أكد المحلل السياسي والكاتب الصحفي "يحيى التليدي" أن العلاقات السياسية بين السعودية وروسيا راسخة في التاريخ السياسي بين البلدين، وتعود للعام 1926 عندما اعترف الاتحاد السوفييتي آنذاك بالمملكة العربية السعودية؛ لتصبح أول دولة في العالم تعترف بالسعودية، ومع هذا كله مرت العلاقات بين الدولتين بمراحل متعددة ومتباينة في المواقف والتوجهات السياسية، إلا أن العلاقة بين البلدين لم تتأثر بتلك الاختلافات في وجهات النظر وتضارب المصالح بين البلدين إيمانًا من الطرفين بأهمية الطرف الآخر في الساحة السياسية والاقتصادية، الدولية والإقليمية.
وأوضح "التليدي" لـ"سبق" أن زيارة ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، إلى روسيا في 2015 نقطة تحول في تاريخ العلاقات السعودية الروسية، وأسست لمرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين بعد عقود من البرود، ونجحت في إذابة الجليد بين موسكو والرياض، في حين أدرك البلدان أن ما يجمعهما أهم وأوسع نطاقًا من تباعد مواقفهما، وأن لديهما مصالح مشتركة في مجالات واعدة، تتطلب التركيز عليها أكثر من الاختلاف في المواقف على قضايا أخرى، أثرت سلبًا عليهما.
وأضاف "التليدي" بأن تلك الزيارة مهدت لزيارة تاريخية للملك سلمان لموسكو عام 2017، التي كانت أول زيارة لملك سعودي لروسيا؛ وذلك ما جعلها تشكل منعرجًا حاسمًا في مسار علاقات الرياض بموسكو، وتم خلالها زيادة حجم التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي من خلال توقيع اتفاقيات عسكرية وأخرى في مجالات النفط والزراعة والطاقة النووية.
وأشار إلى أن زيارة بوتين اليوم جاءت على مستوى عال من التنسيق بين الرياض وموسكو خلال السنوات الأربع الماضية؛ فكانت ملفات الطاقة والاقتصاد أبرز تلك الملفات التي عززت من رفع مستوى التعاون في مجالات أخرى.
وأبان أن بوتين استبق زيارته الأولى للمملكة منذ 12 عامًا بتأكيده أدوار الرياض في قضايا المنطقة، ومساهماتها الإيجابية، منها دورها في الحل في سوريا، وشدد على أهمية التحول النوعي في العلاقات بين البلدين، التي وصفها بأنها "تغيرت جذريًّا". وأكد ثقته بأن زيارته ستعطي دفعة جديدة لتطوير العلاقات الثنائية، وتعزيز التعاون السياسي والاقتصادي بين البلدين.
واختتم حديثه قائلاً: "بعيدًا عن الاستقبال الباذخ للرئيس بوتين في الرياض، الذي يعكس متانة العلاقات بين البلدَيْن، لا بد من القول إننا فعلاً أمام زيارة تاريخية وغير مسبوقة من حيث النتائج، بما ظهر لنا من خلال المشاهدة والمتابعة لما جرى فيها من مباحثات ولقاءات ومنتديات واتفاقيات، تم التوقيع عليها من الجانبين".
وذكر أنه إذا كانت روسيا تنظر للسعودية كدولة محورية، لها ثقلها السياسي والاقتصادي في العالم، فإن الرياض ترى من روسيا دولة مؤثرة؛ من المهم أن تكون السعودية شريكًا معها في صنع السلام والاستقرار في العالم، وتعزيز المصالح الاقتصادية المشتركة بين البلدين. إذن، لا غنى لكل من الرياض وموسكو عن علاقة متوازنة بينهما، يكون فيها تعاون وثيق بينهما في المجالات كافة من السياسة إلى الاقتصاد والتجارة والاستثمار.