التاجر الجشع، سواء كان مواطنًا أو مقيمًا أو مقيمًا بتستر تجاري، لا يمكنه تجاوز فهمه النمطي في وجوب الاستغلال، وتسجيل أعلى معدلات الربح؛ فكل أزمة تأتي يصنع منها هؤلاء أزمات، ويخلقون لها قنوات عديدة للاحتيال والتلاعب في الأسعار على حساب الوطن والمواطن.
كلنا نعلم أن زيادة الضريبة من ٥ % إلى ١٥ % جاءت ضمن ظروف اقتصادية قاهرة ومعينة، حتى وإن كانت صعبة ومؤلمة للكثير من المواطنين ذوي الدخل المحدود إلا أننا في النهاية ندرك أن هذا يأتي لصالح أبنائنا وأجيالنا القادمة، وللحاجة الاقتصادية الوطنية؛ كونها تعد مصدر دخل أساسيًّا، يساهم في تعزيز ميزانية الدولة.
وأرجو أن يستوعب الكثير أنه حينما نكتب عن الضريبة كحاجة في تعزيز التنمية الاقتصادية فليس من باب التهليل والتطبيل كما يرى محدودو الفهم وغير القادرين على إدراك أبعاد المستقبل الاقتصادي للبلد.. لكن في المقابل لا يعفي ذلك أن نعرف حقائق خلف قرار زيادة الضريبة الذي خلق منه بعض التجار، وتحديدًا –للأسف - (بعض تجار المواد الغذائية والفواكه والخضار)، مشكلة وبدايات لأزمة جديدة، وهي تعد مرفوضة مطلقًا لدى الحكومة أولاً؛ فلا يمكن قبول وتبرير ارتفاع الأسعار؛ كونه يشكّل خطورة ذات تبعات اجتماعية واقتصادية، وأبعاد أخرى أعمق، لن تُحمد عقباها في ظل استمرارها على هذا النحو، خاصة على المواطن البسيط وذوي الدخل المحدود والمتقاعدين، وعلى نمو الاقتصاد الوطني، ما لم تتخذ الجهة المسؤولة وعدد من الجهات ذات العلاقة إجراءات تنفيذية بحق كل تاجر استغل قيمة الضريبة المضافة في مجال الأغذية تحديدًا لرفع الأسعار بشكل جنوني.
فالمواطن عندما يدفع الضريبة ١٥ % مرة واحدة للسلعة فهذا أمر مسلّم، ولكن الواقع الموجود الذي يقصم الظهر أن يدفع المواطن الضريبة ثلاثة أضعاف لكل سلعة غذائية، تشمل ضعفًا يدفعه التاجر للحكومة، وضعفَين يدفعهما التاجر لنفسه كضريبة استغلال!
وحتى لا نذهب بعيدًا، إحدى المنتجات الغذائية كان سعرها ٧ ريالات، والآن أصبحت ١٨ ريالاً، وعند السؤال عن سبب ارتفاع المنتج تكون الإجابة: الضريبة المضافة! مع أنه بالمنطق الحسابي للزيادة ريال وخمس هلالات 1.05 قيمة الضريبة، بينما التاجر هنا أخذ ربحًا يزيد على 10 ريالات، والمواطن هنا يسدد راتب عمال التاجر، وقيمة إيجار المحل في حال وجود إيجار، إضافة للربح! كذلك هو الحال لجميع محال الفواكه والخضراوات التي باتت تأخذ نصيبها في الاستغلال والجشع، والترويج للمواطن المستهلك أن استمرار إغلاق الحدود وصعوبة الاستيراد والضريبة المضافة هي الذريعة في رفع الأسعار على المستهلك.
نحن هنا أمام أمر خطير، لا صلة له بكماليات، ولا بمنتجات استهلاكية يمكن الاستغناء عنها بشكل مؤقت أو دائم، أو لضبط القوة الشرائية للمستهلك فيها، بل الأمر يتعلق بالغذاء، وهو أول وأهم وأكبر حاجة للإنسان، ولا يمكنه البقاء والعيش دونه والاستغناء عنه.
وأخيرًا: لا شك مطلقًا في جهود وزارة التجارة؛ فهي تقف دائمًا وأبدًا مع مصلحة المواطن، ولكنها لا تكفي لردع ومنع التلاعب واستغلال الضريبة في ارتفاع الأسعار الغذئية بأضعاف.
همسة:
بوصفي مواطنة، ربما الضريبة لا تشكل ثقلاً أو عبئًا عليّ وعلى البعض من أفراد المجتمع، ولكن في المقابل لست مسؤولة عن دفع أرباح تلاعب وطمع التاجر. وبوصفي مواطنة ومسؤولة عن قلمي أمام أبناء وطني من ذوي الدخل المحدود والمتقاعدين والمحتاجين والفقراء، ليس من الحق والعدل أن يدفع المواطن ثمن جشع بعض التجار؛ فأوقفوهم.