الحكومي). أهديت منها نسخة لسمو أمير منطقة المدينة المنورة ولوزير الصحة السابق الدكتور عبدالله الربيعة، وحظيت بإشادتهما".
 
 ما بعد الدكتوراه
وأضاف: "انتقلت في العمل إلى أكثر من منطقة ومدينة من مدن السعودية، وعملت في أكثر من مكان، وكانت لي عيادة في مستشفى الصحة النفسية بالمدنية المنورة، أقدم فيها خدمة اجتماعية طبية، إلى أن وصلت - ولله الحمد – إلى مدير للقطاع الصحي في محافظة العلا، ومصنف كـ(أخصائي أول)، وبإذن الله في قادم الأيام القريبة كـ(استشاري اجتماعي)".
 
 شخصيات أثرت في حياتي
وأوضح قائلاً: "أثرت في حياتي شخصيات كثيرة، منهم والداي - حفظهما الله -، اللواء معلا السحيمي تعلمت منه بناء استراتيجيات العمل، الأستاذ مسفر الرحيلي تعلمت منه الفن الإداري، الدكتور أحمد حافظ مدير مجمع الأمل للصحة النفسية تعلمت منه الطموح بلا حدود والأستاذ الدكتور إسماعيل كتبخانة تعلمت منه التواضع في طلب العلم".
 
 أثر بر الوالدين
وذكر: "بر الوالدين مقدم على كل طموح، وعلى كل حلم، فليعلم الإنسان أن الله تعالى يقدر له كل شيء، وبر الإنسان بوالديه يجب أن يكون بعيداً عن الحسابات المادية، وأن يثق بالله أنه سيعوضه بأفضل مما كان يتمنى".
 
وتابع: "الحمد لله، يمكن أنني لو أكملت دراستي في كلية التربية لما استطعت أن أكمل دراستي العليا، فالله تعالى فتح لي كل الأبواب، وأنا على يقين تام ومؤمن بأن ما مررت به من مراحل متعددة في حياتي وراءها سر خفي ودعوة صادقة، فقد سمعت من والدَي -حفظهما الله- وكثير من الناس دعوات استشعرت قبولها في حينها".
 
نصيحة
ونصح الدكتور الشاماني قراء "سبق" قائلاً: "الحظ (فرصة X رغبة).. قد يأتي يوماً، وتجد الرغبة لكن ﻻ توجد فرصة!".
 
 شكر "سبق"
وقال في نهاية حديثه: "أتقدم بالشكر لصحيفة سبق الرائدة، التي تعد أهم الصحف في السعودية والوطن العربي؛ لما تحمله من مصداقية ومهنية واحترافية في نقل الخبر".
 
 

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org