الدراما السعودية وتشويه المجتمع..!

الدراما السعودية وتشويه المجتمع..!
تم النشر في

في ظل صور مشرفة مشرقة من قيادتنا وأبطال الصحة والقطاعات الأمنية والعسكرية والقطاعات الأخرى في مواجهة كورونا، تجاوزت فيها دولاً عظمى، تأبى بعض القنوات الفضائية إلا المُضي قُدمًا في منظومتها لتشويه تلك الصورة عبر دراما معاقة باهتة، تضرب في عمق الموروث الاجتماعي والقيمي السعودي.

وفي حين كنا ننتظر دراما سعودية، تُظهر لنا قصص البذل والتضحيات لجنودنا البواسل، أو قصص العطاء والتفاني من أبطال الصحة، إذا بنا نفاجَأ بدراما تقدِّم صورة مشوِّهة للعائلة السعودية في جنوب السعودية، وكأنها كتلة من الإجرام والقتل وتهريب المخدرات! فهذا مسلسل "عناقيد" عبر جزأَين لقصة باسم "عيال صالح" يظهر إمام المسجد وعائلته ككتلة من الإجرام والقتل وتهريب المخدرات، وكأننا أمام عصابات المخدرات المحترفة في المكسيك، أو عصابات المخدرات في جنوب لبنان التي تتمسح في ظاهرها بمسوح التدين؟! والمخجل والمؤسف معًا أن الحبكة الدرامية والأداء التمثيلي لتلك القصة ظهرا باهتَين ومليئَيْن بالثغرات، وكأننا نشاهد أحد الأفلام الهندية أيام السبعينيات الميلادية.

موقف سمو أمير منطقة عسير تركي بن طلال تجاه ذلك كان موقفًا مشرفًا، مليئًا بالعزة والغيرة على موروثنا وقيمنا وعاداتنا.. وهو الرجل الذي يمثل صورة مشرقة، تتوافق وتطلعات قيادتنا الرشيدة لتحقيق رؤية ٢٠٣٠، بوصفه شخصية قيادية، تجمع بين الإدارة والدراية، والأصالة والمعاصرة، ممزوجة بالحزم والعزم وسرعة الإنجاز.. إذ أصدرت إمارة المنطقة بيانَيْن حول تلك القصة الدرامية التي تضمنت الكثير من التشويه والإساءة لأهلنا في الجنوب، وتاريخ المنطقة العريق، وعاداتها وتقاليدها. وطالب أحد البيانَيْن بوقف بث الحلقتَيْن، وسحبهما من جميع منصات التواصل الإعلامي، بل مطالبة القناة بإنتاج إعلام، يبرز مكانة منطقة عسير التاريخية والحاضرة. كما تضمن البيان المطالبة باعتذار صريح للمنطقة وإمارتها وأهاليها.

وبغض النظر عن أي مسلسل، فالعجيب أن بعض القنوات تتلذذ في إظهار الشخصية السعودية بصورة مشوَّهة مبتورة عن ثوابتها!! فهي في بعض أحوالها إما شخصية أقرب للانحلال والصدام مع قيم الحياء والشرف والعفة والكرامة، أو يشوبها تعاطي المسكرات والفساد، أو شخصية غارقة في التكفير والقتل. فلا أدري هنا عن قيم مَن يتحدثون؟ وثقافة مَن يستعرضون؟ وعن أي أهداف يريدون تحقيقها؟

أما الرسائل المبطنة والخفية في بعض تلك المسلسلات فحدِّث ولا حرج!!

ومن منطلق أن الدراما أداة حساسة في تشكيل ثقافة وقيم ومفاهيم المجتمعات، وهي قوة ناعمة، يمكن أن تقلب المفاهيم والقناعات في المجتمعات من خلال فيلم شيق، أو مسلسل آسِر، فدعونا نتساءل عن الدراما السعودية في قنواتنا الحكومية، ومدى توافقها مع رؤية 2030.

وأعتقد أن الدراما السعودية المحلية التي منها ما يظهر في قنواتنا الحكومية ما زالت تركز على إظهار المواطن كشخص ساذج، أو عنصري أهوج، أو مختل عقليًّا، أو غاية في التطرف؟!! من خلال مسلسلات تفتقر لتعزيز أصالتنا والإرث المجتمعي. والمؤسف أنها لا تكاد تخلو من التهريج والتسطيح الفكري!!

والتساؤل الذي أطرحه لمعالي وزير الإعلام المكلف د. ماجد القصبي: أين إعلامنا من الدراما المعززة لثوابتنا وأصالتنا؟ أين هي من قصص البذل والتضحية والعطاء في المجتمع؟ ماذا عن قصص التضحيات في الحد الجنوبي؟ وأين هي من قصص جنودنا البواسل في مواجهة التطرف؟ وهل يمكن إيقاف الإغراق في دراما التهريج؟

أكثر ما يؤلم في الدراما السعودية أنها لا تتوافق بعمق وقوة مع رؤية 2030، وتهمل جانب تعزيز قيم المواطنة والتضحية والعطاء، وتشكيل رأي عام محفز لأهداف الرؤية وروحها وقلبها.

وأقول لمعالي الوزير المكلف، وهو مَن يتصف بقدر عالٍ من القيادة والحصافة، والمسؤولية، والجاهزية للتطوير، إن المجتمع ينتظر منه ما لا ينتظر من غيره. فمواجهة التحدي الذي تطرحه علينا الهجمات الإعلامية الشرسة، وحملات التضليل والتشويه المقننة لقيمنا وحكامنا وشعبنا وأصالتنا، تقتضي قدرًا كبيرًا من الإرادة والشجاعة والطموح، ممزوجًا بالجرأة والاحترافية.

نحن –بلا شك- في أمسّ الحاجة إلى دراما سعودية محترفة، تعزز أصالتنا وثوابتنا وإرثنا المجتمعي العريق.

نريد أن يظهر السعودي فيها شامخًا بأصالته، محافظًا على ثوابته، مضحيًا من أجل قيمه ووطنه وقيادته.. وليس مجرد أرجوز مهرج كما هو الحال في الكثير من الدراما المحلية!!

يقول أمير رؤية 2030 في افتتاحيتها جملة صادقة عميقة: "نحن نملك كل العوامل التي تمكِّننا من تحقيق أهدافنا معًا، ولا عذر لأحد منا في أن نبقى في مكاننا، أو أن نتراجع لا قدر الله".. فلا عذر لنا في ذلك.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org