رأى البروفيسور طارق الحبيب أنه يغيب عن معظم الناس التطوع بالعلم والمهنة وتقديمهما خدمة للغير حتى لو كان خارج دولته، وهو ما يسمى بـ"التطوع الاستشاري" أو التطوع الفكري، كالمهندس والطبيب أو تلك التي يصفها "الحبيب" بـ"تطوع الأفكار والخبرات"، وذلك في سلسلته الرمضانية بعنوانها الإنساني الكبير "التطوع".
وقال "الحبيب": إشكالية تعريف التطوع عندنا أن يعمل الإنسان بيده أو يلم الأذى أو ما شابه ذلك أو يسافر لكي يعمل خيراً ما، فلو كان طبيباً يسافر ليعمل عملية جراحية، أو يعالج طفلاً أو يولد امرأة أو ما شابه ذلك. لو كنت طبيب عيون لكن ليس لديك القدرة على السفر أو عندك كسل أن تشارك في العمل التطوعي "من استطاع أن يغير المنكر بيده فليغيره، ومن لم يستطع فليغيره بلسانه، ومن لم يستطع فليغيره بقلبه" هنا نتحرك في منطقة اللسان واستشهدنا بالمنكر وليس الحال هو المنكر، ولكني أبين التدرج والتنوع هنا.
وأضاف: أستطيع بالتطوع الاستشاري إعطاء الأفكار الجيدة، فلو كانت هناك مؤسسة خيرية مثلاً لإجراء العمليات وأنا طبيب جراح متمكن آتي وأعطيهم ربما بعض الأفكار حول الجراحة، أو طرق تدريب المتطوعين للعمل التطوعي الجراحي.
وأردف: نحتاج المتطوع الاستشاري أو التطوع الاستشاري، ذلك الذي في نفسه وهن أو كسل أو انشغال فنستفيد من أفكاره ونعرض عليه مشاريعنا فيعطينا أفكاراً وخططاً جديدة في العمل التطوعي ربما توفر علينا مبالغ كثيرة من المال نجعلها في عمل تطوعي آخر، وبذلك يكون المتطوع الاستشاري أفاد العمل التطوعي فائدة ربما أكبر من أنه لو سافر وعمل بيده بعض العمليات الجراحية.
وتابع: رسالتي لأصحاب الأفكار المميزة وللمستشارين في أي تخصص أنكم ربما بعض الأحيان تتفوقون على من يعملون في الحقل التطوعي بأفكاركم واستشاراتكم، فلماذا لا تشاركوهم، وقد يقول بعضكم إنهم لم يسألونا ولم يرجعوا إلينا، فأقول: اذهب إلى الخير .. هل تأتيك الكعبة عندك لتطوف حولها أم أنك تذهب للطواف حولها، كذلك الأعمال الاستشارية إن لم تتصل بك الجمعيات الخيرية فاتصل أنت بهم وأعرض عليهم بعض الأفكار سيأتونك سعياً لأنهم يحبون الخير وأنت تحب الخير فيلتقي الماء على أمر قد قُدر.
وقال "الحبيب": التطوع الاستشاري أو كما يحلو لي أحياناً أن أسميه التطوع الفكري هو تقديم أفكار ورؤى هي عصارة خبرة متراكمة لا يصلها إلا القليلون في كل تخصص معين، فلماذا هؤلاء القليلون لا يساهمون بتلك الأفكار والاستشارات في العمل التطوعي بدلاً من ترك العمل التطوعي لمجموعة من المتحمسين فيهم الخير والخير الكثير، لكن حماسهم ربما يجعلهم ينفعلون أكثر مما يفكرون، ولربما لا يمتلكون الفكرة الكافية ولذلك ينطلقون بحماسهم يمينًا ويسارًا.
واختتم بالقول: لا تبخل أيها المستشار المميز، ولا تبخل أنت يا صاحب الفكر المميز من تقديم فكرة لربما أصبحت صدقة جارية لك لأنها من العلم الذي يُنتفع به.