أكد إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ في خطبة الجمعة اليوم، أن الإسلام جاء بالأصول العظيمة لحماية المجتمع من الأخطار، ومن هذه الأصول تحريم الغش بشتى صوره وبجميع مظاهره في كل أنشطة الحياة وجميع مجالاتها.
وقال: الغش في التصرفات كلها خلق ذميم وفعل قبيح وجريمة منكرة وكبيرة من كبائر الذنوب وهو إخلال بالحق وتضييعه وخيانة للأمة وضياع للأمانة وقلب للحقائق وهو داء خطير وشر مستطير أين وجد وحيثما حل قال تعالى: {ولا تبخسوا الناس أشياءهم}، {أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين}.
وذكر أن المجالات التي تدخل هذا الأصل المعاملات التجارية والمعاملات الاقتصادية التي يجب أن تبنى على أصول جليلة وقواعد كريمة ومنها الصدق والأمانة والوضوح والإبانة، قال تعالى: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها}، و{يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين}، مؤكداً أن الغش في التعاملات جرم كبير ومهما اختلفت صوره وتعددت أشكاله فهو أكل للأموال بالباطل وسرقة لأموال المسلمين قال تعالى: {ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل}، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم مرّ على صبرة طعام فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللاً، فقال: "ما هذا أيا صاحب الطعام؟" قال: أصابته السماء يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم: "أفلا جعلته فوق الطعام ليراه الناس، من غش فليس مني، وفي لفظ من غشنا فليس منا".
وأوضح إمام وخطيب المسجد النبوي أن الغش يصدق على كل إخفاء عيب في السلعة وهكذا يكون بالإخلال في ذات السلعة أو عناصرها أو بخس كميتها أو وزنها أو الإخلال بصفة من صفاتها والقاعدة في هذا أن الغش المحرم أن يعلم ذو السلعة من نحو بائع أو مشتر فيها شئيا لو أطلع عليه مريد أخذها ما أخذها بذلك المقابل، قال ابن تيمية: "والغش يدخل في بيوع بكتمان العيوب وتدليس السلع مثل أن يكون ظاهر المبيع خيراً من باطنه"، فعلى المسلم أن يتقي الله وأن ينصح إخوانه المسلمين وأن يحذر من غشمهم وخداعهم والتحايل على أموالهم قال صلى الله عليه وسلم: "المسلم أخو المسلم ولا يحل لمسلم باع من أخيه بيعاً فيه عيب إلا بيّنه له".
واختتم "آل الشيخ" الخطبة بالتأكيد أن الغش محرم لكل مسلم أو غير مسلم كبير أو صغير لعموم الأدلة الأمر بالصدق والأمانة وبعدم الغش والتحايل قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون}، وقد جاء عن رسولنا صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من غشنا فليس منا والمكر والخديعة في النار"، فاتقوا الله أيها المسلمون وتمسكوا بمحاسن الإسلام وتعاملوا بأخلاقه العظيمة وصفاته الجليلة وراقبوا ربكم سرا وجهرا وتذكروا قول ربكم جلا وعلا: {ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين}.